على الرّغم من الصَرامةِ التي تَسمُ طريقة صرْفَ الدعم المالي الذي تقدمه الدولة للأحزاب السياسية لتدبير الحملات الانتخابية، ووضوحها، إلّا أنّها ما زالتْ تطرحُ أكثرَ من سؤالٍ حوْل نجاعتها، وفعاليتها، للحدّ من استعمال "المال الحرام" منْ طرفِ المرشحين للانتخابات، سواء التشريعية أو المحلّية. علي الرام، مدير قطب الشؤون القانونية بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وقفَ عنْدَ عدد من النواقص التي تعتري نظامَ صرْف الدعم المالي المقدّم من طرف الدولة للأحزاب السياسية، وتؤدّي إلى ممارسات غير سليمة من طرف المرشحين، من حيث تمويل الحملات الانتخابية. وقال الرام في لقاء دراسي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول "التشريع الانتخابي"، إنَّ القانونَ حدّد بدقة طبيعة مصاريف الأحزاب في الحملات الانتخابية، وحصرها في نفقات الإعلانات وطبع المنشورات والملصقات، لكنْ هناكَ مصاريفُ أخرى تُنفق من طرف المرشحين خارجَ هذه اللائحة الحصريّة. الرام أضاف أنّ هناك مشكلا في طبيعة هذه المصاريف في حدّ ذاتها، لأنّ الأحزابَ السياسية لا تقومُ بضبْط مصاريفِ مرشّحيها، بسبب وجودِ مصاريفَ أخرى خارج اللائحة التي حدّدها القانون، مثلَ تلك التي تُنفقُ على "الولائم"، وإيواء الأنصار، وغيرها، "ومن هنا تنبت ممارسات الفساد الانتخابي، لأنّ هذه المصاريف في حدّ ذاتها مؤشر حقيقي على أنّ هناك فسادا"، يقول المتحدث. ولتجاوُز هذه الثغرة، قالَ مدير قطب الشؤون القانونية بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إنّه كانَ من المفروض على المُشرّع أنْ يَترك السلطة التقديرية للأحزاب السياسية لإدراج جميع المصاريف المُنفقة من طرف المشرحين خلال الحملة الانتخابية، لكن على أساس إثباتها بالفواتير، تفاديّا لتقديم أيّ حسابات غير صحيحة. وبخصوص مبلغ الدعم المالي الذي حدّده المُشرّع لكلّ مرشحٍ، والذي يصل إلى 300 ألف درهم بالنسبة للمرشحين لعضوية مجلس المستشارين، و150 ألف درهم بالنسبة لمرشحي الجهات، و50 ألف درهم لمرشحي مجالس العمالات والأقاليم، و60 ألف درهم بالنسبة للمرشحين لعضوية الجماعات الترابية، أشار الرام إلى أنَّ هذه المصاريف التي حدّدها القانون لا تعكس حقيقة ما يجري على أرض الواقع، قائلا: "قوة الواقع أقوى من قوة القانون". المتحدّث وقفَ عندَ المبلغ الماليّ الذي حدّدهُ القانونَ كأعلى سقفٍ بالنسبة للمرشحين للجماعات الترابية، متسائلا: "هلْ يتوصّل المرشحون أصلا بمبلغ 60 ألف درهم من طرف أحزابهم؟"، قبل أن يجب: "أستبعد ذلك"، لافتا إلى أنَّ تمويلَ الحملات الانتخابية في نهاية المطاف هو تمويل ذاتي، من طرف المرشح، منذ بداية الحملة الانتخابية إلى حين إعلان النتائج، "لأنّ الغاية والمبتغى هو الوصول إلى المقعد تحت قبة البرلمان بأي ثمن"، بحسب تعبيره. وأوضح الرام أنَّ التجارب الفُضلى تعتمدُ ثلاثة أنواعٍ من المصاريف لتدبير الحملة الانتخابية، تتوزع بين مصاريف مباشرة، وأخرى غير مباشرة، تتعلق بالخدمات الانتخابية المتعلقة بالتدبير الحزبي على المستوى المركزي، وتكاليفَ خاصّة بنزاهة الانتخابات، لكنَّ هذا غيرُ موجود في المغرب، رغم أنّ المعايير الدولية، يقول الرام، تؤكّد أنَّ التكاليفَ المرتبطة بنزاهة الانتخابات تكونُ أعلى مقارنة مع ما يُصرفُ من طرف الدولة للأحزاب، كمصاريف مباشرة وغير مباشرة.