ظهر خلال شهر أكتوبر 2015، عن دار النشر الألمانية "tredition" بمدينة هامبورك، كتاب بعنوان: "النزع في الصحراء: الحكم الذاتي كحل رشيد"، من تأليف الأستاذ المحامي عز الدين قريوح. وخلاصة هذا الكتاب المثير للجدل، والذي أصبح من ضمن مراجع مكتبة جامعة هامبورك الألمانية، أنه تناول قضية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية انطلاقا من مبادئ وأسس القانون الدولي المقارن، حيث خلص فيه مؤلفه إلى أن الصحراء مغربية من الناحية القانونية والتاريخية والاجتماعية والثقافية، وأن ما يسمى بالبوليساريو مجرد خرافة ووهم يغذيهما خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية. ومن خلال إلقاء نظرة على محتويات هذا الكتاب، تظهر لنا مزاياه المتعددة، منها أنه جاء في وقت عرفت فيه قضية الصحراء المغربية تطورا ملحوظا، فالمغرب في نطاق عدالة قضيته، وفي إطار الجهوية المتقدمة، وفي ظل مسيرات النماء التي يخوضها، حريص كل الحرص على المضي قدما من أجل ضمان المواطنة الكاملة والعيش الحر الكريم لأبناء أقاليمه الجنوبية. إضافة إلى أن هذا الكتاب ظهر باللغة الألمانية، علما أن المراجع التي تعرِّف بهذه القضية باللغة الألمانية قليلة جدا، إن لم نقل منعدمة، كما أفادني بذلك الأستاذ المحامي عز الدين قريوح مؤلف الكتاب. ولعل الخطير في هذه المسألة أن معظم الكتابات التي صدرت باللغة الألمانية حول النزاع في الصحراء صدرت في النمسا، علما أن أصحابها يروجون لأطروحة البوليساريو الفاشلة. والمزية الثالثة لهذا الكتاب أن مؤلفه، الأستاذ عز الدين قريوح، شاب مغربي من مواليد مدينة الناظور بتاريخ 06/10/1978، نشأ وتعلم في ألمانيا، وهو محامي وفاعل جمعوي، اشتهر في الأوساط الألمانية بالتعريف بقضية الصحراء المغربية، وبدفاعه الكبير عن خيارات المملكة المغربية، وما تشهده من انتقال ديمقراطي واعد. أما الكتاب في صورته العامة، فهو يتألف من مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، فبعد أن أعطى المؤلف نظرة تاريخية وجغرافية عن الصحراء قبل الاستعمار الأوروبي ونهاية الاحتلال الاسباني ودور محكمة العدل الدولية في ذلك، انتقل للحديث عن فشل محاولات الانفصال، وذلك من خلال الحديث عن نشأة وإيديولوجية وبنية البوليساريو. ويطالعنا الكاتب في هذا الفصل عن ديكتاتور بدون دولة، ودور الجزائر في النزاع القائم في الصحراء، ليخلص إلى نتيجة حتمية وهي عدم قدرة مرتزقة البوليساريو على تأسيس دولة، ومن ثم رفض تأسيس ما يسمى بالجمهورية الصحراوية الوهمية، مع ما يصاحب هذه الأوهام من انغلاق وصراع على السلطة. أما الفصل الثالث، فقد تناول فيه الكاتب نشأة وتطور مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، ووجهة نظر منتقدي هذا المبدأ، وهل من حق الصحراويين المطالبة بحق تقرير المصير، ثم مصير مبدأ حق تقرير المصير في الوقت الراهن. الفصل الرابع والأخير أبرز فيه الكاتب مبادئ وخصائص وسياق الحكم الذاتي، وخيار المملكة المغربية في هذا الصدد، لينتهي بعد ذلك إلى أن المملكة المغربية أصبحت رمزا للتحول الديمقراطي الواعد. وللتدليل على نجاعة الحكم الذاتي، استلهم الكاتب تجربة الحكم الذاتي في جنوب تيرول بإيطاليا. وفي الخاتمة، أبرز الكاتب الآثار الإيجابية للحكم الذاتي على المنطقة المغاربية ككل. تلكم خلاصة كتاب قيم، ألفه رجل قانون، جاء ليعرف بقضية وحدتنا الترابية المقدسة، انطلاقا من أسس ومبادئ القانون الدولي المقارن، آملا أن يترجم إلى اللغة العربية وإلى لغات العالم، لأن قضية "الصحراء ليست قضية الصحراويين وحدهم، الصحراء قضية كل المغاربة"، كما أعلن عن ذلك الملك محمد السادس. * أستاذ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة.