تساءل محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعيّة من جامعة القاضي عياض بمراكش، إن كانت الهندسة الدستورية كفيلة بتدبير جماعي عقلاني وحكيم، و زاد قائلا، في مداخلته بندوة عن "الجهوية و الحكامة..أي دور للفاعل المحلي" المنظمة من طرف "منبر الحرية" و"مؤسسة هانس سايدل الألمانية، إن دستور 2011 يملك كل الآليات و الوسائل للإجابة على إشكاليات السياسات العمومية، و يتوفر على كل ما يؤسس لجهوية متقدمة، كالتدبير الحر و الانطلاق من التنمية المحلية و التأسيس لعلاقة جديدة بين السلطة المحلية و المنتخبة، و الانتقال من علاقة الوصاية التي تقوم على التراتبية، إلى علاقة الرقابة حيث تكون سلطة مقابل سلطة، و الفرق بين النظامين كبير. و أضاف الغالي بأن الشكل الذي طرحت به مسودة الجهوية، التي كشفتها وزارة الداخلية، يدفع إلى طرح سؤال عن الدولة وتملكها نية صادقة لتنزيل الجهوية المتقدمة كما نص عليها الدستور، حيث لوحظ أن المسودة تحبل بتعدد القوانين و هذا يجعل الأمر محفوفا بالمخاطر، وفق تعبير المتدخّل الذي تابع موضحا أن الدستور يعطي بيد و القوانين التنظيمية، التي تسنها الحكومة، تأخذ باليد الأخرى. و أشار المتدخل إلى أن الجهوية، بنص الدستور، تسعى إلى بزوغ الهويات و إثبات الذات المحلية و التنافس بين الجهات، و بزوغ مشروعية الإنجاز، بحيث يضع الدستور الحاكم في المحك، من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة. في السياق نفسه أوضح الحسين أعبوشي، رئيس شعبة القانون العام بجامعة مراكش، أن المرور إلى الجهوية المتقدمة يتطلب أن تكون الدولة قوية، وتساءل إن كانت الدولة المغربية قادرة على تحمل نتائج هذا النوع من التدبير للسياسات العمومية.. و لاحظ أن الحديث عن هذا الموضوع يطبعه الغموض، ففي الوقت الذي وضع فيه الخطاب الملكي ل3 يناير 2010، و مقتضيات دستور2011، سقفا مرتفعا، فإن مسودة الجهوية يسودها غموض و اضطراب، فالدستور ينص على آليات و مساطر لإنتاج سياسة محلية تنموية على مستوى الجماعات القروية والحضرية والمجالس الإقليمية والجهوية، بينما يواجه إشكال النخب المحلية التي تعاني في معظمها من الأمية والجهل و تحركها الغايات الانتخابية والمصلحية. لحسن حبيبي، المستشار الجماعي بمراكش، اعتبر أن الأحزاب تعتمد على الوجه الانتخابي، من لأعيان وأصحاب المال، بشكل يغلق الباب أمام الكفاءات وذوي القدرات، فمعظم المنتخبين يفتقرون إلى مستوى معرفي مُعتبر، مما يطلب تأهيل الفاعل المحلي، باعتباره أساس التنمية المحلية والمحرك الرئيسي للحكامة الجهوية.. وفق تعبير حبيبي. يوهان لوباه، المسؤول الجهوي لمؤسسة هانس سايدل الألمانية، قال لهسبريس إن التعاون مع جمعية منبر الحرية يرجع إلى ما يعرفه المغرب من حراك اجتماعي وسياسي متقدم على المستوى الإقليمي بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، كما أشاد بالتدبير السياسي للملك محمد السادس باعتبار رئيس الدولة، ومنسوب الحرية المرتفع في المملكة وفق تعبير ذات المصرح الذي قال بأن المستقبل سيحمل المزيد من الدعم لمؤسسات المجتمع المدني، لنشر قيم الحرية.