أكد أكاديميون مغاربة أن من مزايا الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة الحرص على تخليق الحياة العامة، وضمان نزاهة الانتخابات، وإرساء دولة المؤسسات، وحماية الحقوق والحريات لمختلف المواطنين، مشيرين إلى أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى62 لثورة الملك والشعب أعطاها حمولة قوية، ساهمت في حث المواطنين على التصويت. الندوة العلمية التي نظمها المركز المغربي للأبحاث الإستراتيجية ودراسة السياسات، بشراكة مع منبر الحرية ومؤسسة هانس سايدل بمراكش، قاربت إشكالات وقضايا أساسية متعددة، ترتبط أساسا بالانتخابات الجماعية والجهوية لاقتراع 4 شتنبر الماضي. عبد اللطيف العطروز، أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، أبرز في مداخلته أن الانتخابات المحلية شكلت لحظة سياسية في سياق انتقال سياسي وتعديل دستوري فتح فرصا سياسية مهمة، من شأنها أن تساهم إيجابا أو سلبا في ترسيخ الديمقراطية الانتخابية، مؤكدا أن التقطيع الانتخابي لم يحترم الشروط الموضوعية، الديموغرافية والجغرافية والسوسيولوجية، التي تجعله معبرا عن القاعدة الانتخابية بشكل ديمقراطي. أما محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، فأبرز أن الأحزاب الحاصلة على أكبر عدد من الأصوات لم تحصل بالمقابل على أكبر عدد من المقاعد، منبها إلى أن العالم القروي هيمن على توزيع المقاعد الانتخابية، مقارنة بالمجال الحضري الذي يعرف كثافة سكانية، مضيفا أن دمقرطة العملية الانتخابية، في ظل عدم قدرة القوانين على توفير كل الضمانات الضرورية، تتوقف قبل كل شيء على مدى قدرة الأحزاب السياسية على القيام بوظيفتها الجوهرية، في ظل الديمقراطية التمثيلية. وأوضح أحمد بوز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أن نتائج اقتراع 4 شتنبر، التي عرفت تقدما ملموسا لحزب العدالة والتنمية، لا تعكس بالضرورة نتائج انتخاب مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، معتبرا أن منطق التحالفات السياسية الوطنية مغاير لمنطقها على المستوى المحلي، حيث تتسم بكونها غير مستقرة وظرفية. وبينت نسبة المشاركة الانتخابية في هذه الاستحقاقات، بحسب المتحدث ذاته، أن الناخبين تصالحوا مع العملية الانتخابية، وقدرتها على تداول النخب على تدبير الشأن العمومي المحلي، رغم أن قناعتهم بقدرة أصواتهم على إحداث التغيير المرجو لازالت ضعيفة. وتناول محمد المساوي، أستاذ القانون العام بجامعة ابن زهر بأكادير، استمرار الهيمنة الذكورية في المخيال الاجتماعي المغربي، مما انعكس سلبا على مكانة وموقع المرأة المغربية على مستوى الانتخابات المغربية، الشيء الذي أدى إلى تبعية النساء للرجال على مستوى التفضيل الانتخابي. من جهته أشار محمد لمساعدي، الباحث في العلوم السياسية، إلى أن هذه الانتخابات عرفت تجاذبا سياسيا مهما أثناء الحملة الانتخابية التي استعملت فيها عدة وسائل وتقنيات، تتراوح بين التواصل التقليدي واستعمال آليات جديدة وتكنولوجية للتواصل، منبها إلى أن تطور الوسائط المستعملة في الحملة الانتخابية قابله تراجع في مضامين الخطاب السياسي.