ضمن سلسلة الندوات المختلفة التي دأب مركز هسبريس للدراسات والإعلام على تنظيمها، اختار القائمون عليه مواكبة النقاش الدائر حاليا في المغرب حول مسودة مشروع "مدونة الصحافة والنشر"، التي خلقت جدلا واسعا بين الحكومة وناشري الصحف. "مشروع قانون الصحافة والنشر بين القبول والرفض"، كان موضوع الندوة التي شارك فيها، اليوم بالرباط، فاعلون إعلاميون وأكاديميون، من بينهم عبد العزيز النويضي، الحقوقي والرئيس السابق لجمعية "عدالة"، الذي وجه انتقادات كثيرة لمشروع القانون الذي جاء به وزير الاتصال. وأكد الناشط الحقوقي على وجوب "إزالة الازدواجية بين القانون الجنائي وقانون الصحافة، وملاءمة القوانين مع المعايير الدولية"، مسجلا أنه "لا يمكن للصحافيين أن يفرضوا كل ما يريدون لأنهم ليسوا مشرِّعين"، لينبه إلى أنه "يوجد ممارسون ليسوا صحافيين، والبعض يقوم بتشويه سمعة بعض المدافعين عن الديمقراطية، والذين لا تعجبهم مواقف هؤلاء". النويضي دعا إلى إخضاع المشروع الحكومي للتحليل السياسي، وليس القانوني، مبررا ذلك بكون الحكومة التي وضعته غير منسجمة، وهشة، واصفا الحزب الذي يقودها، العدالة والتنمية، ب"المُحاصر، الذي يقدم تنازلات للجهات التي تسعى لعرقلة التطور الديمقراطي في البلاد". وشدد الأكاديمي المغربي في مداخلته على "أن الحل يكمن في ضرورة أن يُفتح النقاش، وأن لا تكون الاستشارة شكلية بل منتجة"، موضحا أن "الحكومة وعدت بإلغاء العقوبات السالبة للحريات، ولأننا أمام حكومات، وليس حكومة واحدة، فإن ذلك لم يتم" على حد تعبيره. "إذا كانت الحكومة ترى أن بعض جرائم النشر تستحق العقوبات الحبسية، عليها أن تمتلك الشجاعة وتقولها"، يقول النويضي، وهو يشرّح الفصول العقابية التي توعدت بها الحكومة الصحافيين، داعيا إلى "تضمينها في قانون الصحافة والنشر، وإزالتها من القانون الجنائي الذي جاءت فيه". وردا على ما قاله الوزير حول المسودة، بأنها لا تتضمن العقوبات السالبة للحريات، اعتبر النويضي، أن هذا الأمر صحيح، واستدرك بأنه لحل عدم تضمين العقوبات في مشروع قانون الصحافة والنشر، تم اللجوء للقانون الجنائي"، مشددا على ضرورة أن "تكون الحكومة منسجمة، لأنه لا يمكن القبول بوجود قانونين يتضمنان عقوبات مختلفة". وبعدما نبه الفاعل الحقوقي إلى "أن بعض مواد مشروع القانون الجنائي المغربي مخالفة للمعايير الدولية وحريات التعبير، وخصوصا في ما يخص السب والقذف، المرتبط بالذات الإلهية والرسل"، دعا النويضي الحكومة إلى "تضمينها في قانون الصحافة والنشر، وليس في القانون الجنائي، لأنها تمارس أمام العموم".