بايتاس: ارتفاع الحد الأدنى للأجر إلى 17 درهما للساعة وكلفة الحوار الاجتماعي تبلغ 20 مليارا في 2025    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 148 كيلوغراماً من الشيرا    رابطة علماء المغرب: تعديلات مدونة الأسرة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية    بايتاس: مشروع قانون الإضراب أخذ حيزه الكافي في النقاش العمومي    كربوبي خامس أفضل حكمة بالعالم    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي تبلغ بميناء المضيق 1776 طنا    وهبي يقدم أمام مجلس الحكومة عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    وكالة التقنين: إنتاج أزيد من 4000 طن من القنب الهندي خلال 2024.. ولا وجود لأي خرق لأنشطة الزراعة    بايتاس يوضح بشأن "المساهمة الإبرائية" ويُثمن إيجابية نقاش قانون الإضراب    نجاة مدير منظمة الصحة العالمية بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    الكلاع تهاجم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المدانين في قضايا اعتداءات جنسية خطيرة    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المغرب يفاوض الصين لاقتناء طائرات L-15 Falcon الهجومية والتدريبية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتبة ليبية: القذافي..شخصية سيكوباتية مأزومة
نشر في هسبريس يوم 26 - 02 - 2011

الكاتبة واللاجئة السياسية الليبية وفاء البوعيسى تحكم على القذافي ب"الإعدام"
ولدت الليبية وفاء البوعيسي في 12 غشت 1973، حصلت على ماجستير بالقانون الجنائي من الجامعة الليبية عام 2003، تتحدث اللغتين العربية والانجليزية، وتسعى لتعلم الهولندية حالياً. اشتغلت بالمحاماة من خلال مكتبها الخاص لمدة عشر سنوات، كما عملت كمحاضرة لمدة سنة بالمعهد العالي للعلوم الادارية والمالية ببنغازي ليبيا.
تعيش حالياً وحيدة بهولندا، بشقة خصصتها لها السلطات الهولندية، مع منحة إعانة ضد البطالة، حتى تنهي دراسة اللغة الهولندية، ضمن دورة المواطنة والإندماج اللازمة للإنخراط بالمجتمع الهولندي ونيل جنسيته، لكنها تعمل حالياً كمتطوعة للترجمة للغة الإنجليزية بمركز حماية اللاجئين بالمدينة التي تعيش فيها بشرق هولندا.
كما تشارك بنشاطات إنسانية ضمن فريق عمل تطوعي من عدد من السيدات الهولنديات، لمساعدة النساء اللاجئات ومساعدتهن للحصول على الدعم المعنوي والاجتماعي والعائلي، وتعريف اللاجئات بحقوقهن وأهمية دورهن بعد الاندماج. شاركت بالعديد من الندوات القانونية بمصر وليبيا والإمارات حين كانت تمارس عملها كمحامية بليبيا قبل مغادرتها البلاد سنة 2008.
