بالرغم من خروج مظاهرات حاشدة لحركة عشرين فبراير في جل المدن المغربية، لكن حدة هذه المظاهرات واستمراريتها اختلفت من مدينة إلى أخرى، حيث كانت المدن الكبرى الأكثر سخونة، بعد أن كانت شاهدة على أكبر المظاهرة الرافعة لشعار إسقاط الفساد والاستبداد، وإعادة الكرامة للمواطن. مطالب الحركة التي جاءت في خضم محيط إقليمي متوتر، اختلفت حدته من دولة إلى أخرى، وتخلصت هذه المطالب في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ومحاربة اقتصاد الريع والفساد والاحتكار، حيث عمت الاحتجاجات العديد من المناطق عبر تنظيم مسيرات ووقفات أسبوعية، واختلف حجم التأطير والنفوذ الذي يحظى به أفراد الحركة في كل منطقة. وتبعا لذلك، وبالعودة إلى الفترة الزمنية أيام اندلاع الشرارة الأولى لحركة 20 فبراير، فقد كان الحراك في الأقاليم الجنوبية للمملكة باهتا، حيث لم يكن بتلك الحدة التي كان عليها في مدن كطنجة والدار البيضاء والرباط، وغيرها من المدن التي صدحت فيها حناجر شباب الحركة بمطالب الحرية والكرامة. شبح أكديم إيزيك رحال بوبريك، رئيس مركز الدراسات الصحراوية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، استحضر أشهر حراك عشرين فبراير قبل خمس سنوات، وحتى بعض الاحتجاجات التي عرفتها الأقاليم الصحراوية قبل ذلك بسنوات، حيث عرفت بعض الأحداث منذ 2005، وما عقبها من مطالب اقتصادية واجتماعية، في حين أن شبح مخيم أكديم إيزيك خيم على احتجاجات الحركة، بعد أن بدأت المطالب اجتماعية في البداية، وكانت لها تداعيات وخيمة بمدينة العيون خلال 2010. وقال بوبريك في تصريح لهسبريس، بأن الفاعلين أصبحوا يشعرون بالهجوم من الإعلام تجاه الصحراويين، وأصبح هناك تداخل بين من هو سياسي وانفصالي، وخيم نوع من الانزواء عقب ما حدث في أكديم إيزيك، وهذا ما أثر على الحركة. أما الباحث خطري الشرقي، فيرى أنه بالصحراء كان حضور الحراك الاحتجاجي في إطار عشرين فبراير كان مقتصرا على الأيام الأولى للوقفات، وتركز بكلميم والسمارة وطنطان ثم أحيانا العيون وبوجدور، وحملت من خلاله الفئات المحتجة مجموعة من الشعارات ارتهنت بالأساس بتحقيق شعار العدالة الاجتماعية وتوفير البنيات التحية. وذكر الشرقي في تصريح لهسبرس، على أن هذا الحضور بالصحراء من حيث الشكل والجوهر اقتصر على فئات معينة، خاصة رجال التعليم وبعض المعطلين، على العكس في مناطق طنجة وأكادير ومراكش حيث هناك انصهار جميع أطياف المجتمع وكانت مشاركة المنتمين للعدل والإحسان وكذا أصحاب التوجه اليساري. وعرج المتحدث ذاته، على مكونات الحركة في الأقاليم الصحراوية، حيث قال إن "الملاحظ أن العلاقات الاجتماعية بين مختلف مكونات الحركة بالصحراء كانت في غالبية الأحيان يشوبها عدم الانسجام وهذا اثر سلبا على استمراريتها عوض أن يجمعها هم واحد متمثل في رفع الإقصاء والتهميش وتسيطر ملف مطلبي يخدم المصلحة العامة"، وتبعا لذلك يمكن الوصول إلى ثلاث ملاحظات أساسية حول وجود الحركة بالأقاليم الصحراوية. المحددات الثلاث للحراك بالصحراء ومن أبرز هذه المحددات يقول الشرقي خطري، أن وجود الحركة بالصحراء كان في إطار سياقات إقليمية ووطنية ونتائج تلك الاحتجاجات كان لها اثر واضح على استمرارية الحركة في الصحراء والذي كان زمنيا اقل بالمقارنة مع باقي مناطق المغرب. أما المحدد الثاني بحسب الباحث في الشؤون الصحراوية، هو التركيز في الملف المطلبي على العديد من الأمور التي تهم بالأساس شعار العدالة الاجتماعية ومحاربة البطالة وتوفير فرص الشغل دون الخوض في المحركات الأخرى للاحتجاج والتي اختلفت من منطقة إلى أخرى وهذا الجانب كان نقطة ضعف في استمرارية الحركة في المغرب. ثالثا، يضيف المتحدث ذاتهن أن عدم تناغم وانسجام مكونات الحركة على المستوى الوطني أو المحلي كانت له نتائج عكسية، على ملفها المطلبي، ونفس الأمر ينطبق على منطقة الصحراء وحضور الذاتية لأفراد غالبيتهم غير منتمية لأي لتوجهات سياسية.