اضطر الملك محمد السادس إلى تأخير افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى للولاية التشريعية الثامنة لدقائق عن الموعد المحدد، عشية اليوم الجمعة، بسبب انقطاع التيار الكهربائي في وسط العاصمة الإدارية الرباط، حيث يوجد مقر البرلمان. "" وبعد تجند عدد من التقنيين لإصلاح العطل، ألقى الملك محمد السادس خطابا مهما، أكد فيه بالخصوص أن التوجهات الأساسية للعمل الحكومي والبرلماني، هي ثلاثة تتمثل في قضية الصحراء ومقومات دولة وأسبقيات ملحة، وأضاف قائلا "نهوضا بأمانتنا في السهر على حسن سير المؤسسات الدستورية، فمن واجبي التأكيد على أنه بقدر حرصنا على تكوين حكومة متراصة ومنسجمة، مدعومة من قبل أغلبية برلمانية، وتحاسبها معارضة بناءة. فإننا نريد برلمانا أكثر فعالية". وأوضح الملك محمد السادس أنه يتعين على هذا البرلمان أن يمارس بنجاعة كافة اختصاصاته، ويساهم في زيادة الإشعاع الدولي للمغرب، مستحضرا كل الاستحقاقات المقبلة، ومنها دخول اتفاقيات التبادل الحر حيز التنفيذ، ورفع تحديات العولمة في انتهاج لدبلوماسية برلمانية محترفة. وقال "إنه البرلمان الذي يستكمل مصالحة كل المواطنين مع المجالس المنتخبة. وهو ما يتطلب إجراء قطيعة مع بعض المظاهر والسلوكات المشينة، التي تسيء لصورة المؤسسة التشريعية، وتمس بمصداقية العمل النيابي والسياسي". كما دعا العاهل المغربي إلى العمل على تفادي أي خلط في الأدوار بين ما هو وطني من صميم اختصاص البرلمان، وماهو محلي من صلاحيات الجماعات الترابية، "فالبرلمان ليس جماعة محلية لذلك أحرص على أن يظل في قمة الصرح الديمقراطي، في انكبابه على السياسات والقضايا الوطنية الكبرى، الداخلية والخارجية". وذكر الملك محمد السادس "بما أنه لا يمكن تصور حياة سياسية ولا نجاعة العمل الحكومي بدون معارضة إيجابية ومسؤولة، فإنه يجدر الإصغاء لأفكارها، متى كانت بناءة، ساعية في سبيل صالح الأمة شأنها في ذلك شأن الأغلبية"، موضحا أن التعارض الحقيقي الذي يتعين مواجهته هو بين الديمقراطية والتسلط، والتقدم والتخلف، والعمل والتواكل، والانفتاح والانغلاق. وجدد العاهل المغربي الدعوة للتنسيق والتعاون بين المجلسين في اتجاه عقلنة وترشيد عملهما باعتبارهما برلمانا واحدا، تتكامل فيه الأدوار، وليس برلمانين مختلفين، مؤكدا أن "النيابة عن الأمة ليست امتيازا أو ريع مركز أو حصانة لمصالح شخصية، بل هي أمانة جسيمة والتزام بالصالح العام". وأشار إلى أن المغرب قطع الكثير من الأشواط في مساره السياسي المتقدم وتغلب على العديد من الأزمات والمعضلات، "وذلك بفضل قيادتنا الحازمة، ومنهجنا في الحكم، وجهود وتضحيات جميع المغاربة، وانخراطهم في الأوراش التنموية التي أطلقناها، سلاحنا الذي لا يقهر هو الخيار الديمقراطي الذي لا رجعة فيه (...) وسأظل، كما عهدتموني، الخديم الأول للشعب المغربي الأبي، الساهر الأمين على ثوابت الأمة ومقدساتها، حريصا على الوقوف الميداني على إنجاز الإصلاحات الهيكلية الكبرى التزاما مني بعهد البيعة المقدسة". وخلص الملك محمد السادس إلى أن "هدفنا الأسمى يظل هو تأهيل كل الفاعلين في أفق الإصلاح المؤسسي، الذي يتوخى ترسيخ التطور الديمقراطي والتنموي، بالحكامة الجيدة، وذلك في التزام بمقدسات الأمة وثوابتها". وجاء افتتاح البرلمان، كما جرت العادة في الجمعة الثانية من أكتوبر بعد حوالي يومين من تمكن الوزير الأول عباس الفاسي، بعد مفاوضات ماراتونية وتدخلات على أعلى المستويات في مراكز القرار، من تشكيل الحكومة التي من المتوقع أن يعلن عنها في اليومين المقبلين. وبالرغم من إعلام أغلب الشخصيات بالوزارت التي سيكونون على رأسها، إلا أن بوادر أزمة جديدة بدأت تلوح في الأفق، إذ فجرت خلطة الفاسي الجديدة غضب قياديي الاتحاد الاشتراكي لقوات الشعبية، الذي أعلنوا رفضهم مواقع الحزب داخل هذه التشكيلة، وهو الموقف نفسه الذي اتخذه الحركة الشعبية، فيما بدا الارتياح على وجوه قياديي التجمع الوطني للأحرار الذي تحول إلى أكبر المستفيدين في