جدل إمامة المرأة للصلاة الذي أثارته زيارة الناشطة الأمريكية، آني زونفيلد، للمغرب، بهدف الدعوة إلى إقامة صلوات مختلطة، وإتاحة الحق للمغربيات في الإمامة وإلقاء خطب الجمعة، ليس جديدا على الساحة الدينية بالمملكة، فقد سبق للمجلس العلمي الأعلى أن بث فيه بفتوى رسمية. موضوع إمامة المرأة في الصلاة حسم فيه المجلس العلمي الأعلى، عن طريق فتوى تعود إلى 26 ماي من سنة 2006، تدارستها هيئة الإفتاء، واستعرضت آراء الفقهاء المالكية في الموضوع، وذلك بعد ورود سؤال بهذا الشأن على الكتابة العامة للمجلس العلمي الأعلى من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وجاء جواب هيئة الإفتاء، كما جاء في كتاب ضم الفتاوى الصادرة بين 2004 و2012، بأن الفقه الإسلامي أجمع على منع إمامة المرأة في الصلاة، لما يترتب عنها من تغيير في هيأة الصلاة، إذ أن صلاة المرأة سرية بينما يعتبر السر في الصلاة الجهرية نقصا في صلاة الرجال، كما أن إمامة المرأة تقتضي تقديمها وتغيير موقعها في مشهد صلاة الجماعة. وشددت هيئة الإفتاء على أنه "لم يثبت في تاريخ المغرب، ولا عند علمائه، أن أمت امرأة الصلاة في المسجد، لا بالرجال ولا بالنساء، في أي وقت من الأوقات، وهذا ما دأب عليه أهل هذا البلد الأمين، وجرى به عملهم في مختلف العهود" وفق تعبير الفتوى التي اطلعت عليها هسبريس. واستطردت الفتوى "كون المرأة لا تؤم في الصلاة لا يحمل على أنه منقصة لها، ولا حطا من مكانتها، وإنما هو حكم شرعي راعى موجبات أخرى سبقت الإشارة إلى بعضها"، مبرزة أن "المجلس العلمي الأعلى إذ يصر هذه الفتوى، يحسم كلا خلاف فيما يثار حولها من تأويلات ومناقشات". وأشارت هيئة الإفتاء المغربية، المشكلة من فقهاء وعلماء دين، إلى أن المغرب اختار الأخذ بمذهب إمام دار الهجرة، مالك بن أنس رضي الله عنه"، مردفة أنه "منذ تأسيس الدولة المغربية كان هذا الاختيار مبنيا على أسس شرعية مستمدة من الكتاب والسنة، وسببا في جمع كلمة المغاربة، ووحدتهم المذهبية عبر العصور". وبينت الفتوى أن المذهب المالكي اتجه في المشهور والراجح الذي به العمل، إلى عدم جواز إمامة المرأة، كما يستفاد من أقوال أئمة المذهب من الفقهاء قديما وحديثا، من ذلك قول الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني: "ولا تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة، لا رجالا ولا نساء". واستدلت الفتوى أيضا بقول الحافظ ابن عبد البر "ولا يجوز الائتمام بامرأة.."، وقول الإمام المازري "لا تصح إمامة المرأة عندنا، وليعد صلاته من صلى وراءها وإن خرج الوقت"، وقول الشيخ خليل "وبطلت بمن بان امرأة"، وقول الشيخ الدردير: "وشرط الإمام إسلام، وتحقق ذكورة، فلا تصح أي الصلاة خلف امرأة، فاشتراط الذكورية يحترز به عن الأنوثة".