أجمع أساتذة جامعيون على أن الانتخابات الجماعية والجهوية لرابع شتنبر تعد تأكيدا جديدا على نجاعة المسار الديمقراطي الذي تمكن المغرب من تكريسه في ظل دستور 2011، وذلك على الرغم من الظرفية الإقليمية الصعبة. وأوضح ثلة من الأساتذة خلال مائدة مستديرة نظمتها مساء اليوم الجمعة بالرباط، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، بتعاون مع مؤسسة هانس سايدل الألمانية حول "الانتخابات الجماعية والجهوية للرابع من شتنبر 2015 : قراءات متقاطعة أولية في سير ونتائج هذا الاستحقاق"، أن الفائز الأول في هذه العملية الانتخابية هو الديمقراطية الناشئة بالمغرب، مؤكدين أن دستور المملكة جاء ليكرس خيار المقاربة التشاركية واللامركزية الإدارية القائمة على الجهوية المتقدمة والمرتكزة على مبادئ التدبير الحر للجماعات الترابية وتعاونها وتضامنها. وفي هذا السياق، أوضح عبد الرحيم المنار السليمي، أستاذ بكلية الحقوق- أكدال الرباط، أن المغرب تمكن من تنظيم انتخابات نزيهة في ظرف إقليمي صعب لا يزال يشهد حراكا شعبيا مطالبا بالشروع في إصلاحات سياسية وديمقراطية. وأشار إلى أن الفرصة أصبحت مواتية لتوظيف نتائج هذه العملية الانتخابية في تكريس الجهوية الموسعة، خصوصا في الأقاليم الجنوبية، لافتا إلى أن العديد من البلدان الأجنبية قد أشادت بسير هذا الاستحقاق وبالمسار الدستوري الذي قطعه المغرب. من جانب آخر، نبه الأكاديمي إلى أن نسبة المشاركة (53.67 في المائة)، علاوة على نوعية البرامج و"تداخل مفهوم السياسي والأخلاقي" في الحملة الانتخابية لا تزال تحيل على عدم انخراط فئات واسعة من المواطنين في المشاركة السياسية، مما يفرض، حسب رأيه، على الأحزاب السياسية بذل مجهود أكبر لمصالحة المواطنين مع الشأن الانتخابي. وأبرز الأكاديمي والمحلل السياسي، مصطفى السحيمي، أن الانتخابات السالفة الذكر أبانت على أن المغرب قادر على تنظيم استحقاقات وطنية بشكل يراعي كل الضوابط المعمول بها دوليا، وذلك على خلاف العديد من بلدان الجوار التي لا تزال تجد صعوبة في ذلك، مشددا على أهمية تحصين هذا المكسب الذي يكرس، برأيه، "الاستثناء المغربي" في هذا المجال. وفي استقرائه لنتائج هذه الانتخابات، أكد أستاذ القانون الدستوري على بعض ملامح الخلل الذي يجب تداركه، لاسيما في شقه المرتبط بنسبة تغطية الأحزاب للجهات ونسبة المشاركة والأصوات الملغاة وسير الحملة الانتخابية والمقاربة القائمة بين عدد الأصوات وعدد المقاعد المحصل عليها في المدن والقرى. من جهته، اعتبر محمد اليعقوبي، أستاذ بكلية الحقوق بسلا، أن "الكلمة المفتاح في هذه الاستحقاق ليس هو من فاز أو خسر، بل هو الانتصار للديمقراطية" وتكريس المقاربة التشاركية للحوار والتشاور الذي تحقق من خلال هذه العملية الانتخابية، مستعرضا في نفس الوقت بعض ملامح الحملة الانتخابية وتقييم الخطاب والسلوك السياسي للمرشحين وحيثيات المواكبة الإعلامية والدولية لهذه الاستحقاقات، علاوة على السيناريوهات المحتملة للتحلافات التي قد تنشأ بين الأحزاب. وأشار من جانب آخر إلى أن نسبة المشاركة في هذا الاقتراع، الذي عرف مشاركة 28 حزبا وتحالفا سياسيا واحدا فضلا عن غير المنتمين، تعد مقياسا لتصالح المواطنين مع الشأن السياسي وأن النتائج المحصل عليها سيكون لها تأثير مباشر على تركيبة مجلس المستشارين وتداعيات على الانتخابات التشريعية المقبلة. يشار إلى أن أشغال هذا اللقاء تميزت أيضا بإلقاء عروض تمحورت على الخصوص حول "أي تقييم لمسار ونتائج الانتخابات الجهوية والمحلية" و"محاولة أولية لتقييم انتخابات 4 شتنبر" و"أبعاد التفعيل الدستوري لتمثيلية النساء على ضوء الانتخابات الجماعية لرابع شتنبر".