تباينت المواقف بين فرق المعارضة والأغلبية الحكومية إزاء حصيلة الدورة الخريفية المنتهية للبرلمان، إذ أن الأغلبية أشادت بالعمل البرلماني المُنجز، واعتبرته حصيلة إيجابية ومشرفة، بالنظر إلى ما تم تشريعه تحت قبة البرلمان، بينما المعارضة تجدها حصيلة متواضعة لا ترقى لتُنسب إلى المؤسسة التشريعية. وصوت مجلس النواب في الدورة الخريفية التي انتهت يوم الأربعاء الفائت، على 61 نصا تشريعيا، وتتمثل في التصويت على 55 مشروع قانون، ضمنها 4 مشاريع قوانين تنظيمية، وعلى أربعة مقترحات قوانين، بينما صادق مجلس المستشارين على حوالي 30 مشروع قانون في مجالات العدالة، والبيئة، والصحافة والنشر، والتجارة الخارجية.. ووصف حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، حصيلة الدورة الخريفية للغرفة الثانية بأنها "لا بأس بها"، ولا ترقى إلى ما هو مطلوب منها، معتبرا أنه لم يتم استثمار كافة الفرص التي يتيحها الدستور، باعتبار أن ذلك يحتاج إلى فطر سياسي جديد، وتشبع بالديمقراطية، وهو ما لا يتأتى بين عشية وضحاها". ومن جهته أبدى رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، اعتزازه بما وصفه بالحصيلة الإيجابية والمشرفة لأداء المجلس خلال الدورة الخريفية، خاصة عند مصادقته على مجموعة من القوانين التنظيمية، التي تهم النظام الأساسي للقضاة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وشروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية. الدكتور عثمان الزياني، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الرشيدية، اعتبر أن الدورة الخريفية للبرلمان لم تكن بمنأى عن جملة من الإشكالات التي اعترت الممارسة البرلمانية خلال الدورات السابقة، رغم محاولات الإسراع من وتيرة إخراج القوانين التنظيمية إلى حيز الوجود". وسجل الزياني، في تصريحات لهسبريس، أن البرلمان المغربي لم يتفاعل مع مجموعة من القضايا المجتمعية، ولقي الكثير من النقد والانتقاد في طريقة اشتغاله وعمله، انسجاما مع الصورة النمطية السائدة لدى الرأي العام الوطني"، مشيرا إلى "استمرار الخلافات السياسية الضيقة بين الحكومة والمعارضة، وأيضا بين الأغلبية والمعارضة". وأردف المحلل ذاته بأن هذه الخلافات السياسية كانت تؤثر إلى حد كبير في الجانب التشريعي والرقابي، بالإضافة إلى الأزمة القائمة على مستوى الخطابة البرلمانية التي دائما ما كانت تعطل السير العادي للجلسات، مع كثرة الاحتجاجات خصوصا من طرف المعارضة". وعلى المستوى التشريعي، يضيف المتحدث، نجد هيمنة حكومية من حيث عدد مشاريع القوانين المصادق عليها، مع التهميش الممنهج لدور البرلمان، خصوصا المعارضة البرلمانية، وذلك بفعل استثمار الحكومة لآليات دستورية، وعامل الأغلبية التي تساندها، بالإضافة إلى ضعف المعارضة وعدم انسجام واتساق مكوناتها". ولاحظ الزياني أنه على مستوى العمل الرقابي، لم يستطع البرلماني أن يخرج من جبة "نائب الخدمات"، حيث يتم استغراق الرقابة البرلمانية في الأسئلة ذات البعد المحلي وبشكل مكثف، ولم يستطع البرلمان أن يبرهن على أنه في مستوى تقييم السياسات العمومية بالبلاد". وعزا المتحدث ذاته هذا النقص في الأداء البرلماني أساسا إلى "الاختلالات التي تعرفها جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة، وما هو مرتبط بطبيعة القضايا المطروحة وكيفيات التفاعل معها، مما جعل هذه الدورة الخريفية تجتر معها نفس اختلالات الدورات السابقة" وفق تعبيره.