بات مشكل السير والجولان أحد أهم وأبرز ما يقلق ساكنة تطوان والمناطق المحيطة بها، الأمر الذي يشكل عائقا أمام تقدم سير الأوراش الكبرى التي تشهدها المنطقة، والتي تروم تحقيق التنمية الشاملة. قتامة المشهد إذا كان أهل المنطقة، خلال الأيام العادية، يعانون الأمرين جراء هذا المشكل، فإن الأمر يزداد صعوبة خلال فترة الصيف بالخصوص، وكذا أيام العطل الأخرى وعطلة نهاية الأسبوع. وأصبح باديا للجميع أن هذا العائق يتفاقم سنة بعد أخرى، وأنه آن الأوان، وبشكل مستعجل، لوضع خطة محكمة، تأخذ بعين الاعتبار المدى المتوسط والبعيد، للتصدي لهذا المشكل الذي يؤثر بشكل سلبي ليس فقط على بعض القطاعات الحيوية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد المحلي، وإنما أيضا حتى على راحة وأمن وطمأنينة السكان. "شخصيا لم أعد أتنقل نحو وسط المدينة، لا على متن سيارتي الخاصة، ولا على متن سيارة الأجرة، إلا للضرورة القصوى، فالأمر بات لا يطاق بسبب الاكتظاظ"، يقول عبد الإله زيدوح، 52 سنة، مضيفا أن العديد من سكان تطوان والمناطق المجاورة يغادرونها خلال مختلف العطل باتجاه مناطق أخرى هربا من الضوضاء والاكتظاظ المهول، هذا فضلا عن المشاكل التي تترتب عن بعض الاصطدامات التي غالبا ما تنتهي بالاشتباك بالأيدي، خاصة مع بعض سائقي سيارات الأجرة ممن يرفض بعضهم نقل المواطنين إلى وسط المدينة بسبب مشكل الازدحام". 5 ملايين سائح في الأفق إن مختلف مشاريع التنمية التي تعرفها المنطقة أثمرت ترويجا جيدا لصورة تطوان السياحية لدى الآخر، المغربي والأجنبي، مما كان من نتاجه، على سبيل المثال، أن انتقل عدد السياح الوافدين خلال فترة الصيف إلى 3 ملايين سائح، و"الرقم مرشح إلى الانتقال نحو 5 ملايين سائح". ياسين اكزناي، رئيس جمعية التضامن لتجار مدينة تطوان، يرى أن مدينة الحمامة البيضاء عرفت نهضة تنموية كبرى من خلال مشاريع التنمية التي أعطى انطلاقتها ملك البلاد، ولكن هذه المشاريع لم تواكبها مشاريع أخرى مكملة للبنية التحتية؛ مثل "المرائب العمومية". ويضيف اكزناي أن "هذا الأمر إن لم يتم الإعداد له بتوفير مرائب وأماكن وقوف السيارات في القريب العاجل، فسيتحول مشكل الاكتظاظ إلى عائق حقيقي لتطور المدينة، علما أن المشكل كان قائما حينما كان مرآب باب التوت، الذي كان يسع ل600 سيارة، يشتغل، ولنا أن نتصور حجم المشكل بعد تحويل سعته إلى 400 سيارة فقط". سليم السلاسي، تاجر بشارع 10 ماي، يرى، من جهته، أن التجارة بتطوان أصبحت تعيش ركودا حقيقيا بسبب انعدام مرائب وسط المدينة، مما يجبر العديد من المواطنين، سواء المقيمين أو الزوار، من أصحاب السيارات على عدم التنقل وسط المدينة للتبضع بسبب الازدحام وقلة أماكن الوقوف، مما انعكس بشكل سلبي على عائدات العديد من المحلات التجارية. الجماعة في الموعد مشكل السير والجولان الذي تعرفه المدينة دفع بالجماعة الحضرية، على وجه العجل، للتفكير في إيجاد حلول عاجلة، سيما أنها مرتبطة بشكل مباشر بمدن مرتيل، المضيق، الفنيدق وواد لو، حيث تستقطب هذه المدن خلال الصيف، وخلال فترات متفرقة، نحو أكثر من مليوني زائر آخر، وهذا يعني أن الضغط سيتواصل على مدينة تطوان، الممر الرئيسي صوب باقي المدن الساحلية، وهو ما دفع بالجماعة الحضرية إلى اقتناء بقع أرضية لتشييد مرائب جديدة. في هذا الصدد، يقول نور الدين المطالسي الهروشي، النائب الأول لرئيس الجماعة الحضرية لتطوان، في تصريح لهسبريس، إن "الجماعة الحضرية لتطوان، وفي إطار برنامجها لحل هذا المشكل، هي بصدد اقتناء بقعتين أرضيتين، البقعة الأولى توجد بشارع الحسن الثاني، والثانية بشارع مولاي العباس، حيث سيتم بناء مرآبين كبيرين بعدة طوابق، على شاكلة المرائب الموجودة بأوروبا، وذلك بهدف إيجاد حل لمشكل الاكتظاظ". مرافق إدارية معيقة تلعب بعض المرافق الإدارية الموجودة بوسط المدينة دورا أساسيا في التعميق من هول المشكل، فعلى الرغم من وجود حي إداري خصصته السلطات المحلية لهذا الغرض، إلا أن العديد من المرافق الإدارية لا تزال قابعة وسط المدينة، وهو ما يستدعي تدخلا من أعلى المستويات، وذلك لدفع الوزارات المعنية إلى نقل مقرات إداراتها إلى الحي الإداري. يقول محمد ورياش تاجر، في الملابس، إن "إصرار هذه المرافق على الاستمرار وسط المدينة يعمل على تدفق عدد من المواطنين بسياراتهم، وهو ما يساهم في تأزيم مشكل السير، وبالتالي اضطرارهم إلى إيقاف سياراتهم أمام محلاتنا التجارية، مما يساهم في كساد تجارتنا". "الأمر أبعد من ذلك بكثير"، يضيف محمد، 56 سنة، "فهناك من يقول إن هناك من يفضل استمرار مشكل الاكتظاظ ليفسح المجال أمام الشركة المفوض لها تغريم السيارات الخاصة التي تظل واقفة في الأماكن الممنوعة، وهو الأمر الذي يحدث مع المواطنين القادمين إلى تطوان من مدن أخرى، والذين لا يعلمون شيئا عن الأماكن الممنوع بها الوقوف، وهو عائق يشجع بعض الناس على عدم معاودة زيارتهم للمدينة". سبل حل المشكل ويظهر أن مشاريع التنمية التي تعرفها المنطقة، والتي تروم تحقيق الإقلاع الاقتصادي والتنموي للمدينة، قد تصطدم بعائق الاكتظاظ ومشكل تعثر السير والجولان، ومن ثم فالدعوة موجهة إلى مختلف الجهات المعنية بالموضوع للتدخل العاجل وإيجاد حل، خاصة وأن رقم الزوار مرشح للارتفاع بشكل لا يمكن معه إلا توقع ما هو كارثي في حال استمر المشكل..