ثورةٌ خضراءُ تجذبُ أنظارَ العالم إلى وَرْزَازَات.. وضيوفٌ كبار، من مُختلف الأرجاء، يَحضُرون خلال الأيام القادمةِ التّدشينَ الرّسمي لبدايةِ الإنتاجِ بمحطّةِ «نُور».. و«نُور» هي أكبرُ مَحطّةٍ للطاقةِ الشّمسية في العالم، على بُعد عشرين كيلومترًا من قلبِ مدينةِ وَرْزَازَات التي يُلقّبُونها «هوليود السّينما».. التدشينُ يربطُ المنتوجَ الطّاقي بالشّبكة الوطنية الكهربائية.. إنجازٌ وصفَهُ مُشاركون في مُؤتمرِ باريس حول المناخ، ب«الثورة النوعية».. واعْتَبَرَتْ وزيرةُ البيئة المغربية بأن أثرَ الطاقة الشمسية على المنطقة في القرنِ الحالي، سيكونُ بقدْرِ أثَرِ النفطِ في القرن الماضي.. ويغمُرُنا الاعتزازُ بهذه المعْلَمَةِ الطاقيةِ العملاقةِ التي تُوازي مساحتُها مئاتٍ من مَلاعِبِ كُرةِ القدَم.. وعلى سبيلِ المُقارنَة، المساحةُ تُوازي مساحةَ العاصمَة «الرباط».. مُعتَزُّونَ أيّما اعتزازٍ بهذا الإنجاز الطاقي الكبير الذي يفتحُ لبلدِنا آفاقًا هامّة، منها انفتاحُ الأسواق الدولية.. ومنها الطموحُ المغربي إلى تصديرِ الطاقةِ الشّمسيةِ إلى أوربا، وبُلدانٍ عربية، وغيرِها.. ومنها أيضاً مشروعُ تحليةِ المياه.. المرحلةُ الأولى لمحطّةِ «نُور» ستعقُبُها المرحلةُ الثانية فالثالثة والرابعة... إنها ريادةٌ خضراء.. ريادةٌ تُضخّمُ في طريقِنا المسؤولية.. أمامَنا تحدّياتٌ بيئية، واقتصادية، واجتماعية، وطبعًا سياسية.. وعلى كُلّ السياساتِ العُمُومية في بلدِنا، وطِبْقًا للدّستور، أن تدمجَ في تخطيطاتِها التّنميةَ المسْتَدامَة.. إنّ مدينةَ الطاقةِ الشّمسية، وَرْزَازَات، ذات البُعدِ العالمي، تُشكّلُ مسيرةً خضراءَ جديدة.. مسيرةٌ مغربيةٌ خضراءُ لبناء واقعٍ جديدٍ قادرٍ على حمايةِ الأمانةِ الخضراء، وتسْليمِها فعّالةً إلى الأجيال القادمة.. وعلى كل فعالياتِنا، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوظيفية والأمنية وغيرِها، أن تُولي الإنسانَ أهمّيةً مِحْوَرِيةً في تنمية البلد.. وقد أحسنَ بلدُنا الرّهانَ على التّغيير في مُعالجة إشكالياتِ الطاقة.. فبدَلَ الشّراء، يَتوجّهُ إلى الإنتاج.. بدَلَ شراءِ النّفط، يُراهنُ على استثمارِ الشّمس.. والنّفطُ لا يدُوم.. سيتوقّفُ خلال سنينَ قليلة، لأسبابٍ بيئية واقتصادية وعالمية.. والمستقبلُ الذي يُدشّنُه المغربُ الأخضرُ في وَرْزَازَات، هو للطّاقاتِ المتجدّدَة: الشّمسية والرّيحية والمائية... هذا هو الرّهانُ الفعّال الذي نَجَحَ انطلاقًا من وَرْزَازَات ومنطقةِ الشمال، والشرق، وجهاتٍ مغربيةٍ أخرى.. المغربُ الأخضر يكسبُ رهانَ الطاقاتِ البديلة.. يُواجهُ التّغيُّرَ المناخي الذي أصبحَ يُهدّدُ العالم.. هذه ثورةُ التّغيير الطاقي.. ثورةٌ تنمويةٌ كُبرى.. ثورةٌ على الهشاشة المناخية داخلَ المغرب.. وثورةُ المغربِ الأخضرِ انفتاحٌ على العالم.. وانفتاحٌ على الأقطارِ الإفريقية التي تبحثُ عن حُقوقها التّنموية في واقعٍ مُتناقِض.. فهو من جهةٍ فقير، ومن أخرى غنيّ.. غنيٌّ بالمعادِن والنّفط ومئاتِ الملايين من هكتارات التُّربةِ الخصبة.. «إفريقيا المتاعِب» بحاجة إلى نمُوذجٍ تنموي في الطاقةِ الخضراء.. وبلدُنا اليوم نمُوذجٌ أخضرُ بدون مُنازِع.. بلدُنا سيتمكنُ انطلاقًا من مَرايا الشّمس، من مشاريعَ طاقيةٍ كبيرةٍ في رُبوعِ البلد.. مشاريع تؤهّلُه لاستقلاليةٍ طاقيةٍ تامّة.. وسيُساهمُ بذلك، على الصعيد العالمي، في خفضِ انبعاثِ ثاني أوكسيد الكربون، وحثِّ كثيرٍ من الأقطار على الحَذْوِ حَذْوَ السياسةِ الخضراءِ المغربية.. وسيتمكنُ بلدُنا من مدِّ كلّ بيتٍ بالكهرباء النظيف.. وهكذا يَبْنِي بلدُنا مكانةً إقليميةً ودوليةً مُتميّزة.. ويجلُبُ الاستثمارَ والسّياحة.. ويُقيمُ المزيدَ من التواصُلِ الإيجابي مع العالم.. ويَدْخُلُ المستقبلَ بتوظيفِ الشّمسِ والرّيحِ والماء.. وهذا النّهجُ البيئي مُؤهّلٌ لتحويلِ بلدِنا إلى قُوّةٍ كبرى.. فالحديثُ عن التطوّر هو أيضا حديثٌ عن الطاقة.. ولا تطوُّرَ بدونِ طاقة.. المغربُ اليوم في ثورةٍ خضراء.. ثورةُ المغربِ الأخضر قادرةٌ على تحقيقِ إقلاعٍ اقتصادي، وتحويلِ بلدِنا إلى قُوّةٍ عُظمَى في مجال الطاقةِ الشّمسية.. تحيةً لمغربِ الشمس.. المغربِ الأخضر..