استغلّ قياديو مجموعة من أحزاب اليسار فرصة التئامهم في الذكرى الأولى لوفاة أحمد بنجلون، والتي أحياها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان الراحل كاتبا عامّا سابقا له، تحت شعار "وحدة اليسار من أجل بناء ديمقراطي"، لممارسة نقد ذاتي لتجربة اليسار، واستشراف مستقبله، في ظل التشرذم الذي تعيشه مكوّناته، وهوَ ما أدّى إلى إضعافها. عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، لمْ يتردّد في الاعتراف بأنَّ اليسار المغربي يوجدُ في مأزق، إذ قالَ إنّ اللحظة السياسية التي أفرزتها انتخابات 2011 التشريعية، والانتخابات المحليّة الأخيرة، تسائل اليسار، كتنظيمات سياسية، حول تأثيره في الساحة السياسية، مضيفا: "اليسار متعدّد، لكنّه مُبلقن، ونحن بحاجة لبناء يسار كبير تكون الفدراليّة التي تجمع عددا من مكوّناته لبنته الأساسية". وأضافَ المتحدّث "أنّ الانتخابات، وإن كانت تعرف تزويرا على مستوى القانون واستعمال المال، لكن هذا ليس كافيا لتبرير النتائج التي يحققها اليسار"، معتبرا "أنّ هناك أزمة، ويجب العمل على التجميع وإعادة البناء، وعلينا كمناضلين وقيادات التفكير في إخراج اليسار من أزمته، وإلا فسيكون مهددا". ويظهرُ أنَّ الأحزابَ اليسارية المنضوية في فدراليّة اليسار باتتْ مقتنعة بالعمل على التغيير من داخل المؤسسات، إذ قال عبد السلام العزيز: "نتمنى حُضورا في مستوى قوة اليسار في الانتخابات القادمة"، وأردف "لسنا دائما مع مقاطعة الانتخابات، نحن مع النضال داخل المجتمع وتكامله مع النضال داخل المؤسسات". من جهته قالَ مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، ضُعفُ اليسار وتشرذمه "ساعد المخزن والوصولية الرجعية على الالتفاف عليه"، داعيا رفاقه في الأحزاب اليسارية إلى توحيد الصفوف، "لأنّ النظام يحاول العودة إلى ما قبل 20 فبراير"، على حدّ تعبيره، معتبرا أنَّ اليسار يتحمّلُ نصيبا من المسؤولية في ذلك، لعدم قُدرته على قيادة وتأطير حَراك حركة 20 فبراير. من جهته انتقد الكاتب العامّ لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، عبد الرحمان بنعمرو، الأوضاع الاجتماعية السائدة في المغرب، بقوله إنها "تزداد سوء وتدهورا، كمّا وكيْفا، على كافة المستويات"، وفضّل بنعمرو استعمال كلمة "الُحكم" وليس الحكومة، حينَ حديثه عنْ أسباب الأوضاع الاجتماعية الحالية، والتي قالت إنّها نتاج "ممارسة وتنفيذ الحُكْم اختياراتٍ لا شعبية ولا ديمقراطية". وفيما يتعلّق بالانتخابات، طالبَ بنعمرو بتخفيض العتبة، "ليس لأننا ضعفاء كما يدّعي البعض، بلْ لأنها تمَكّن من التعددية السياسية، التي نادى بها دستور ألفين وأحد عشر"، واتّهم الكاتب العامّ لحزب الطليعة الأحزابَ الممثلة في البرلمان بكونها تحوز العتبة "عن طريق الغش والنفوذ وتواطؤ مباشر وغير مباشر مع السلطة".