وجهت الجزائر عبر صحيفة "الفجر" المحلية، اتهامات صريحة إلى الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، بشأن ما اعتبرته "تهجما على الجزائر ومحاولة مبيتة للتأثير على السياسة الأمريكية"، خلال الاستقبال الذي خصصه زعيم الاستقلاليين للسفير الأمريكي، دوايت بوش، الثلاثاء الماضي بمقر الحزب بالرباط. وأوردت الصحفية أن السفير الأمريكي تلقى رسائل تحريضية من الأمين العام لحزب الاستقلال ضد السلطات الجزائرية، حين اتهمها بالاستعمار، رابطة هذه الاتهامات بسياق ما أسمته "إعادة استنساخ مزاعمه المعهودة حول أحقية الرباط في تندوف وبشار الجزائريتين". تصريحات شباط حول موقف حزبه من الجارة الشرقية، والتي اعتبرها دولة مستعمِرة باحتلالها عددا من المناطق المغربية الشرقية؛ كتيندوف وكولوب بشار وقنادسة وغيرها من المناطق المغربية، لم تَرُق للصحفية الجزائرية، واصفة إياها ب"التصريحات الاستفزازية". كاتب المقال لم يتوان في تقريع الأمين العام لحزب الاستقلال على موقفه من الأحداث التي تعرفها الجزائر، معتبرا أن "شباط حشر نفسه في الشأن الداخلي للجزائر دون مناسبة"، في إشارة إلى تصريحاته بشأن تعديل الدستور الجزائري. ولم يخف شباط رأيه حول ما يروج في البيت الداخلي للجزائر التي تعيش مرحلة سياسية دقيقة بعد تعديل الدستور، حيث أكد، خلال المناسبة ذاتها، أن الدستور الذي اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وصادق عليه البرلمان الجزائري، مؤخرا، يعد نسخة طبقة الأصل من الدستور المغربي، داعيا حكام قصر المرادية إلى سلك التجربة نفسها التي بصم عليها المغرب، والمحافظة على استقرار البلاد. ووضعت الصحيفة اليومية في مقالها الذي حمل عنوان "الرباط تحرّض بوش على الجزائر!"، تصريحات زعيم الاستقلاليين ضمن ما سمتها "معركة دبلوماسية" تخوضها الرباط على مستويين، الأول يتمثل في الضغط على الجزائر في اتجاه فتح الحدود المغلقة، والثاني، محاولة كسب مواقف مؤيدة للأطروحة الحكم الذاتي بشأن الصحراء المغربية، تضيف الصحيفة. ولم يكتف صاحب المقال بالتعقيب على ما صدر عن شباط، بل تعداه إلى تأويل السياسية الخارجية للمغرب، وبالضبط حركة التعيينات الجديدة في صفوف السفراء، حيث قال إن تعيين سفراء سياسيين لا ينتمون إلى السلك الدبلوماسي يشكل خطوة لتنفيذ مهمة سياسية في أجندة الدولة، أو الرفع من مستوى العلاقات مع الدول الأخرى حول ملف الصحراء. صرف الأنظار محمد الهاشمي، أستاذ العلوم السياسية، أوضح أن هذه الاتهامات تدخل في سلسلة من التراشق الإعلامي الممتد منذ مدة بين البلدين بخصوص النزاع القائم حول الصحراء المغربية، مضيفا أن الإعلام الجزائري دائما ما يعالج التصريحات والمواقف المغربية بسوء نية، ويعمل على تأويلها وتضخيمها من خلال خلق هالة إعلامية. "ويمكن اعتبار هذا النهج في التعاطي الإعلامي مع المغرب، محاولة لصرف الأنظار على عملية تمرير الدستور الجزائري بالطريقة التي مرر بها، بعدما تمت المصادقة على التعديلات التي اقترحها الرئيس بوتفليقة، من طرف البرلمان المتحكم فيه من طرف النظام، وليس عبر استفتاء شعبي كما تقتضي المادة 174 من الدستور"، يقول الهاشمي. الباحث في مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الإنسانية أضاف أن مهاجمة المغرب جزء من خطة تصريف الأزمة السياسة التي تعيشها الجزائر، والتي تقتضي، في نظره، جر الرباط إلى مستنقع بيتها الداخلي. تغليط الرأي العام ورصد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية، مجموعة من المغالطات التي وردت في مقال الصحيفة الجزائرية، حيث أوضح أن تضمين المقال لصورة الملك تم بشكل تعسفي في موضوع يتعلق بموقف رئيس حزب سياسي، وأشار إلى أن العنوان ينطوي، بدوره، على تغليط للرأي العام الجزائري، بعدما نسب صاحب المقال موقف الأمين العام لحزب الاستقلال إلى الدولة، وجعله يبدو موقفا رسميا للرباط. العمراني قال إنه "من غير المستساغ إطلاقا أن يتم تحميل الدولة موقف حزب سياسي، خاصة أنه ينتمي إلى صف المعارضة، ما يوضح جهل صاحب المقال بالمشهد السياسي المغربي"، مضيفا أن مواقف المغرب الرسمية بشأن القضايا الخارجية تظل دائما من اختصاص رئيس الدولة، وهو الملك. وبشأن تصريحات شباط، أكد العمراني أن الموقف المعبّر عنه ليس بجديد، بل يندرج ضمن العقلية السياسية وأدبيات حزب الاستقلال، الذي لطالما طالب زعماؤه، على مر التاريخ، باسترجاع مناطق تندوف وبشار، وتحرير ثغري سبتة ومليلة.