يستعد الصينيون في شتى بقاع الأرض للاحتفال برأس السنة الصينيةالجديدة، التي تصادف هذه السنة "عام القرد"، حسب منازل القمر في التراث الشعبي الصيني، والتي توافق ليلة السابع من شهر فبراير من عام 2016. وتعد هذه المناسبة أهم الأعياد لدى الأمة الصينية، وأكثرها إثارة للبهجة والسرور، توارث تقاليدها الشعب الصيني عن أسلافه، منذ أكثر من أربعة آلاف سنة، إذ يجتمع فيها أفراد العائلات، ويتم تبادل الزيارات، ويتلقى الأطفال هدايا ومبالغ ماليَّة في أظرفة حمراء من عائلاتهم. وقد أصدر بنك الصين منتصف شهر يناير قطعة نقدية جديدة من فئة 10 يوان، كما أصدر بريد الصين طوابع بريدية جديدة، وسم عليها رمز القرد، احتفاء بعام "القرد" الجديد. رأس السنة القمرية الصينية يعتمد تحديد رأس السنة الصينية على التقويم القمري والشمسي معا، ويختلف موعده من سنة إلى أخرى، ولكنه يأتي دائما بين أواخر يناير ومنتصف فبراير. وتُقيَّم السنة الصينية بمنازل القمر على أسماء الحيوانات. ويوجد 12 منزلا في الدورة، بدءا بسنة الفأر، تعقبها سنوات الثور، والنمر، والأرنب، والتنين، والحية، والحصان، والخروف، والقرد، والديك، والكلب والخنزير. وتقول الأسطورة الصينية إن "بوذا" دعا كل الحيوانات للمجيء إليه قبل أن يرحل عن الأرض، ولم يأت سوى 12 حيوانا لتوديعه، ومكافأة لها على ذلك سمى كل سنة باسم كل واحد منها، حسب ترتيب وصولها. وليس الصينيون فقط الذين يحتفلون بهذه المناسبة، وإنما أيضا الجماعات العرقية الكثيرة المتأثرة بقوة بالثقافة الصينية، مثل اليابانيين، والكوريين، والمنغوليين، والفيتناميين، والنيباليين، والبوتانيين، وأيضا إحدى الأقليات الماليزية. النقل والمواصلات في "تشوان جيي" يصل عدد المسافرين الصينيين مع اقتراب عطلة الربيع إلى 100 مليون مسافر يوميا. وتخضع منظومة النقل الصينية لاختبار خلال فترة السفر "تشوان يوين"، التي تستمر غالبا أربعين يوما بمناسبة عيد الربيع. وبدأت أكثر من 800 ألف حافلة رحلاتها بالفعل؛ وزاد عدد القطارات خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى 5 آلاف، تحمل متوسط 7 ملايين مسافر يوميا، حسب وزارة النقل الصينية، كما طلبت الوزارة من سلطات النقل المحلية تعزيز جهودها لتنظيم المواصلات، وضمان توافر مركبات كافية. كما أمرت السلطات المحلية بالتأكد من الأمن خلال فترة "تشوان يوين"، عبر تحسين الإشراف على شركات النقل ومحطات الحافلات والموانئ. أما بالنسبة للنقل الجوي، فتوقعت سلطات الطيران المدني أن تكون هناك أكثر من 14 ألف رحلة جوية، ستحمل أكثر من مليون مسافر يوميا. تقاليد السنة الصينية تبدأ مظاهر الاستعداد للسنة الجديدة من 23 من الشهر الأخير من السنة، حتى آخر يوم منها، إذ يشتري الصينيون مستلزمات الاحتفال، ويعدّون الأطعمة اللذيذة، وينظفون المنازل، ويزينونها بزينة العيد، كلصق الأعمال الورقية المقصوصة التي يعتقدون أنها تستقدم الحظ على الأبواب والنوافذ والجدران. كما يطغى اللون الأحمر خلال الاحتفالات. وفي أول يوم من السنة الجديدة يبدأ تبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، لمباركة السنة الجديدة، إذ يعتبر عيد الربيع فرصة للم شمل العائلات الصينية، بعدما يعود كل مسافر إلى بيت الأبوين، ليقضي مع أفراد عائلته أيام العيد، والأيام الأولى من السنة الجديدة. وهناك أهمية ورمزية خاصة في الثقافة الصينية للأطعمة المقدمة خلال الاحتفالات، إذ يعتقد أنها تجلب الثروة والسعادة والحظ الحسن؛ كما تحمل أسماؤها معان إيجابية، ومنها وجبة السمك التي ترمز إلى "الزيادة"، وأكلة "الزلابيات" التي تشير في المورث الشعبي الصيني إلى أنها تجلب الحظ الحسن والثروة في السنة الجديدة، بالإضافة إلى أكلة "القدر الساخن"، التي تعد باللحم أو فواكه البحر، وهي من الأكلات التقليدية في العيد. واعتاد الصينيون تزيين منازلهم بالفوانيس الحمراء والزينات المختلفة، وإطلاق "المفرقعات"؛ أما الأنشطة الاحتفالية بالعيد فهي كثيرة ومتنوعة، فإلى جانب رقصتي الأسد والتنين المألوفتين، هناك لعبة "الطوّالة"، ورقصة المراكب التقليدية. وفي بعض المناطق من الصين، لازال الأهالي يتبعون تقاليد الأجداد برفع الصلوات في المعابد، التي تمتلئ بسُحُب البخور، طلبا للأمن والسلام في العام الجديد. واليوم، ومع الحفاظ على الملامح التقليدية للعيد، أضاف الصينيون إليه مضامين جديدة، ليكسبوه طابعا عصريا، إذ أصبح البعض يفضلون قضاءه في رحلة سياحية خارج الصين، وكذلك لأن عطلة الربيع تعتبر أطول عطلة في السنة. كما بات البعض يفضلون إرسال تحياتهم بمناسبة العيد إلى الأقارب والأصدقاء عبر الهواتف، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن، مهما تغيرت الوسائل، يظل لم شمل الأسرة والاستمتاع بالمشاعر الحميمة بين الأقرباء والأصدقاء جوهر هذا العيد دون تغيير.