تكتب الرواية ، وقد نشرت روايتين حتى الآن، الأولى "للجوع وجوه أخرى" منشورات مجلة المؤتمر ليبيا 2006 ، والتي ترتب عليها قيام إدارة الأوقاف بمدينة بنغازي بشن حملة تكفير واسعة ضدها بمساجد مدينة بنغازي، ومن ثم صدور فتوى من جهاز أوقاف بنغازي ضدها، مما اضطرها لمغادرة البلد طلبا للجوء بهولندا، علاوة على مشاكل أخرى ذات طابع سياسي مع النظام الليبي، لم تصرح بها الكاتبة لحد الآن للإعلام، لرغبتها في حماية نفسها وأهلها وربما سيأتي وقتها بعد سقوط النظام الذي شارف الآن على التهاوي، والثانية بعنوان "فرسان السعال" من منشورات الكاتبة شخصياً طبعت بتونس، الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم 2009، وزعتها بمعرضي القاهرة ولبنان، تتناول أحداثها تشكل ظاهرة العرب الأفغان وتحول الجهاد إلى إرهاب، وما ترتب عليها من ذيوع الفكر الإرهابي، وتدور أحداثها بأفغانستان، والجزائر، واليمن، والسعودية ، والباكستان، بالإضافة إلى رواية ثالثة بعنوان "نعثل" لم يسمح بنشرها ولا طباعتها، تتناول الحياة السياسية وتاريخ ليبيا الحديث منذ الاستقلال عن الاستعمار الإيطالي إلى غاية السنوات الأخيرة الماضية من حكم القذافي، تدور أحداثها بشكل إسقاط على مملكة الحيوان، وتتناول إسقاط سياسي خطير ومباشر على ممارسات النظام وما آلت إليه أحوال البلاد بسببه. كما بدأت مؤخراً كتابة المقالة الأدبية ونشرت عددا مما كتبت بمواقع الكترونية، كموقع كيكا وجهة الشعر، والقدس العربي والجزيرة السعودية المطبوعتين. تعكف الكاتبة حاليا على كتابة رواية رابعة تتناول تجربة اللجوء لأوربا تتناول فيها جزءً من سيرتها الذاتية وعددا من القصص الواقعية، وهي حاليا تزور عدة دول لأجل الوقوف على تفاصيل تهريب البشر عبر منافذ تركيا واليونان وماليزيا.
اتصلنا بوفاء البوعيسى لقراءة الحدث في ليبيا وكان لنا معها هذا الحوار.
تعيش ليبيا أياما عصيبة منذ 17 من فبراير بسبب القمع الهمجي الذي يتعرض له الشعب الليبي. كيف تقرئين الحدث وكيف تعيشينه في أرض الغربة؟
دعيني أقدم أولاً للقاري أحداث ثورة ليبيا المجيدة الآن، قبل أن أضعك في الجواب.
بدأت النخب الليبية بالداخل والخارج، الترتيب لثورة على النظام هناك، تحركت النخب المثقفة والوطنية من المعارضة الليبية، خارج ليبيا وداخلها لتحديد يوم للانتفاض ضد النظام، هو يوم 17 فبراير، لكونه يوافق الذكرى السادسة لما يعرف بأحداث القنصلية الإيطالية، حين خرج آلاف من شباب بنغازي في مظاهرة سلمية، تنديداً بالرسوم المسيئة لشخص النبي عليه الصلاة والسلام، فتداعت الأحداث ليتدخل البوليس الليبي ما أسفر عن مقتل العشرات، فثارت المدينة على النظام، وساندتها بعض مدن الشرق الأخرى، لولا أن تداركها النظام وقتذاك.
كان مقرراً أن يكون يوم 17 فبراير، هو يوم إحياء هذه الذكرى بطريقة سلمية وآمنة، هدفها الانتفاض ضد النظام، والمطالبة بالتغيير، ورحيله عن أرض ليبيا، وجرى الدعوى لها من خلال مواقع الفيس بووك والتويتر، وتلقفها الشارع الليبي، وانتشرت فيه كالنار في الهشيم، وتداولها الناس، حتى أرّقت النظام وكدرت صفوه، فأعد العدة لإخمادها بتجنيد أعضاء اللجان الثورية التابعة له، ومدها بأموال وسيارات للتهليل له بالشوارع، ومحاولة قمع أي تجمع يتشكل ضده، بل توثبت القوات المسلحة الليبية وأعلنت الاستنفار، حتى بدأ القلق من قمع الثوار يوم 17 المتفق عليه يعم أرجاء البلاد، فإذا بالثوار بمدينتي بنغازي، أقصى شرق ليبيا، والزنتان بغرب ليبيا تتحركان قبل ذلك اليوم، إذ انتفضتا يوم 15 فبراير وسقط منهما عدد من القتلى والجرحى.
بوغت النظام، بل وبوغت حتى مؤسسو حركة يوم 17 فبراير بهذا التحرك السريع، وما لبث أن تحركت الجيوب الصغيرة، المحيطة ببنغازي والزنتان يوم 16 فبراير، ولم يأتي يوم 17 المتفق عليه إلا وكانت كل مدن الشرق ومدن الغرب والوسط قد انتفضت ضد النظام، وطالبت في أولى مسيراتها بإسقاط النظام وتغيير الحكم، وهكذا توالت الأحداث حتى وجد النظام أن الجيش يتخلى عنه، وأن الضباط الليبيون الشرفاء وهم كثر ينضمون لصف الجماهير، فاستعان على المتظاهرين العزل بمرتزقة زنج من دول أفريقية جابت الشوارع وقتلت المئات وجرحت الآلاف من الليبين شرقاً وغرباً، كما سلم سلاح الطيران الليبي لمرتزقة إيطاليون أدخلهم النظام بعد أن تحرر منهم الليبيون منذ ما يزيد عن 60 سنة خلت وكروات وأوكران.
وعودة لسؤالك، فأظنك قد فهمتي مقدار ما أعانيه، من قلق على قومي وبني جلدتي، من الليبين بكل أطيافهم، وهم يواجهون محتل إيطالي جديد ومرتزقة زنج، علاوة على استخدام أسلحة محرمة ضد المتظاهرين، وفي ظل انقطاع الأخبار عن طرابلس التي تأخرت في اللحاق بباقي المدن، فإنني أعاني قلقاً وذعراً على أهلي هناك، وإن كان الأمل والإيمان والثقة بالليبين الذين حققوا انتصارات مبهرة في أيام معدودة، وحرروا حتى هذه اللحظة، ثلاثة أرباع مدن ليبيا على ترامي أطرافها، وسننتصر بإذن الله.
هناك سؤال سمعت الناس يرددونه كثيرا. وهو لماذا صمت الشعب الليبي ل 42 سنة على هذا النظام الديكتاتوري؟ ولماذا اختار الثورة الآن بالتحديد؟
هو نفس السبب الذي ألجم التونسيين لثلاثة وعشرين عاما، والمصريين ثلاثين عاماً، والجزائريين لقرابة الأربعين عاما، والمغرب لأكثر من ستين عاما، والسعوديون لأكثر من ثمانين عاماً.
إن الليبين انتفضوا عدة مرات، وعلى فترات مختلفة، بالثمانينات، والتسعينات، وفي هذه الألفية وحدها، حصلت انتفاضتين ضد النظام في بنغازي، منها انتفاضة يوم 17 فبراير 2005، ومعظم المدن الليبية شهدت انتفاضات ضد القذافي، منها اجدابيا، درنة، بني وليد، والزاوية التي شهدت وحدتها حركتين مضادتين للنظام، وقدمت هذه المدن على اختلاف ثوراتها، عدداً كبيراً من القتلى والجرحى، عدا عن عدد لا يحصى من السجناء، لكن الظروف في المنطقة، لم تكن مهيئة بشكل كاف للتحرك بشكل منظم ومكثف، وها هي الآن تتشكل بهدوء، وتنضج، وتتقدم، وتطيح بحصون وقلاع النظام في زمن قياسي، وتحقق مكاسب نوعية جداً، في بلد كليبيا، عانى من حكم الفوضى، والارتجالية، والتذبذب، وتفريغ البلاد من الدور المؤسساتي والمدني والنقابي والأهلي، لكن سلوك الثوار بالمدن المحررة، يشي بعلمهم وتمرسهم بهذه المؤسسات التي لم يعرفوها يوماً، فها هم الثوار في بنغازي ينشؤون جريدة، وإذاعة راديو وتلفزة محلية، وجناح عسكري يحمي ثورتهم، وانتشر المراسلون الصحفيين بمهنية وموضوعية بدأت في التزايد، وتشكلت على طول المدن، لجان أهليه لتنظيف المدن، وتفقد العوائل واحتياجاتها، وتفقد المستشفيات، وتجميع الأجانب الراغبين في مغادرة البلاد، وإطعامهم، وتوفير الأمان لهم، وتهيئة كل السبل أمامهم للمغادرة بسلام، وترجيع ممتلكاتهم التي سطى عليها بعض المرتزقة والأمن الذين كانوا يوالون النظام، وثمة مجلس أعيان بالبيضاء الآن، يتكلم باسمه وجهاء المدينة، يتحدثون فيه بحرية، وشفافية، ومكاشفة، ويخططون لإكمال ثورتهم بدعم طرابلس التي أرهقتها قبضة النظام وتضييقه عليها.
