في الوقت الذي سارعت فيه جل الحركات والأحزاب الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى تهنئة رجب طيب أردوغان وحزبه بالنصر الانتخابي الذي سيمكنهم من تشكيل الحكومة بشكل منفرد، فإن حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي تجمعه علاقات جيدة مع حزب أردوغان، قد لزم الصمت، حيث لم يصدر عنه أي بيان أو أية إشارة، في موقعه الرسمي، لتهنئة الحزب التركي على نصره الانتخابي. وكانت جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسي الحرية والعدالة، أول من هنأ حزب العدالة والتنمية التركي بنصره الانتخابي، الذي مكنه من الظفر بغالبية المقاعد داخل البرلمان، حيث كتبت على صفحتها الرسمية ب"فيسبوك" أن فوز حزب أردوغان "هو أبلغ رد على المنقلبين الدمويين، أعداء الديمقراطية في مصر وسورية وغيرهما من الصهاينة والقوى الدولية والإقليمية الذين يناهضون إرادات الشعوب الحرة ومخرجات استحقاقاتها الانتخابية والديمقراطية". حزب الحرية والعدالة، التابع للجماعة، نشر بيانا يوجه فيه تهنئة لأردوغان، ورسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مفادها أن الشعب التركي قدَّم المثل الواضح على حيوية الحياة الحزبية والسياسية في ظل شعوب حرة "لا تخضع لحكم عسكري ولا قمعي، وتتمتع بالديمقراطية الحقيقية بمشاركة معظم أفراد الشعب". بدوره، كان راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، أول المتصلين برجب طيب أردوغان لتهنئته على انتصاره الانتخابي، قائلا إن "هذا الفوز يبث الفرحة لكل محبي تركيا في العالم العربي، وهو فوز للربيع العربي، وخسارة لمشاريع الفوضى والانقلابات والثورة المضادة في المنطقة". فوز العدالة والتنمية التركي نزل بردا وسلاما على عدد من الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي اتصل نائب مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، برجب طيب أردوغان ليؤكد له أن "صدى فوز العدالة والتنمية يتردد في فلسطين والقدس وغزة، والتي وقف معها الرئيس أردوغان وتركيا الشقيقة"، واعتبر فوز العدالة والتنمية "انتصاراً للديمقراطية والوحدة والاستقرار والأمن في تركيا". الموقف نفسه عبر عنه رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين، بقوله إن "فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة أحمد داود أوغلو، في الانتخابات التركية، يمثل انتصاراً لفلسطين والقدس والمسجد الأقصى". وعلى الصعيد الوطني، كانت جماعة العدل والإحسان أول المهنئين لحزب أردوغان، بإصدار بلاغ عن الدائرة السياسية للجماعة التي رأت أن هذا الانتصار "تعبير عن رضى الشعب التركي من أجل الاستمرار في التجربة الرائدة التي دبرتم بها شؤون بلدكم في السنين الأخيرة والتي استطعتم أن تحققوا بها قفزة نوعية في شتى المجالات وأعطيتم نموذجا في الانفتاح والعصرنة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية". وبينما تقاطرت بلاغات التهنئة والاتصالات على قادة حزب العدالة والتنمية من طرف الأحزاب والحركات الإسلامية، فإن "إخوان بنكيران" مازالوا يلتزمون الصمت ولم يصدر عنهم أي موقف، وهو ما فسره منتصر حمادة، الباحث في الحركات الإسلامية، بكون حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية يوجدان في موقع المسؤولية الحكومية اليوم، بخلاف جماعة العدل والإحسان، ليخلص إلى أن المواقف الرسمية للتنظيمين، الأول معترف به رسمياً بل منخرط في التدبير الحكومي من داخل مؤسسات الدولة، والثاني غير معترف به، لا بد أن تنعكس على مضامين البيانات الرسمية تجاه التفاعل مع العديد من أحداث الساحة، محلية كانت، إقليمية أو دولية، ومنها نتائج الاستحقاق الانتخابي الأخير في تركيا. وزاد حمادة أنه حتى لو افترضنا أن مواقف الجماعة والحزب الذي يقودها عبد الإله بنكيران قد تختلف ضمنياً، "إلا أن المنطق يُفيد بأن قيادات وقواعد حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية لن تخرج عن المواقف التي أعلنت عنها مختلف الحركات والأحزاب الإسلامية في الساحة، داخل وخارج المغرب"، مشيرا إلى أنه يكفي إلقاء نظرة عابرة على مضامين مواقف بعض القيادات ولائحة من قواعد الحركة والحزب من الاستحقاق الانتخابي التركي، "وهي مواقف تعفي ما يمكن أن يصدر عن المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح أو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية".