أنهت رياضة سباق الدراجات سنة 2015، التي سنودعها بعد أيام قليلة، متوهجة كما بدأتها، خاصة على المستويين العربي والقاري، وحافظت بالتالي على مكانتها كواحدة من الرياضات الأكثر نجاحا بالمغرب. فقد توجت رياضة الدراجات سنتها الحافلة بالانتصارات والألقاب بحجزها بطاقة التأهل إلى مسابقة الدراجات ضمن دورة الألعاب الأولمبية (ريو دي جانيرو 2016) وبطولة العالم للدراجات (قطر 2016). وتأتى هذه الإنجازات الكبيرة لتزكي نجاعة الاستراتيجية التي وضعتها الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات بتنسيق وتعاون مع وزارة الشباب والرياضة واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وكذا العمل القاعدي الجاد والمثمر الذي تضطلع به العصب والأندية تحت إشراف الإدارة التقنية الوطنية. فعلى مستوى الفرق، احتل المغرب الصف الأول بما مجموعه ألف و1270 نقطة، متقدما على الجزائر (ألف و8ر161 نقطة) وجنوب إفريقيا (88ر876 نقطة). أما على مستوى الفردي، فقد عزز الدراج الواعد صلاح الدين مراوني (23 سنة)، الذي يوجد منذ مارس الماضي في تربص إعدادي بالمركز العالمي للدراجات في إيغل (سويسرا) للمشاركة في السباقات الأوروبية، مركزه في صدارة التصنيف الصادر في شهر يونيو الماضي، برصيد 241 نقطة بعد توقيعه على مسار جيد سنة 2015 في مختلف السباقات من بينها على الخصوص طوافات الغابون ورواندا وجنوب إفريقيا ومصر. وتقدم مراوني في التصنيف على مواطنه محسن لحسايني (231 نقطة)، والتونسي رافع الشتيوي صاحب المركز الثالث (221 نقطة). كما تواجد ثلاثة دراجين آخرين ضمن ال15 الأوائل في الترتيب الفردي وهم السعيد أبلواش (الخامس ب212 نقطة) وأنس آيت العبدية (السابع) وعبد العاطي سعدون (ال12 ب131 نقطة). وعلى مستوى النتائج كان الحصاد، كما في السنة الماضية، متميزا، إذ تألق المنتخب الوطني ونجح هذه السنة في الفوز بعدد من الألقاب والطوافات من بينها السينغال (21 - 26 أبريل 2015) والكاميرون (14- 18 أكتوبر 2015) والكوت ديفوار (28 شتنبر - 2 أكتوبر 2015) وبوركينافاسو (30 أكتوبر - 8 نونبر 2015) والمندرجة جميعها ضمن برنامج "أفريكا تور" والاتحاد الدولي للدراجات. وأحكم الدراجون المغاربة، اعتمادا على حنكتهم ومؤهلاتهم ونتيجة جهد جماعي للفريق والانضباط ونكران الذات الذي يبدونه في مختلف المنافسات، وبفضل العمل الجاد الذي يقوم به المدرب محمد بلال والإدارة التقنية الوطنية وعلى رأسها مصطفى النجاري، سيطرتهم على جل الطوافات التي شاركوا فيها. ومن بين الدراجين الذين تألقوا بشكل لافت محسن لحسايني، الفائز بالقميص الأصفر (الترتيب العام الفردي) لطوافي بوركينافاسو والكوت ديفوار وقبلهما طواف الكاميرون "الجائزة الكبرى الدولية شانطال بيا"، وعبد العاطي سعدون (الفائز بلقبي 2002 و2009 لطواف بوركينافاسو) ولحسن صابر وبدر إيفرد وعادل رضا. كما توج الدراج زهير رحيل بطلا للدورة الرابعة عشرة لطواف السينغال الدولي، عقب تصدره الترتيب العام الفردي (القميص الأصفر) بمجموع 19 ساعة و30 دقيقة و22 ثانية، متقدما على الهولندي كوس باتريك بفارق 6 دقائق و49 ثانية. ومن جانبه، توج المنتخب الوطني المغربي، الذي تشكل من الدراجين زهير رحيل وعبد الرحيم