لم يكن بلاغ وزارة الداخلية موفقا في الإحتماء بنظرية المؤامرة في تبرير حادث ممارسة العنف المفرط ضد الأساتذة المتدربين، ولم يكن الدعم الإعلامي الذي قدمه مسؤولون في حزب العدالة والتنمية من خلال الإدعاء بوجود توظيف سياسي لهذه القضية مقنعا. القول بأن جماعة العدل والإحسان تحرك خيوط هذه القضية يعني بالنسبة للعقلاء أن الحكومة هي التي تتعمد التوظيف السياسي لهذه القضية من خلال إقحام جماعة العدل والإحسان، وهو نفس التوظيف الذي سعت إليه خلال احتدام أزمة الأطباء الداخليين والمقيمين، وهو نفسه الذي احتمت فيه الحكومة أثناء احتجاج طلبة كلية الطب، وغير ذلك كثير من الأمثلة التي بحثت فيها الحكومة وذراعها السياسي عن تحريف مضامين القضايا الخلافية التي أثيرت خلال السنوات القليلة الماضية. من السهل جدا إلصاق التهم باعتبار ذلك الطريق السهلة والمريحة للتخلص من المشكلة بيد أن الصعب هو أن تتمكن الحكومة من تدبير الخلافات بما يساعد على حلها خصوصا أن ذلك يدخل في صلب اختصاصاتها ومن صميم مسؤولياتها. لذلك لا يملك المواطن إلا الدعاء للحكومة بالهداية من اتهام الناس بالباطل كلما وجدت نفسها في ضائقة سياسية. ولعل الحكومة - من حيث تدري أو لا تدري - تعمل على إعطاء دور كبير لجماعة العدل والإحسان، ذلك أن الإدعاء بأنها وقفت وراء احتجاجات الأطباء المقيمين والأطباء الداخليين وأنها تقف اليوم وراء احتجاجات الأساتذة المتدربين فإن ذلك يعني الإقرار بأن هذه الجماعة قوية ومتمكنة من تأطير فئات وشرائح عريضة من المجتمع. ولعل الحكومة توظف هذه الورقة الحارقة للمارسة التخويف والترهيب. الحقيقة أن جماعة العدل والإحسان لا علاقة لها بما تدعيه الحكومة، وقد يكون بعض الأساتذة المتدربون ينتمون إليها كما ينتمي آخرون إلى أحزاب وتنظيمات. أما عن التوظيف السياسي فلا أعلم ما إذا كانت الحكومة تدري أنه من أبجديات الديمقراطية أن تسارع مكونات المعارضة السياسية إلى التفاعل مع الحركات الإحتجاجية بما يضيق الخناق على السلطة التنفيذية. لا بد من الختم بالقول بأن الحكومة مطالبة بتفسير ما يحدث للرأي العام بما يضمن احترام المواطنين لها، لا أن يحتقروها!!