دعا المشاركون في الدورة السابعة لمنتدى الأمن بمراكش، إلى التنسيق المحكم على مستوى الاستراتيجيات الرامية إلى مكافحة الإرهاب، وإرساء جميع الآليات الكفيلة بمحاربة هذه الظاهرة على المستوى الوطني. وأكد المشاركون، من خلال التوصيات التي توجت أشغال المنتدى الذي نظم على مدى يومين تحت رعاية الملك محمد السادس حول موضوع "إفريقيا في حرب ضد الجهادية الدولية"، على ضرورة قيام كل دولة على حدة ب"تدبير الحقل الديني حتى لا يتم استغلال الدين أو تحريفه خدمة لأغراض تخريبية"، وكذا النهوض بتنمية بشرية تأخذ بعين الاعتبار تطلعات وانتظارات الشباب. وأوصوا، أيضا، بتبني شكل جديد من الحكامة الشاملة والمحلية الكفيلة بتلبية تطلعات الساكنة على امتداد المجال الترابي للدول، إلى جانب إشراك كافة الفاعلين، ولاسيما، المجتمع المدني وأصحاب الرأي في كل القضايا المتعلقة بالسلم والأمن والتنمية. كما تضمنت التوصيات التأكيد على أهمية تعزيز وغرس قيم المواطنة، وكذا تقوية الجانب المتعلق بالقدرة الاستباقية لمواجهة المخاطر والتهديدات، فضلا عن السعي إلى النهوض بالشراكة من خلال إرساء تعاون محلي إقليمي ودولي، وتقاسم المعلومات والتجارب على الصعيد الإقليمي. ومن جانب آخر، دعا المتدخلون إلى القيام بمبادرات سياسية وطنية من أجل تشجيع بعض الفئات من المقاتلين المنضمين لصفوف التنظيمات الإرهابية على ترك هذه التنظيمات والاستفادة من برامج خاصة لإعادة الإدماج في المجتمع، وكذا اتخاذ الإجراءات الانتقائية والضرورية بغية تجفيف منابع دعم الحركات الإرهابية من قبل المنظمات الاجتماعية والإثنية. وعلى الصعيد الإفريقي، شددت التوصيات على أهمية تقوية قدرات الدول الإفريقية من أجل تحسين المستوى التقني لمصالحها الأمنية بشكل يتيح لها مراقبة أفضل لشبكات التواصل الاجتماعي التي أضحت تشكل الطريقة المفضلة للتواصل مع المقاتلين الإرهابيين وتجنيدهم. وفي ما يتعلق بتمويل التنظيمات الإرهابية، أبرز المتدخلون ضرورة تعزيز الآليات الإقليمية المرتبطة بمكافحة تمويل الإرهاب، عن طريق توسيع الرقعة الجغرافية لعمل هذه الآليات حتى يتسنى إدراك البعد الحقيقي لهذه الظاهرة، مع مضاعفة مستوى اليقظة لمراقبة المصادر المشروعة وغير المشروعة لتمويل الإرهاب. كما نصت التوصيات على أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة الكفيلة بإيجاد الحلول المستدامة لظاهرتي التمرد والانفصال اللتين تشكلان في بعض الحالات قاعدة خلفية للحركات الإرهابية، إضافة إلى ضمان مراقبة ناجعة للحدود. ودعا المشاركون، في هذا السياق، إلى بذل جهود مشتركة وفردية للحد من ترويج الأسلحة الخفيفة بمختلف مناطق القارة الإفريقية، والقيام بتحديث المصالح الأمنية حتى تكون في مستوى مواجهة تحديات المرحلة الراهنة. ومن جهة أخرى، أكد المشاركون على تعزيز المؤسسات والشبكات الإقليمية للفاعلين في المجتمع المدني والخبراء حتى يتسنى لها الاشتغال على القضايا المتعلقة بمحاربة الإرهاب وتوطيد السلم في إطار من التنسيق. ومما جاء في التوصيات، أيضا، الدعوة إلى تحفيز المجموعات المحلية على الانخراط في مخططات العمل الرامية إلى مكافحة الإرهاب والجريمة، إلى جانب وضع أرضية دولية تعنى بالأساس بالوقاية من الإرهاب في مجال الاستعلامات بغية تحسين عمل الدول على المستويين الإقليمي والقاري، علاوة على بلورة استراتيجية شاملة مرتبطة بأمن الأنظمة المعلوماتية في جميع الدول الإفريقية. وتميز اليوم الأخير من هذه التظاهرة، بمنح المغرب، في شخص محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية ورئيس الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، الجائزة الدولية للاستشراف والبحث الاستراتيجي. وقد سلمت هذه الجائزة من قبل مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية (منظمة استشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة) وأيضا من طرف المعهد الإفريقي للجيو-سياسة ومرصد التهديدات الإرهابية والتطرف والمخاطر الإجرامية (معهد إفريقي)، وذلك اعترافا بجهود هذا الخبير في تثبيت الأمن والاستقرار في إفريقيا. وعرف هذا المنتدى، المنظم من قبل المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، أزيد من 200 مسؤول عسكري ومدني وخبراء في الأمن وممثلي منظمات دولية من أجل بحث واستعراض ومناقشة الحلول الناجعة لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب السائرة في التنامي وخاصة بالقارة الإفريقية. وشكل هذا المنتدى فضاء لتبادل التجارب والخبرات ومناقشة مواضيع هامة حول الرهانات الأمنية الكبرى التي تواجه القارة السمراء، كما مثل أرضية وفضاء مستقلا لتعميق التفكير وفهم هذه الظاهرة التي أضحت تؤرق كافة دول العالم، وكذا تبادل الممارسات الفضلى في مجال مكافحة الإرهاب واجتثاث منابعه. وناقش المشاركون في هذا المنتدى عددا من المحاور التي تكتسي راهنية وهمت "تطور وتحول التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللا متماثلة" و"استراتيجية تدبير عودة المقاتلين الارهابيين من بؤر التوتر"، و"التطرف الراديكالي بإفريقيا : داعش، القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، حركة الشباب بالصومال" و"الاقتصاد غير المشروع لتمويل الإرهاب" و" الأرضية والأسس الاجتماعية لتنظيم داعش : خزان هائل للمجندين". كما شكل المنتدى مناسبة لعرض النموذج المغربي في مواجهة التطرف العنيف، ولاستعراض التحديات الأمنية المطروحة على مستوى الاستخبارات وتبادل المعلومات، وتبيان حدود المكافحة الشاملة للإرهاب، فضلا عن التحديات التي يطرحها الإرهاب والجريمة المنظمة والمتمردون على مستوى مراقبة الحدود بإفريقيا.