عويدة وعثمان شوموش والمهدي لعناية، بطلا للترتيب العام حسب الفرق (59 ساعة و6 دقائق و15 ثانية)، بعدما نجحت العناصر الوطنية في الهيمنة والفوز بالمراحل الثلاثة الأولى من طواف السنغال، متبوعا بفريق "غلوبال سيكيلين" الهولندي (بفارق 4د و11ث) وفريق "كروز" الفرنسي (بفارق 19د و12ث). وإلى جانب الحضور الوازن للدراجة المغربية على الساحة الإفريقية، تألقت "الأميرة الصغيرة" من خلال إحراز المنتخب الوطني المغربي لسباق الدراجات (ذكورا) الميدالية الذهبية للسباق ضد الساعة حسب الفرق، ضمن البطولة العربية (الكبار والشبان والناشئين ذكورا وإناثا)، التي احتضنتها مدينة شرم الشيخ المصرية (15 و25 فبراير 2015). ومن جانبه، انتزع المنتخب النسوي، الذي ضم المتسابقات مونية بناجي ونورة سحمود وفاطمة الزهراء الحياني وشيماء الزكراوي، فضية السباق ضد الساعة حسب الفرق، بعد احتلاله المركز الثاني خلف المنتخب المصري، في حين احتل المنتخب الإماراتي (حامل لقب السنة الماضية) المركز الثالث. وتأتي هذه النتائج لتؤكد الحضور القوي للدراجة النسوية المغربية في هذه البطولة العربية التي عرفت مشاركة كل من مصر (حاملة لقب إفريقيا 2015) والجزائر (صاحبة الخبرة الطويلة) على الرغم من صغر سن العناصر الوطنية، الذي لا يتعدى 21 سنة، والنقص في التكوين وقلة التجربة. وأحرز المنتخب المغربي للشبان لقب كأس العرب للدراجات، ضمن البطولة العربية لسباق الدراجات لفئات الفتيان والشبان والكبار ذكورا وإناثا والتي احتضنتها مدينة عنابةالجزائرية في الفترة ما بين 9 و 22 أكتوبر الماضي بمشاركة 330 متسابقا ومتسابقة يمثلون 12 بلدا، متقدما على منتخبي الجزائر ومصر. وكان الدراج عبد الرحيم الزاهيري وراء أول ميدالية ذهبية للمغرب في الدورة الثانية للألعاب الإفريقية للشباب، التي احتضنتها بوتسوانا تحت إشراف جمعية اللجان الوطنية الأولمبية الإفريقية، وكانت في سباق على الطريق (85 كلم). وتأهل المنتخب المغربي لسباق الدراجات لفئة الشبان إلى نهائيات الدورة الثانية للألعاب الأولمبية للشباب، التي أقيمت شهر غشت الماضي، بمدينة نانجينغ الصينية، وذلك بعد تحقيقه لأفضل إنجاز على الصعيد الإفريقي، خلال بطولة إفريقيا الأخيرة بشرم الشيخ (مصر) حيث توج بطلا لها، وكذا مشاركاته الإيجابية في عدد من الطوافات الإفريقية والدولية من بينها على الخصوص طواف إبيتبي بكندا. كما شارك المنتخب الوطني المغربي للشبان كممثل وحيد للعرب والأفارقة في بطولة العالم على الطريق بريشموند (ولاية فيرجينيا) بالولاياتالمتحدةالأمريكية في الفترة ما بين 19 و27 شتنبر الماضي، والتي شهدت مشاركة 20 بلدا هي بالإضافة إلى المغرب، الولاياتالمتحدة (البلد المضيف) وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وسويسرا وروسيا والنرويج وكازاخستان ولوكسمبورغ وإيرلندا والنمسا وسلوفينيا وبولندا والمكسيك وكندا والبرتغال. وعلى الصعيد الوطني، أحرز المتسابقان محسن لحسايني (نادي اتحاد الفتح الرياضي)، وشيماء الزكراوي (النادي الحسناوي لبنسليمان) لقب كأس العرش لسباق الدراجات لفئة الكبار للموسم الرياضي 2014 -2015، الذي نظم هذه السنة بمدينة المحمدية. وفي فئة أقل من 23 سنة عاد لقب كأس العرش