لم يفوت عبد الواحد الراضي، الذي يعتبر من بين أبرز القيادات التاريخية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فرصة إلقائه كلمة في حق الراحل المهدي بن بركة في الذكرى الخمسين لاختفائه، من أجل توجيه عدد من الرسائل للاتحاديين. الراضي، الذي بدا متأثرا، استرجع عددا من الذكريات التي كانت تربطه بالمهدي، قائلا إنه عاش جزء من حياته إلى جانب المهدي و"لابد من الوفاء والإخلاص له"، مشددا على أنه يعتبر نفسه "تلميذا لابن بركة"، وأن "الراحل هو الذي صنعه إلى جانب عبد الرحيم بوعبيد". ذكريات بن بركة وبوعبيد القيادي الاتحادي (وسط الصورة)، استحضر تاريخ التاسع والعشرين من أكتوبر 1965، اليوم الذي اختفى فيه المهدي بن بركة، حيث كشف أنه كان في منزله، وبعد الظهر كان يعد الدروس باعتباره حينها أستاذا مساعدا في كلية الآداب، حيث رن الهاتف، وتحدث إليه صديقه التهامي الأزموري من العاصمة الفرنسية باريس، مخبرا إياه بأن عنصرين من الشرطة ألقيا القبض على بن بركة، وقاما بإبعاد التهامي، ليكون بذلك أول اتحادي يتلقى هذا الخبر في المغرب. وبعد تلقيه لهذا الخبر، يؤكد الراضي، توجه إلى عبد الرحيم بوعبيد "الذي تفاجأ كثيرا لأنه يدرك أن الفرنسيين يعرفون المهدي"، مضيفا أنهم دخلوا في حالة من الرعب بعد أن أدركوا أن الأمر مرتبط باختطاف، عقب حديث بوعبيد إلى السلطات الفرنسية، التي أكدت أنها لم تعتقل بن بركة. "فقدنا زعيمنا.. القائد الذي خلق هذا الحزب"، بهذه العبارة عبر عبد الواحد الراضي على حسرته من رحيل المهدي بن بركة، حيث كشف أنه تعرف عليه وهو في العشرين من عمره، وذلك بمناسبة عودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى، حيث كان الراضي من بين المتطوعين الذين ذهبوا إلى مطار سلا من أجل استقبال الملك، مشددا على أن الفترة الممتدة بين 1955 و1965، والتي جمعتهما معا، كانت "فترة غنية". الراضي كشف جانبا من تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ذلك أن هذا التأسيس جاء بعد خلافات مع حزب الاستقلال، وموضحا أن هاجس المهدي بن بركة كان هو الوحدة، وهذا ما جعله يدعو لفكرة طريق الوحدة، من "أجل ربط المنطقة الفرنسية مع المنطقة الإسبانية، والعرب والأمازيغ، والفقراء والأمازيغ، وكان يفكر في تكوين الإنسان المغربي"، يؤكد الراضي. واسترسل القيادي الاتحادي في ذكر مناقب بن بركة بالتأكيد على أنه كان وراء دخوله غمار السياسة، بعد أن اقترح اسمه في المجلس الوطني للحزب سنة 1962، في ما اقترحه للترشح في سيدي سليمان سنة 1963، في أول انتخابات تشريعية يشهدها المغرب بعد الاستقلال، مشددا على أنه "ما كان ليكون برلمانيا وعضوا في اللجنة الإدارية لولا المهدي بن بركة". "أنا صنيعة المهدي وعبد الرحيم"، يقول الراضي بكثير من تأثر، موردا أنه أمضى مع الأول عشر سنوات، ومع بوعبيد ثلاثين سنة، وقال إنهما كانا شخصيتين مختلفتين لكنهما متكاملان. دعوة للاتحاد وبعد سرده لعدد من الأحداث التاريخية التي بصمت حياته مع القياديين التاريخيين للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكد عبد الواحد الراضي على ضرورة المحافظة على وحدة الصف في الاتحاد بالقول إن "المهدي هو الذي خلق الاتحاد الوطني وإذا لم يكن عبد الرحيم لما كان الاتحاد الاشتراكي". وخاطب المتحدث ذاته الاتحاديين بالقول إن أكبر هدية يمكن أن يقدموها للزعيمين الراحلين هي العمل على وحدة الحزب، وتجاوز المشاكل، "لأننا عائلة واحدة وبْغِينا وْلا كْرَهْنا لابد من المحافظة على الحزب وهو أمانة في عنقكم"، يضيف الراضي. ودعا أيضا إلى العودة إلى أدبيات المهدي بن بركة من أجل بناء المجتمع الجديد، مضيفا أن "مغرب الحداثة والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة والدفاع عن حقوق الإنسان"، لا يمكن أن يكون بدون الاتحاد الاشتراكي، الذي دافع عن هذه القيم وكان الشعب متشبثا به. وخلص الراضي إلى أن وحدة الاتحاد الاشتراكي ضرورية لوحدة اليسار المغربي، ذلك "أن اليسار قاد العمل السياسي والفكر في وضعية صعبة ولابد من توحيده"، مردفا أن "الاتحاد لا يمكن أن يلعب هذا الدور إلا إذا وحّد نفسه".