أبدعها شباب 20 فبراير انخرط فيها وليدات الوطن انتكس فيها القياديون المنافقون، الذين على وجوههم منقلبون استجاب ملك الشباب لمطالب الشباب / فليرحل الشيوخ أفتخر أنني ولدت وسأموت مغربيا... ضرب الشعب المغربي يوم 20 فبراير موعدا مع المجد بفضل شبابه المؤتمن على ضمير الأمة والحافظ لكيانها بكل وجدانه والمتطلع للحرية والكرامة. وهكذا، فقد خرج يوم 20 فبراير شباب جميل المحيا ونقي الروح، ليبعث الأمل في نفوس المغاربة بعد أن تراكمت عوامل الإحباط لديهم لأزيد من عقد من الزمن بسبب لهفة "نخبة" سياسية متحكمة في دواليب السلطة والإدارة المغربية متناسية أن إنجازاتها منحصرة في إشاعة الريع السياسي وثقافة إفساد تدبير الشأن العام. أما إبداعاتها فقد اقتصرت على صياغة "قوالب" قانونية وتنظيمية، وفق نواميس رجعية ترجع إلى بداية القرن العشرين، والتي صيغت حينذاك لحماية مصالح الاستعمار والمعمرين الفرنسيين. فكانت تلك المنظومة القانونية ضمانة قوية لحماية مصالح هذه الزمرة من مفسدي الحياة العامة. ما علينا، هذه لحظة التغيير، لحظة انبثاق وعي جماعي هادف إلى إعادة الأمور إلى نصابها. وبالتالي، فنحن أمام تحديات يجب مواجهتها بكل إصرار و عزم. لذا يجب على كشباب 20 فبراير أن يقوم بمراجعات حقيقية لتحيين المنظومة الفكرية التي آمن بها بمختلف تلاوينها، و كذلك التفكير الجدي في ابتداع آليات نضالية حديثة يتم إعمالها لربط طموحات الماضي النضالي المشرف لقوى اليسار والحركة الوطنية بخصوصيات المرحلة الراهنة و تطلعات الأجيال الجديدة التي نهلت معارفها من التقنيات الجديدة للتواصل و الإعلام و المطلعة على مختلف التجارب الديموقراطية الدولية بفضل الثورة المعلوماتية. فغني عن البيان أن جيوب المقاومة ستواجه بكل شراسة مبادرات التغيير المعلنة وستنزل بكل أسلحتها ومرتزقتها للتقليل من آثار الموجات الارتدادية لكل دمقرطة مرتقبة، وذلك عبر خلق اصطفافات جديدة بمحاولة اختراق صفوف المناضلات والمناضلين الحاملين لمشروع التغيير. وكذلك بالترامي، بكل خسة، على هذا الحلم الجميل ومحاولة مصادرته عبر قرصنته واستغلاله لخدمة مآربهم وأغراضهم، كما جرت بهم العادة، لكونهم (كيخافوا ولكن ما كيحشموش)، كبعض مناضلي الساعة 25 الذين يتبججون بمشروعية نضالية حملوها -سفاحا- مثل نزولهم يوم 20 فبراير، بعد انتهاء المسيرة المجيدة و لحظة تفرق المتظاهرين الذين وصفوهم سابقا بالعمالة لجهات أجنبية. فسارعوا بأخذ صور( تذكارية) معهم وذلك بهدف إستثمارها يوم المزاد الغير علني أو في بورصة الريع. ووفق السيناريوهات الأكثر تفاؤلا، ستقوم هذه الشرذمة، حماية لمصالحها، بنفث سمومها وحقن الجسم الإصلاحي بفيروساتها الخبيثة لوقف تدفق دم التغيير في عروق وشرايين هذا الوطن. لكن التاريخ لن يعيد نفسه، فزمن السكتة القلبية قد تجاوزته بلادنا بفضل حركية 20 فبراير المجيدة و الدينامية التي أحدثتها، المتمثلة في احتضان جل مكونات الشعب المغربي لهذه الحركة و كذلك سرعة استجابة ملك البلاد لتطلعات هذه النخبة الجديدة. ومن أجل بلوغ الهدف المنشود، فحري بالقائمين على شؤون البلاد و العباد ألا يعيدوا إنتاج نفس خيبات ما بعد