للدراج سفيان السحباوي (نادي الاتحاد البيضاوي) أمام كل من منير مخشون (نادي الجمعية البيضاوية) وهيثم كايز (نادي الاتحاد البيضاوي). ونجح نادي اتحاد الفتح الرياضي في تحقيق الازدواجية بعدما أحرز بمدينة بني ملال لقب السباق الأول للبطولة الوطنية للدراجات الهوائية لفئة الكبار في شخص الدراج عبد الله حيدا. وهم هذا السباق، الذي نظم في مدار مغلق حوالي 150 دراجا ينتمون إلى 20 ناديا منضويا تحت لواء الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات، فئات الفتيان (20 كلم) والفتيات (20 كلم) والشبان (76 كلم) وأقل من 23 سنة (76 كلم) والكبار (76 كلم). كما فاز الدراج المغربي طارق الشعوفي بالدوري الدولي المسيرة الخضراء لسباق الدراجات للأقاليم الجنوبية، الذي نظم هذه السنة تحت شعار "رياضة الدراجات في خدمة الجهوية المتقدمة والوحدة الترابية" (26 فبراير و8 مارس الماضي). ويشكل هذا الدوري، المنظم من طرف الجامعة الملكية المغربية للدراجات وعصبة الصحراء بتعاون مع ولايات وعمالات الأقاليم الجنوبية ووكالة الجنوب والمجالس المنتخبة واللجنة الوطنية الأولمبية ووزارتي الشباب والرياضة والداخلية، محطة رياضية وطنية سنوية تهدف إلى التعريف بما تزخر به الأقاليم الجنوبية للمملكة من مؤهلات طبيعية وسياحية، وما ينعم به المغرب من استقرار وأمن وطمأنينة. كما بسط الدراجون المغاربة سيطرتهم على جوائز الدورة السادسة للدوري الدولي مولاي الحسن لسباق الدراجات الثلاث. وأنهى المنتخب المغربي حرف (ألف) مشاركته في الدورة ال28 لطواف المغرب لسباق الدراجات (3 - 12 أبريل الماضي) في المركز الثالث (100س و20د و47ث) في الترتيب العام النهائي حسب الفرق، خلف الفريقين المحترفين "سكاي ديف دبي" الإماراتي (100س و15د و26ث) و"توركو سيكير سبور" (100س و18د و29ث). وفي الترتيب العام النهائي للنقاط الساخنة (السرعة)، سيطر الدراجون المغاربة على المراكز الأربعة الأولى، حيث عاد اللقب لسفيان هدي "سكاي ديف دبي الإماراتي" برصيد 44 نقطة، متبوعا بمواطنيه السعيد أبلواش (المنتخب الوطني حرف ألف) برصيد 39 نقطة وطارق الشاعوفي (المنتخب الوطني الأولمبي) ب38 نقطة وأنس آيت العبدية (17 نقطة). وتبقى النتائج التي حققتها المنتخبات المغربية الثلاث (حرف ألف والأمل والأولمبي) في الدورة ال28 لطواف المغرب، الذي يعتبر تراثا لاماديا للمغرب والمغاربة والذي سيبلغ السنة المقبلة عامه المائة، جد إيجابية ومشجعة وذلك بالنظر لصغر سن جل عناصرها ونقص عنصر الخبرة، خاصة مع غياب العميد محسن لحسايني (بطل 2011 ووصيف 2014)، إلى جانب قوة واحترافية دراجي الفرق المشاركة. وإذا كانت نهاية سنة 2015، قد أثلجت، بكل هذه النتائج الإيجابية التي حققتها الدراجة المغربية، صدر الجمهور الرياضي المغربي وأكدت أن العمل الجاد والجيد لابد أن يعطي ثماره، فإن بدايتها حملت خبرا حزينا تمثل في أفول نجم أسطورة الدراجة المغربي محمد الكورش يوم 21 فبراير عن سن تناهز 79 سنة إثر إصابته بنوبة قلبية. وتبقى الآمال معلقة على جيل الدراجين الشباب الحاليين لحمل المشعل ومواصلة الحفاظ على هذا التوهج الذي جعل من رياضة الدراجات تتربع على عشر هذا النوع الرياضي إفريقا وعربيا. *و.م.ع