على مدى عقود اختلف اللبنانيون على كل شيء إلا صوت المطربة فيروز التي تحولت لحلم، إلى أن اتهمتها مجلة محلية السبت الماضي بأنها "عدوة للناس وعاشقة المال" و"متآمرة مع (الرئيس السوري بشار) الأسد"، وهو ما دفع محبيها للدفاع عنها. وضجت نشرات الأخبار اللبنانية بانتقاد المقال الصادر في مجلة "شراع" والناشر، وزخرت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات الناس الذين عبروا في حملة غير مسبوقة عن دعمهم لمن يعتبرونها سفينة نجاتهم من دنيا الحرب والتعب، كما تم استحداث صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك للضغط على السلطات اللبنانية من أجل منع نشر عدد المجلة. وعلى الرغم من تلك الحملة العنيفة عليه رفض ناشر مجلة "شراع" حسن صبرا الاعتذار، قائلا إنه "غير نادم بل على العكس، ولن أعتذر". وقال وزير الإعلام رمزي جريج "هذه ليست إساءة لفيروز، إنما هي إساءة للبنان ففيروز تتبوأ منذ نصف قرن عرش الفن في لبنان، وعشقها اللبنانيون وملايين العرب ولم ينل منها ومن شهرتها أي تطاول عليها في الإعلام". ورأى جريج أن "أفضل رد على الافتراءات التي تناولت السيدة فيروز هو الإعراب عن مدى تعلقنا بها وتكريمنا لها"، وأعلن أنه بالتعاون مع وزارة الثقافة سيعمد إلى تسمية الأستوديو الرئيسي في إذاعة لبنان باسم "أستوديو فيروز"، وفي حال موافقتها سيقيم حفل تكريم لها في الإذاعة. تسييس فيروز بدورها، ردت ابنتها ريما الرحباني بنشر بيان على صفحتها الخاصة على موقع فيسبوك جاء فيه "كل إنسان كبير أو عظيم بأخلاقه وشخصيته ومواهبه ووطنيته وعطاءاته وإنجازاته وتضحياته يخلق من حوله كمية حساد فيلفقون أكاذيب وافتراءات ظنا منهم أنهم بهذه الطريقة يحجبون عظمته ويخففون من حب الناس له". واعتبرت ريما أن "محاولات تسييس فيروز كلها فاشلة". وقال وزير الثقافة روني عريجي إن "فيروز قامة ثقافية فنية وطنية وبالتالي لا يجوز التطاول عليها لا تحت المسمى الفني ولا تحت المسمى الإنساني، إذا كان الأمر يتعلق بالنقد الفني طبعا كل الناس مع النقد الفني، لكن التطاول على فيروز بهذا الشكل هو برأيي طبعا مرفوض، وهو اعتداء على أحلامنا وذاكرتنا وذكرياتنا وعلى تراثنا الفني". وأضاف أن "السيدة فيروز هي التي تقرر أي إجراء يمكن أن تأخذه وهذا طاولها شخصيا، فلنترك فيروز في عليائها ونتركها في مكانها ونظل في أمورنا العادية". وقال الصحفي اللبناني ومقدم البرامج جورج صليبي إن "السيدة فيروز هي رمز من رموز لبنان وهي الصوت الذي يجمع ويوحد الكل لذلك ممنوع الإساءة لها لما تمثله من قيمة وطنية وثقافية". أما الصحفي والشاعر اللبناني زاهي وهبي فقال "فيروز جعلت حياتنا أخف وطأة فهل نرد الجميل بغير الحب والعشق وإعلاء شأنها حتى تغدو وطنا موازيا، وهل يمكننا أن نقول لبنان بلا فيروز، لها أن تحيا كما تشاء وتحب من تشاء وتكره من تشاء ولنا منها نعمة الصوت". وفيروز -التي احتفلت مؤخرا بعيد ميلادها الثمانين- هي واحدة من الفنانين القلائل الذين بقوا في لبنان طوال مدة الحرب التي اندلعت في البلاد على مدى 15 عاما وانتهت عام 1990.