في رواية شيقة تربط بين أحداث الماضي وقائع والحاضر، وبين عبق التاريخ المغربي التليد، والواقع السياسي الوليد، رسم الأديب سعيد بنسعيد العلوي ملامح إحدى الشخصيات التاريخية التي طبعت الدولة المغربية بمداد من الفخر والاعتزاز، ونفث في أوصالها الحياة، لتظهر في قالب عصري مشوق. وضمن منشورات المركز الثقافي العربي، صدرت رواية العلوي موسومة بعنوان "ثورة المريدين"، على شكل تركيب لنصين روائيين متداخلين، يتم فيهما الانتقال من عالم المهدي بن تومرت الموحدي، وسيرته، إلى عالم اليموري في تنقله بين "بين المدينة" بإسبانيا والقاهرة ومراكش، بحثا عن المهدي. وفي "بين المدينة"، المدينة الشاطئية الجميلة في أقصى الجنوب الإسباني، انزوى عبد المولى اليموري ليكتب رواية تاريخية بطلها المهدي، واندلعت انتفاضات "الربيع العربي" حين بلغ اليموري، الذي كان يعيش في أمريكا، محترفا كتابة السيناريو، مرحلة متقدمة في كتابة روايته التي استعان فيها بمراجع تاريخية تتصل بالمهدي وعصره وسيرته. ومن خلال التلفزيون، كان يتابع المهدي الأحداث قبل أن يقرر الذهاب إلى مصر والنزول إلى ميدان التحرير، هنا سيشرع بن تومرت في الظهور، محرضا، ثم في الاختفاء بعد ذلك. وستزداد حيرة اليموري عندما سيكتشف أن هنالك مخطوطا ضائعا دون فيه البيدق سيرة المهدي الحقيقية، لا تلك التي ينسج فيها البيدق بمؤسس الدولة الموحدية صورة "المعصوم". وستبدأ رحلة البحث عن المهدي، وعن المخطوط المفقود، في جوف أحداث الربيع العربي وفي الوقت ذاته الذي كان اليموري يحيا فيه صراعا باطنيا تتقاذفه فيه الأحلام والرغبات"، وهي الأحداث التي تسردها الرواية بأسلوب يجمع بين التعاطي الأدبي السلس والتناول التاريخي الذكي. ومما ورد في الرواية: "اختفى المهدي. مات؟ قتل؟ غاب غيبة يترقب الناس عودته، كثيرون يعيشون على أمل عودة المهدي في أنحاء متباعدة من المعمور...ينتظره خلق الله حيث تضيق بهم السبل وتنقصهم الحيلة. اسمه المهدي، وهو المنصور، والناصر، وله من الأسماء سفيان ومن الألقاب حجة الله، وسيف الله.. وتقول الرواية "هو العربي، الكردي، الأمازيغي، الفارسي، التركي، الرومي. هو في كل بلاد الله. قد يطلع من قوم بامبارا، وقد يظهر في الصين أو سيلان... يهابه الملوك والسلاطين. يقيم عروشا ويهد أخرى..يتشوف إليه أحفاد جبلاوي في أولاد حارتنا. يركب أجنحة الموت، يسخر العفاريت والشياطين، يتنقل مثل الرياح المرسلة". وولد الروائي بنسعيد العلوي في سنة 1946 بمكناس، حصل على الإجازة سنة 1968، ثم على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة سنة 1977، وفي سنة 1989 أحرز على دكتوراه الدولة. واشتغل أستاذا للفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. ويتوزع إنتاج العلوي بين الدراسة الفلسفية، والبحث التاريخي الاجتماعي، والبحث في الفكر السياسي. نشر منذ بدية السبعينات مجموعة من الدراسات بعدة صحف ومجلات مغربية وعربية، ومن كتبه " دولة الخلافة: دراسة في التفكير السياسي عند الماوردي"، و"الإسلام وأسئلة الحاضر".