هذا الفريق الحكومي، المتكون من خمسة أحزاب كانت في الأغلبية السابقة. التصديق على 60 قانونا في الولاية السابقة الى ذلك، صادق مجلسا النواب والمستشارين، خلال السنة التشريعية 2006 -2007، على ما مجموعه 60 قانونا، فيما يرتقب أن تكون الدورة الخريفية في الولاية الثامنة الجديدة التي افتتحها العاهل المغربي الملك محمد السادس عشية اليوم الجمعة، غنية، خاصة أن القانون المالي سيكون في مقدمة أجندة البرلمان الذي عهدت رئاسته، في الفريق الحكومي لعباس الفاسي، إلى مصطفى المنصوري، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار. وجاء في كتاب حول حصيلة النشاط الحكومي بالبرلمان، الذي قدمه محمد سعد العلمي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، إلى الملك محمد السادس، أن هذه القوانين همت "في مجملها توسيع وتعميق الإصلاحات واستكمال تأهيل المغرب، تأهيلا شاملا يهم كافة الميادين". وأشارت الوثيقة إلى أن الحكومة المنتهية ولايتها تمكنت، وإلى تاريخ اختتام البرلمان لدورته الربيعية، من الإجابة على ما مجموعه3206 سؤالا كتابيا، و1162 سؤالا شفهيا، من بينها 333 سؤلا آنيا. كما تميزت السنة التشريعية الخامسة بتصريحين حكوميين تقدم بهما الوزير الأول إدريس جطو أمام مجلس النواب، تعلق الأول منهما بنتائج الجولة الأولى من مفاوضات منهاست حول جهة الصحراء، وتمحور الثاني حول الحصيلة العامة للعمل الحكومي. وبخصوص أنشطة اللجان البرلمانية الدائمة بالمجلسين، قامت هذه الأخيرة بالدراسة المعمقة لعدد من المواضيع الحيوية على ضوء عروض وافية لأعضاء الحكومة حول قضايا كانت في وقتها تستأثر باهتمام ممثلي الأمة، وذلك فضلا عن المناقشات التي تمت في إطار دراسة مشروع القانون المالي أو حين دراسة باقي النصوص القانونية الأخرى. وخلصت الحصيلة إلى التأكيد على أن السنة الأخيرة من الولاية التشريعية، عرفت من خلال دورتيها العاديتين، وكذا دورتها الاستثنائية، انتاجا تشريعيا مهما عزز الترسانة القانونية الوطنية، بإقرار مجموعة من القوانين الرامية في مجملها إلى إرساء وتوسيع الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي تشهدها البلاد في مختلف الميادين. واندلعت معركة قوية بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكبر الخاسرين في هذه الاستحقاقات، بعد احتلاله المرتبة الخامسة ب 38 مقعدا، فيما فاز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2002، وحزب الحركة الشعبية اليميني، الذي حصل على 41 مقعدا، إذ تشبث قياديو الحزبين برئاسة مجلس البرلمان الذي كلف الحركيين خلق "قطب سياسي قوي ومتجانس" يضم أربعة مكونات سياسية من اليمين والوسط. وبعد أن أدخلت لعبة شد الحبل بين الاشتراكيين والحركيين الحكومة إلى نفق مسدود، فتحت قنوات تشاور ودخل عدد من الشخصيات الوازنة على الخط، قبل أن يمنح كرسي الرئاسة إلى الأمين العام للتجمع الوطني للأحرار، في محاولة لرأب الصدع الذي كاد يقود محاولات الوزير الأول عباس الفاسي إلى نفق مسدود. يشار إلى أن انتخاب أعضاء مجلس النواب يجري عن طريق الاقتراع المباشر، وتنتهي الفترة البرلمانية عند حلول شهر أكتوبر/تشرين الأول من السنة الخامسة من انتخاب المجلس حسب المادة ال 37 من الدستور. ويتميز الاستحقاق الراهن عن الاستحقاقات السابقة بإضافة طرق جديدة منها ما يتعلق باللائحة ومنها ما يتعلق بالاقتراع وغير ذلك. ومن أبرز التعديلات التي أجريت على نص القانون الحالي نقطتان، إدخال قاعدة الاقتراع بواسطة اللائحة مع التمثيل النسبي بأكبر بقية، وتوزيع المقاعد ال325 إلى مجموعتين: الأولى تتكون من 295 مقعدا سينتخب أصحابها في دوائرهم في الأقاليم والعمالات، والثانية من 30 مقعدا خصصت للعنصر النسوي وسيتم اقتراعهن على أساس اللوائح الوطنية. ويتولى مجلس القيام بالوظائف التشريعية ومراقبة عمل الحكومة، ويتم ذلك عن طريق سن القوانين المختلفة، كما تتم مساءلة الحكومة شفويا أو كتابيا أو عن طريق لجان التحري أو بواسطة نزع الثقة.