شاء القدر أن يختار محمد أمين بنمبارك، وهو شاب مغربي حاصل على شهادة عليا في الهندسة، ويعمل مؤطرا لمشروع في المدرسة الوطنية العليا للهندسة بالعاصمة الفرنسية باريس، كرسيا في مقهى ومطعم "الكاريون""Le Carillon في الدائرة العاشرة بعاصمة الأنوار، لارتشاف كأس قهوة رفقة زوجته. ولم يكن بنمبارك يتخيل لحظة أن اختياره لذلك المكان في المقهى الباريسي المعروف، كان آخر قرار له في حياته، بل كان آخر عهده له بهذه الدنيا، وهو الشاب المفعم بالحيوية والحياة، حيث إنه بعد فترة زمنية قصيرة، تلقى المهندس المغربي لرصاصات غادرة أودت بحياته على الفور، فيما يقال إن رفيقة حياته توجد في حالة حرجة. محمد أمين، المتزوج حديثا خلال فصل الصيف الفائت، لم يفرح بحياته الجديدة كزوج إلا أشهر قليلة، فهجمات تنظيم "داعش" لم يترك له أن ينعم بسنوات طويلة أخرى، بل تركته جثة هامدة داخل المقهى الفرنسي المذكور، رفقة العديد من الضحايا الآخرين الذين سقطوا صرعى نتيجة تلك الرصاصات الداعشية. نجلاء بنمبارك، الصحفية السابقة في قناة "دوزيم"، كشفت عن حزنها العميق لمصرع قريبها، محمد أمين بنمبارك، وأوضحت في تغريدة لها على موقع "تويتر"، أن مقتله لم يكن في مسرح "باتاكلان" كما أشيع من طرف البعض، بل في مقهى "كاريون"، مشيدة بأخلاقه وسلوكاته العالية. وانهالت على تغريدات الصحفية المغربية تعازي المعلقين بشأن وفاة قريبها الذي قُتل غدرا في هجمات باريس، حيث حرص الكثيرون على تذكر سيرة محمد أمين، وكيف كان متألقا في مساره الدراسي الذي توجه بالحصول على شهادة الهندسة، وكيف أن القدر شاء أن تنتهي حياته مبكرا وسط الفوضى التي أثارتها داعش" وسط فرنسا. معارف بنمبارك أوردوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن زوجة المهندس الشاب، التي كانت تجلس بالقرب من رفيق حياتها، للاستمتاع بلحظات دافئة بعيدا عن روتين العمل طيلة الأسبوع، تلقت 3 رصاصات غادرة بدورها، ما جعلها تدخل في غيبوبة، ولا تُعرف إلى حد الآن تطورات حالتها. محمد أمين لم يكن وحده الذي سقط ضحية اعتداءات "الكاريون"، ليلة الجمعة الدامية، بل أيضا أكثر من 15 شخصا ذهبوا ضحية تلك الهجمات الإرهابية في ساحة المقهى، وأيضا في المطعم الذي يقابله واسمه "لوبوتي كامبدوج"، في شارع "بيشات" Bichat، وهي فضاءات يقبل عليها الشباب الباريسي بكثرة.