كيف تفسرين التخاذل الدولي ازاء المجازر الرهيبة التي اقترفها القذافي والتي جاهر بها امام وسائل الإعلام واصفا الثوار بأبشع النعوت؟
إن المصالح النفطية التي تربط ليبيا بدول الغرب، والتلويح الليبي بالتساهل في مراقبة المهاجرين غير الشرعيين، المنطلقين من سواحلها وأراضيها علناً وبوقاحة تجعل من هذه الدول، تلزم الصمت وتفضل الجلوس في مقعد المراقب، وتراهن حتى على قمع القذافي للمتظاهرين، وبالتالي استمرار ضخ النفط والغاز إليها، وقلقها من بروز دولة إسلامية بالشرق الأوسط هو ما يجعلها تتخذ هذا الموقف السلبي والمراقب.
ما تعليقك على ما ورد في خطاب سابق للقذافي بقوله أنه " مجد لن يفرط فيه الليبيون"؟
هذا قول يعكس الشخصية السيكوباتية والمأزومة التي يحملها القذافي، إنه رجل أهوج، مختل، ويعاني تضخماً حاداً في أناه العليا.
هذا القول السخيف، يكذبه واقع حال الليبيون المزري، وحال الإدارة الليبية ومؤسسات الدولة وأداء القطاع العام، والخراب الواضح في قطاعات التعليم، والصحة، والطرق.
لقد ادعى في خطابه المضحك المبكي ذاك، أنه هو "من بنى بنغازي طوبة طوبة"، في حين أن بنغازي، أكثر مدن ليبيا على الإطلاق تجاهلاً، وتهمشياً، وتعتيماً، والظروف فيها بائسة، والمشاريع الإحيائية والإنمائية فيها شبه معدومة، وسكانها يعانون البطالة والمرض.
نعم هو من بنى بنغازي، لكنه بنى بنغازي المشانق، بنغازي الإيدز، بنغازي قتل المتظاهرين وملاحقة ذويهم، بنغازي بو سليم، هذا هو ما بناه ذلك الأهوج.
كمثقفة ليبية ما الدور الذي تلعبينه في دعم الثورة؟
ليس لي دور يذكر، فأهلي بالداخل يقومون بدوري ودروهم معا، إنهم هناك، يصيغون ليبياهم الجديدة، ليبياهم الحرة، ليبياهم الكريمة، أنا هنا فقط لا أتوقف عن الاتصال بالشرق والغرب والجنوب كلما أتيح لي، بسبب تقطع الاتصالات الآن، اجمع المعلومات، واتصل ببعض أقطاب المعارضة الذين يستمعون إلي بروح عالية وصدر رحب، ويشجعونني على المزيد، أكتب بعض المقالات، أعطي بعض الاقتراحات لإخواني بالداخل لإدارة مواردهم المحدودة في ظل ظروف قطع امدادت التموين من الغرب إلى الشرق، والتعامل مع معطيات الموقف، فأنصح أهلي واصدقائي بترتيب أنفسهم، وأشد على يدهم، وأحثهم على الجهاد والنضال من أجل ليبيانا جميعاً، وأهدأ من روعهم، وأرد بهدوء وعقلانية على كل من يثير مسألة التقسيم، أو الأسلمة، أنا هنا مكبلة لا أملك غير الاتصال هناك وهناك، أو الرد على أي سؤال لجريدة أو مجلة أو موقع، من أجل التعريف بواقع الناس ببلدي، وما يتعرضون له من قتل، ودمار، وقد حاولت جاهدة الدخول إلى ليبيا من مطار إيطاليا، لكن جميع شركات الطيران، تقرر أنها تذهب خالية، لتعود برعاياها فقط، وكان ثمة قلق حقيقي من أن مطارات الشرق قد تضررت مهابطها، فلم أتمكن من الدخول لبلدي، والمشاركة في ثورته المباركة.
