باتت بعض وسائل الإعلام الجزائرية مستعدة لفعل أي شيء من أجل إثبات تفوق بلدها على المغرب حتى لو اقتضى الأمر اختلاق مشاريع وهمية للحديث عن إزاحة الجزائر للمغرب من عرش صناعة السيارات. فقد كتبت جريدة "الشروق" أن الحكومة الجزائرية أعطت الضوء الأخضر لبناء أربع مصانع جديدة للسيارات، وأن هذه المصانع ستدخل مرحلة التصنيع مطلع 2018 بقدرة إنتاج تصل إلى 500 ألف سيارة سنويا. وتفيد اليومية الجزائرية، المعروفة بقربها من الجيش، بأنه بحلول 2018 ستصبح الجزائر أول مصدِّر إفريقي للسيارات، معدِّدة المصانع التي ستفتتح في الجزائر، ويتعلق الأمر بمصنع "رونو"، ومصنع "بوجو ستروين"، ومنصع "إيفال لتصنيع سيارات فيات"، ثم مصنع "هيونداي". وبغض النظر عن كون هذه المصانع لا وجود لها ولا لمشاريع إقامتها لحدود الآن إلا لدى الجريدة الجزائرية، فإن منطق الأشياء يقول إنه حتى لو تمت إقامة هذه المصانع حقا، فإن تشييدها يتطلب على الأقل سنتين من الأشغال الدؤوبة، أما بلوغ قدرتها الإنتاجية القصوى فيتطلب سنوات من الإنتاج، حيث ترفع المصانع بشكل تدريجي من عدد السيارات التي تصنعها. ولعل الجارة الشرقية لم تستسغ بعد كيف نجح المغرب في إقناع شركة "بوجو ستورين" لإقامة مصنعها بالمغرب، لهذا فهي تتحدث عن اعتزام الشركة نفسها إقامة مصنع بالجزائر، علما أنه من المستحيل أن تقدم الشركة الفرنسية على افتتاح مصنعين تبلغ قدرتهما الإنتاجية أكثر من 150 ألف سيارة سنويا، وذلك لاعتبارات اقتصادية ومالية وحتى تجارية. الجريدة تتحدث عن مصنع "رونو" المتواجد في الجزائر وكأنه سيتحول إلى عملاق في إنتاج السيارات، علما أنه موجه بالأساس للاستهلاك الداخلي، ويصنع سنويا حوالي 20 ألف سيارة، وهو رقم هزيل مقارنة مع القدرة الإنتاجية لمصنع "رونو" في طنجة، الذي ينتج حاليا 240 ألف سيارة خلال العام الحالي وسيصل إلى قدرته الإنتاجية القصوى المقدرة بحوالي 350 ألف سيارة بحلول العام 2017، أما بالنسبة لمصنع "بوجو ستروين"، فسيدخل مرحلة الإنتاج في العام 2019، وسيصل إلى قدرته القصوى بحلول 2023 بإنتاج يقدر بحوالي 200 ألف سيارة سنويا. ويفسر إدريس إفنا، المستشار الاقتصادي لدى البنك الدولي، هذه الأخبار المتداولة على الصعيد الجزائري بكونها "مجرد ردود على النجاح الذي يحققه المغرب في مجال صناعة السيارات"، مؤكدا على أن المغرب تفوّق على الجزائر في مجال مناخ الأعمال وتحسين شروط الاستثمار وجذب الاستثمارات الخارجية، "وهذا الأمر أعطى للمغرب مسافة كبيرة مقارنة بالجزائر". الخبير الاقتصادي قارن بين المغرب وجاره الشرقي على مستوى الانفتاح على الاقتصاد العالمي، ففي الوقت الذي يعتبر فيه المغرب عضوا في منظمة التجارة العالمية منذ سنوات، لا تزال الجزائر عضوا ملاحظا، بالإضافة إلى اتفاقيات التبادل الحر التي وقّعها المغرب مع العديد من الدول؛ وفي مقدمتها القوة الاقتصادية الأولى في العالم ألا وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية، "بينما الجزائر تفرض شروطا مجحفة على الراغبين في الاستثمار". وأكد المتحدث نفسه أنه "لا مجال للمقارنة بين المغرب والجزائر في ما يتعلق بصناعة السيارات"، مواصلا أن مصانع السيارات الموجودة في الجزائري هدفها الأساسي هو تزويد السوق المحلية بحاجياته، عكس المغرب الذي يتم فيه تصنيع السيارات للاستهلاك الداخلي والعالمي. وعن وضعية صناعة السيارات في المغرب، شدد الخبير الاقتصادي على أن المملكة بدأت تكون "الاندماج في صناعة السيارات"، ذلك أن أكثر من 80 بالمائة من أجزاء السيارات يتم تصنيعها في المغرب ولم يتبقى سوى المحركات التي تنوي شركة "رونو" تصنيعها في المغرب خلال العامين القادمين، "ما يعني أن صناعة السيارات ستتم 100 في المائة بالمغرب، وهذا يعطي قيمة مضافة قوية للاقتصاد الوطني"، على حد تعبير إفنا.