حكومة التناوب التوافقي -رحمها الله- وتفادي وقوع انتكاسة جديدة للديموقراطية لأن انعكاساتها البعدية ستكون، لا قدر الله، الضربة القاضية ورصاصة الرحمة التي ستقتل روح الانتماء لهذا الوطن وتعيد إنتاج المصير الدرامي الذي واجهه الشباب المغربي داخل قوارب الموت. وبالتالي، يجب الاستجابة وبدون تردد لانتظارات شباب 20 فبراير (الممثل الشرعي والوحيد لحركة التغيير الديموقراطي بالمغرب) وذلك عبر التنزيل النزيه والصحيح للتوجيهات السبعة التي أعلن عنها جلالة الملك في خطابه الأخير، وبصياغة مشروع دستور ديموقراطي حقيقي ضامن لوحدة البلاد في إطار تنوع وتعدد مكوناتها، حريص على فصل السلط ، نافيا كل قداسة عن الممارسة السياسية، و ربط اتخاذ القرار بصناديق الاقتراع مع إخضاع التقني للسياسي المتمتع بثقة الناخبين، وتكريس مبدأ المحاسبة وفق حكامة حقيقية تقطع مع ثقافة الزبونية والشللية التي طبعت تدبير الشأن العام المغربي لعقود عدة لكونها أنتجت ، للأسف، أسلوب تدبيري قوامه الجشع و الإنتهازية ومتميز بحرص المسؤولين على تلميع صورهم لدى أولياء نعمهم، الذين أنزلوهم في مواقعهم ببراشوتات عابرة للقارات (...) و كذا تسخير المال العام للبهرجة والتضليل عوض استثماره لخدمة الصالح العام. فتم القضاء على كل مبادرة هادفة إلى التأسيس لثقافة تدبيرية جديدة قائمة على تأصيل الحكامة، كسياسة عمومية و ممارسة إدارية يومية و عدم الانخراط في بناء إدارة مغربية نزيهة وشفافة وقادرة على معالجة القضايا التي تلامس انشغالات المواطنات والمواطنين المغاربة وكذلك قادرة على الاستجابة لحاجياتهم الضرورية في إطار الإمكانيات المتوفرة، دون الاعتماد على حلول ترقيعية لتفادي الوقفات الاحتجاجية التي تفضح ردائتهم. وعليه، فإن بناء الدولة الديموقراطية الحديثة تستوجب تكامل الأدوار بين مختلف الفاعلين السياسيين بالمغرب. فكما طبعت الجرأة والشجاعة السياسية ملك البلاد عبر تخليه عن سلطات واسعة ورثها من الملكية الحسنية المطلقة، فعلى الأصنام المستعبدة للأحزاب السياسية أن تقتنع بأن الحياة السياسية المغربية قد تشبعت بعقيدة التغيير، لذا فتجسيد هذا التغيير لا يمكن أن يتم بنفس الوجوه التي عافها الشعب المغربي وتقزز من انتهازيتها (...).وعوض الادعاء بأن الإصلاحات المنتظرة ستكون استجابة لنضالها المزعوم و"دعمها" الملغوم لشباب 20 فبراير، فإننا نقول لشيوخ السلفية الإنتفاعية: اخجلوا من أنفسكم، ولا تفسدوا علينا لحظة الإنعتاق من شرنقة الاستبداد. فالإنجاز الوحيد لهذه الأصنام، خلال مقامها بالسلطة، لم يتجاوز سكوتها وتجمدها في مكانها منتظرة العطايا من أولياء النعم والهدايا من المريدين والأعيان الطامعين في نفوذ سياسي معين. وكما طالبنا الدولة في 20 فبراير بالتغيير، فسنصدح عاليا في الوقفات المقبلة مطالبين هذه الزمرة بالرحيل لكونهم أحد أهم أسباب الانتكاسة السياسية ببلدنا، وبقاؤهم في المشهد السياسي المغربي يعني دوام لهذه الأوضاع الشاذة التي عانت منها بلادنا و تقويض لكل إرادة إصلاح جديد كما سنطالب بمحاكمة رموز الفساد وتفعيل تقارير المجلس الأعلى للحسابات. لذلك نسألهم الرحيل قبل فوات الأوان.