لم تمر الذكرى الخمسين لاختفاء الزعيم الاتحادي المهدي بن بركة، التي يقف وراءها الوزير الأول الأسبق، عبد الرحمان اليوسفي، دون أن تشكل الاستثناء الذي خلقته رسالة ملكية أثنى فيها الملك محمد السادس على مناقب الراحل معتبرا أن تاريخه مشترك بين كل المغاربة. ولم يكن المكلف بتلاوة الرسالة الملكية سوى عبد الرحمان اليوسفي نفسه، في غياب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، ما دفع عددا من المتتبعين إلى التساؤل عن أسباب ودوافع الملك وراء تكليف اليوسفي بتلاوة الرسالة التي جاء بها المستشار الملكي عمر عزيمان. تعليقا على الموضوع، أفاد الدكتور محمد الغالي بأن رمزية اليوسفي ليست هي رمزية لشكر، مبرزا أن الدور الذي لعبه الوزير الأول الأسبق في صمت لم يقم به آخرون تحت أضواء الصحافة وفي حضرة التجمعات. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن اليوسفي لم يسبق له أن أفصح عن تصريحات تمس الوطن، وأن انسحابه من الحياة السياسية كان في صمت كذلك، "الرجل كان يحس بالمسؤولية على عاتقه باعتباره قائدا وطنيا، بعيدا عن قيادته للاتحاد الاشتراكي"، يقول الغالي. الأستاذ الجامعي أفاد بأن الملك كلف اليوسفي بتلاوة الرسالة في الذكرى الخمسينية لوفاة المهدي بنبركة على اعتبار أنها "وثيقة تتضمن رسائل مواطنة لا يمكن أن تُبلِّغها إلا شخصية ذات رمزية وطنية ومكانة اعتبارية، وهو الأمر الذي يتحقق في عبد الرحمان اليوسفي بإجماع القاصي والداني، اليمين واليسار"، على حد تعبيره. وعن إمكانية الكشف عن حقيقة اختفاء المهدي بنبركة، يرى الأستاذ الجامعي أن ما من تاريخ دون آمال ومجرد من الآلام، معتبرا أن "الآمال التي تعقد اليوم بالمغرب ما كانت لتوجد لولا الآلام؛ ومنها آلام اختفاء المهدي بنبركة باعتباره زعيما وطنيا"، يقول الغالي. وأبرز المتحدث أن هيئة الانصاف والمصالحة ساهمت في تأسيس نسق سياسي يتميز بالوضوح بدل الصراعات السياسية التي كانت تسم المغرب منذ الاستقلال وصولا إلى سنة 1998 التي عُيِّن خلالها اليوسفي وزيرا أولا، زيادة على محاولته اجتثاث كل الضغائن والأحقاد داخل المجتمع المغربي على اعتبار أن كل الأحداث تم التعامل معها بشكل إيجابي لتشكيلها جزءا من الذاكرة التي هي جزء لا يتجزأ من المغرب.