كيف تقيمين تعاطي الدول العربية مع الثورة الليبية؟
كل الحكومات العربية الآن، تعاني ذعراً حقيقياً من ثورة شعوبها عليها، إن الصمت العربي حيال الموقف بليبيا، هو ذاته الصمت الذي صاحب الثورة المصرية والتونسية، ويقيني أن الحكومات العربية مثلها مثل الحكومات الغربية تراهن على انتصار النظام على الشعب بليبيا، وقمعه بدموية وقسوة، حتى لا تحدث شعوبهم نفسها بتكرار التجربة الليبية، وحتى لا تتهدد عروشهم،التي صار بعضها يتهاوى الآن أمام أعينهم، لكن الشارع العربي، كما الشارع الغربي تماما، ذلك الشارع الإنساني، الذي يغلي وينفطر لمشاهد القتل والقصف، والدبابات تلاحق المشاه، والطائرات تقصفهم بقسوة، كله معنا كله يتألم لأجلنا صدقيني.
أنا أستقبل يومياً مئات المكالمات والرسائل القصيرة والصوتية على نقالي، ومئات الإيميلات بلا مبالغة.
أنا لم أشعر بأنني وحدي، ولم أشعر بأنني معزولة، أو مخذولة، فالكل يتصل من معظم الدول العربية، وحتى أصدقائي من الهولنديين والبلجيك وجمهورية التشك وبريطانيا، وبولندا، وإيطاليا، لم يتوقفوا عن مكالمتي ودعمي والصلاة لأجل الليبين.
إن أصدقائي الهولنديين هنا، الذين يعرفون جنسيتي، أعلنوا لي أنهم لن يستعموا للموسيقى في الوقت الذي يواصل فيه الليبيون سماع أزيز الطائرات.
ماهو الدعم الذي تعتقدين أن الليبيين بحاجة إليه الآن؟
إن طرابلس الآن تواجه سلاح الطيران من الجو، ودبابات على الأرض بسكاكين مائدة، تأخرت طرابلس قليلا في التحرك، بسبب ما عانته من احتلال لقوات اللجان الثورة وعناصر الجيش قبل انشقاقها عن النظام، وهي الآن بالذات تواجه المرتزقة الأفارقة، الذين يجوبون شوارع المدينة، ويرمون الناس بالرصاص في أي تجمع حتى ولو كان أمام فرن للخبز، هذه المدينة وما جاورها من مدن، تدفع الآن ثمن عدم قدرة النظام على السيطرة على المدن التي خرجت من تحت يده، إنها ساحة لإنتقام النظام من مدن الشرق والوسط والشمال التي مرقت عليه، وما عاد قادراً على السيطرة عليها وإسترجاعها من جديد.
إنها إذاً تحتاج لدعم عسكري ولوجستي، للتصدي للمرتزقة والطيران والدبابات، وتحتاج لزحف باقي المدن نحوها بالإمداد الحربي والتمويل الإعاشي.
ماهي مقومات ليبيا الغد التي تحلمين بها؟
ليبيا الموحدة بكل مكونات سكانها من العرب والجريتليين والأمازيغ والتبو، كما تعلمتها بالمدرسة، وكما وحدّها الملك السابق ادريس السنوسي،ليبيا الدستور الذي ألغاه القذافي وحوله إلى بضع مقولات عجفاء من كتابه الأخضر، الدستور الذي يكفل حق المواطنة لجميع اللييبن بكل أطيافهم، يكفل لهم حقوقهم الأساسية، والمدنية، والسياسية في الانتخاب والترشح، وإقرار نظام حكم يقوم على التداول السلمي وفق زمن محدد، والشفافية، وإطلاق حريات الصحافة، والتظاهر، والاعتصام المدني، والاضراب، وتفعيل دور المؤسسات النقابية، والأهلية، وكافة مؤسسات المجتمع المدني، وإشاعات الحريات التي قمعها النظام ومن أهمها على الإطلاق حق تكوين الأحزاب، والتمثيل النيابي.
