تم قبل أيام تشكيل اللجنة التي ستعد القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي سيتولى وضع السياسة اللغوية والثقافية للمغرب، تشكيل وإحداث هذه اللجنة التي ذكر وزير الثقافة أن الملك عين رئيسها وتشرف عليها وزارة الثقافة التي اقترحت أعضاءها بتنسيق مع رئيس الحكومة تطرح عدة أسئلة: ففيما كان المطلوب أن تعكس ممارسات الدولة المغربية وتدابيرها السياسية والدستورية والإدارية روح ومقتضيات الدستور ذاته ومنها مبدأ المشاركة واعتماد المقاربة الديمقراطية، قامت في تجاهل للمقتضيات الدستورية وللالتزامات الدولية وأعلنت من جانب واحد على تكليف لجنة يناط بها وضع تصور حول موضوع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وذلك وفق مقاربة من اقتراح وزارة الثقافة والحكومة أفرزت لجنة تنفيذية، تلفّ السرية كل مراحل تشكيلها وعملها وتركيبتها، في تناقض صارخ مع أسس المقاربة الديموقراطية الناجعة المعمول بها في التجارب والممارسات الفضلى. فقد تم إحداث وتشكيل اللجنة في سرية و"كولسة" سياسية وإدارية غير مسبوقة، ورغم مرور أسبوع على إعلان تعيينها على لسان وزير الثقافة في البرلمان، وانعقاد اجتماعها الأول بوزارة الثقافة حيث أشرف وزير الثقافة على تنصيبها، لم يتم لحد الساعة إصدار أي بلاغ مفصل في الموضوع يعلن تشكيلها والمقاربة المعتمدة في انتقاء أعضائها وتمثيليتها، ولم يتم نشر أسماء أعضائها ! مما يعد سابقة في تشكيل وتعيين اللجن الحكومية والملكية، خاصة أن مجال اشتغالها ومهامها ترتبط بمقتضيات دستورية إستراتيجية وكبيرة، ومما يؤكد تخوف أصحابها من وقع وتداعيات اللبس المحيط بمسار تشكيل واختيار الأعضاء وتعيين اللجنة. فالمعطيات المتوفرة بصعوبة عن تركيبتها وتمثيليتها، نظرا للغموض والسرية التي تكتنف إحداثها، تؤكد وجود شخصين فقط في البداية من بين 34 عضو محسوبين على الحركة الأمازيغية بحجمها المدني ومجالات اشتغالها الحقوقي والعلمي والإبداعي، إضافة إلى أحمد بوكوس طبعا، بل تؤكد أيضا الحضور الكاسح للمحسوبين على المكونات اللغوية والثقافية الأخرى، وللأسماء والشيوخ القوميين والمعروفين بمواقفهم اتجاه قضايا التعدد اللغوي والتنوع الثقافي والأمازيغية. ومما يؤكد أن اللجنة لا تزال تتخبط في تشكيلتها ومسطرة تمثيليتها وعملها، أن اللائحة لا زالت مفتوحة ويتم الاتصال من يوم لأخر بأشخاص جدد للالتحاق بها، مما يسئ إليها وإلى الإطار الدستوري. فبدل اعتماد منهجية ديمقراطية وتشاركية وشفافة في إحداثها وتشكيلها وتمثيلياتها، وفق مقتضيات الدستور ذاته، واحترام الإطارات الأمازيغية وحجمها النضالي والمدني، وتخصصها وتراكمها الثقافي والعلمي والإبداعي واللغوي، واعتماد مبدأ الانسجام بتجنب التنافر والأسماء المعروفة بمواقفها ورفضها لقيم التعدد اللغوي والثقافي الذي كرسته الحركة الأمازيغية في المشهد السياسي والثقافي الوطني، يتم الإصرار على خيار السرية و"الكولسة" والتهافت مما يمس في العمق مصداقيتها ومشروعيتها ووظيفتها والنتائج التي ستسفر عنها. *كاتب، المنسق الوطني للتنسيق الوطني الأمازيغي ورئيس جمعية أزمزا.