هناك فرق بين الدول المتزنة التي تضع مصالح شعبها فوق كل اعتبار، وبين الدول الرعناء التي لا تقيم وزنا إلا للسلوكات الاستفزازية، والتصريحات اللامسؤولة وهذا بالذات ما تنزلق إليه الجزائر في الوقت الراهن. إن العلاقات بين الدول والتجارب التاريخية، أثبتت أن حسن الجوار لا يقوم على أساس الخصومات و المهاترات، بقدر ما يقوم على أساس من الأخلاق و تبادل المصالح و قواعد دولية متعارف عليها. فالأولى أن تقف الجزائر اليوم مع شعبها وأن تستخلص من تاريخها هي نفسها عبرا أكثر عمقا و أجدى مفعولا من التضليل الذي تمارسه باستعمال وورقة "جمهورية الوهم"، متجاهلة في الأصل كثير المشاكل الداخلية التي تتخبط فيها والمرتبطة أساسا بتراجع مداخيل المحروقات، والفساد المستشري في المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى التراجعات الملموسة نتيجة الاحتقانات الداخلية والصراعات الطائفية، استنادا على شهادات خبراء ومتخصصين في الشأن الجزائري. إن موقف الساسة الجزائريين من قضية الوحدة المغربية، أصبح في وضع حرج أقل ما يقال عنه أنه وضع شاذ، فكيف يعقل أن تختزل حكومة الجزائر سياستها الخارجية في قضية خاسرة تهدف في العمق إلى حرمان المغرب من مصادر قوته الشعبية التي صهرت كيانه عبر التاريخ.، وفي وقت أبانت معه التطورات الدولية على ضرورة التكتل الإقليمي لمواجهة تحديات الإندماج في المجال العالمي، وخطر المد الإرهابي في المنطقة. موقف أخر يسعى حكام الجزائر إلى ترسيخه في أذهان الشعبين المغربي والجزائري يتعلق باستحالة التعايش بينهما، متغافلين عمدا عن التاريخ المشترك للشعبين الشقيقين والمعبرعنه من خلال الموقف المغربي لدى هيئة الأممالمتحدة سنة 1955 على لسان وزير الخارجية آنذاك السيد أحمد بلافريج الذي طالب بوضع حد للمجازر المرتكبة في حق الشعب الجزائري رافضا بشكل قاطع الطرح الاستعماري القائل بأن تصبح الجزائر جزء لايتجزأ من التراب الفرنسي " مقاطعة فرنسية". إن انفراج العلاقات بين البلدين رهين باحترام حكام الجزائر للسيادة المغربية، وتبنيها لإرادة علنية لكسرالجمود، تنطلق نحوعلاقات ثنائية طبيعية، تستشرف المستقبل وتضع أسس تعاون اقتصادي وسياسي يعود بالمنفعة على الشعبين الشقيقين والمنطقة المغاربية بصفة عامة.