إذا عرض القذافي أمام انظار المحكمة الجنائية الدولية وكنت أنت القاضية فبماذا ستحكمين عليه؟
بالإعدام، والأمر بملاحقة أمواله وثروته، لدى أولاده وأحفاده، وأبناء عمومته ولجانه الثورية وتسليمها للشعب الليبي.
عانيت من كتاباتك في ليبيا وانتهى بك المطاف في هولندا. حدثينا قليلا عن هذه التجربة المرة؟
اسمحي ليبتجاوز هذا السؤال الآن، فأنا لدي ما أفضي به حقاً، لدي الكثير مما لا يعرفه العالم، والمعارضة الليبية، والشعب الليبي، لدي أسباب قاسية ومهمة، لكن لأسباب تتعلق بسلامة أهلي من خلفي، آثرت عدم الكلام إلا عن خلافي مع الإسلاميين، ومشكلتي مع الإسلاميين تحدثت فيها بإسهاب عدة مرات، الآن سأحتفظ لنفسي بحق الصمت، إلى أن تصل ليبيا لبر الأمان، وتتخلص من طاغيتها الأهوج هذا، ثم أتكلم عن سائر الأسباب السياسية لاحقاً.
هل تتوقين للعودة إلى ليبيا؟
قد تسحب السلطات الهولندية اللجوء مني بعد سقوط النظام، واستقرار البلاد، لكوني حصلت على اللجوء لأسباب سياسية ودينية تتعلق بحق التعبير، لكنني قد أغادر لبلدي حتى قبل أن تفعل هولندا ذلك، وهذا يعتمد أيضاً على تأكدي من سلامتي من الإسلاميين الذين ثار بيني وبنهم خلاف، أفضى إلى تكفيري علناً على منابر المساجد.
ما هي كلمتك للشعب الليبي وكل الشعوب التواقة للحرية؟
رسالتي لليبيا الآن في هذا الظرف العصيب قلتها لأهلي هناك، وجيراني، وأصدقائي.
إنه قدرنا، قدرنا أن نواجه النظام الليبي الدكتاتور عُزلاً إلا من إيماننا بالله، وبشعبنا البطل، وفي سبيل ذلك علينا أن نستمر في مسيرتنا، فالحرية حمراء، وثمنها باهض، وعلينا أن نواصل طريقنا نحو الحرية، حتى آخر طفل، وامرأة، وشيخ، ومعاق، ولو ترتب على ذلك موتنا جميعاً، فنحن كما قال عمر المختار، شعب لا يستسلم، ينتصر أو يموت، وسيكون على معمر القذافي أن يقاتلنا حتى النهاية، ولو بقيت له الجدارن والساحات والبواليع يحكمها دوننا.
أما باقي الشعوب العربية، فأنا أرى تململاً بدأ يتشكل في أفق اليمن، المغرب، البحرين، الجزائر، العراق، السعودية، بنجلاديش، موريتانيا، بعضها دخل مراحل نوعية جداً كأحرار اليمن والبحرين، وبعضها بدأ في هندسة ثورته والتخطيط لها إلكترونياً وميدانياً، أقول لهم، إن للحرية الحمراء باب، بكل يد مضرجة يدق، وها هي أيدي الليبين المضرجة تدق باب العزيزية ، معقل القذافي، تدق، تدق، وستلج بعد قليل، ستدخل إلى هناك، وتقبض على أهوج ليبيا، وتقدمه للمحكمة، وكما دقت أيدي المصريين قصر مبارك، وأعلنته شخصاً غير مرغوب فيه، وكما دقت أيد التونسسين المضرجة قبلهم، باب بن علي وتركت طائرته تستجدي مكاناً يأوي إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.