كلما برزت قضية فساد وسوء تدبير أو تقدير تثير غضب فئة أو فئات من الشعب المغربي تنتفض ضدها، تكون العدل والإحسان التي تدعي " الطهرانية والنزاهة" هي الجهة المحركة للغضب الشعبي من أجل أهداف "سياسوية رخيصة" !! رغم بيانات التنسيقيات الوطنية وتصريحات مسؤوليها باستقلالية قراراتها في تدبير ملفاتها المطلبية المشروعة، لكل من التنسيقية الوطنية لطلبة كلية الطب والأطباء المقيمين والأطباء الداخليين، والتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين... تصر الحكومة على تسييس الملفات المطلبية الاجتماعية، وذلك باتهام جماعة العدل والإحسان بركوب مثل هذه القضايا لأهدافها الخاصة !! اليوم، حزب من أحزاب الحكومة يصدر فرعه بمراكش بيانا يتهم فيه أطباء منتمين إلى جماعة العدل والإحسان بالتحالف مع المفسدين للقيام بحملة مناهضة ضد الرفيق رئيس هيئة الأطباء بجهة مراكش. لعل من صاغ البيان لم يعرف حمولة بعض الكلمات الواردة في نصه، من قبل: "... أوساط متطرفة تنتمي لجماعة العدل والإحسان متحالفة مع بعض المفسدين وتنتمي – مع كامل الأسف – للمجلس الجهوي لنفس الهيئة..." لست هنا بصدد الرد على البيان المستهجن، بدل أعضاء هيئة أطباء مراكش عن اتهام هذا البيان بعض أعضائها بالفساد. لست أيضا ممثلا لطلبة كلية الطب أو الأطباء الداخليين أو المقيمين، كما لست مفوضا عن أساتذة الغد الذين ينافحون على قضاياهم المشروعة، والذين ينتمون بالتأكيد لهذا الوطن ويرغبون في خدمة الصالح العام من تعليم التلاميذ وعلاج المرضى بعيدا عن الألوان السياسية. إنها أهداف سامية لا تقبل المزايدة ولا التشكيك. إنما أطرح أسئلة واضحة على الحكومة وهي في نهاية ولايتها، سوف يسألها الشعب المغربي في نهاية ولايتها: هل تقر حكومتنا الموقرة بالفشل في تدبير الملفات الاجتماعية والاقتصادية؟ أم تستمر في استغباء الناس وتكميم أفواه الخطباء وعزل النزهاء؟ هل القرارات السياسية ترجع فعلا لها أم لحكومة الظل؟ لم تُرجِع سبب تعثرها للعدل والإحسان، والتي أصبحت من جديد تزعج المخزن لكثرة أنشطتها أم لجرأتها في تشخيص واقع المغرب ورؤيتها في تقويم الشأن العام؟ فشِلتم في تدبير قضايا مجتمعية حساسة تهم فئات عريضة من المجتمع المغربي، مما عمَّق الفجوة بين طبقات المجتمع المغربي، وأصبح النمو بوثيرتين: فئة تزداد ثراء وأخرى تزداد استضعافا. لم تستطيعوا فصل الثروة عن السلطة. بل عضَّدَ الفساد السياسي الفساد الإداري وأصبح الفساد مركبا والاستبداد مضاعفا. أمر جعل فئات عريضة من الشعب المغربي تكتوي بنيران غير متوقعة ممن أرادوا الإصلاح من الداخل. سرعان ما تحول إصلاح البيت من الداخل إلى إفساد مسار التغيير والتشويش على أنصاره باتهامهم بالتحريض ضد الاستقرار السياسي. إن العدل والإحسان مكون مجتمعي مهم في المشهد المغربي. تعمل على تربية الناس على قاعدة الرفق والوضوح والشمولية، بعيدا عن العنف والغموض والارتجال. لعل هذه القاعدة الصلبة تزعج أهل الفساد والاستبداد، لذا لا مجال للعدل والإحسان في القرب من الناس ومعالجة قضاياهم لتحقيق العدالة والحرية والكرامة. بذلك أصبحت الصورة مقلوبة: من ينشد الإصلاح أضحى حليف أهل الفساد، ومن يرغب أن يكون في قلب منظومة بناء المجتمع صار متطرفا !!