فريق مشكل من ثلاثة عشر خبيرا يمثلون الولاياتالمتحدة، كندا، إسبانيا والشيلي، مكلف من قبل العدالة الشيلية، سيعمل طيلة الأسبوع الجاري، وانطلاقا من اليوم الاثنين، على تحليل كل ما جمعه من فحوصات وما تحصل عليه من نتائج التشريح وتحليل لأجزاء من جثة الشاعر الشيلي والعالمي بابلو نيرودا (1904-1973) بهدف التأكد من حقيقة موته، إن كانت ناجمة عن سرطان البروستاتا كما سبق أن روج له نظام الديكتاتور الشيلي بينوشي، أم أن لها علاقة بمؤامرة استهدفت تصفيته بواسطة عناصر سخرت لذلك؟؟ حتى الآن، وفي ضوء العمل الهام الذي قام به الخبراء، بدأت الشكوك تتبدد للاقتراب من الحقيقة التي طالما كان سائق الشاعر وصديقه الوفي مانويل أرايا يرددها عبر حكايات مليئة بأسرار ذات طابع غرائبي، كان من الصعب تصديقها من الجميع، بمن فيهم اليساريون، والتي سبق له أن صرح لمجلة "بروسيسيو" المكسيكية بفحواها، قائلا إن رجال نظام الديكتاتور بينوشي قاموا بتسميم الشاعر بابلو نيرودا في عيادة تابعة للجيش لتصفيته، تفاديا لخروجه إلى المكسيك، حيث كان ينوي خوض حملة عالمية لفضح جرائمه بينوشي السياسية بعد أن تلقى دعوى من الرئيس المكسيكي الأسبق. المعطى الذي يشجع الخبراء على السير في عملهم نحو الحقيقة الكاملة هو البكتيريا التي وجدوها خلال التحقيق الثاني في بقايا جثة الشاعر نيرودا بأحد مختبرات مركز العلوم والطب الشرعي لجامعة مورسيا الإسبانية، والتي بفضلها فتح باب الحقيقة لولوجه، ذلك أن نوع البكتيريا المكتشفة لا علاقة له بسرطان البروستاتا التي زعم الخطاب الرسمي لنظام الديكتاتور بينوشي بأنه سبب وفاة الشاعر العالمي نيرودا يوم 23 شتنبر عام 1973 بعد أيام قليلة على الانقلاب العسكري الدموي الذي أجهض أول تجربة ديمقراطية اشتراكية، والذي سيؤدي إلى مقتل سالفادور أليندى، الرئيس الشرعي للبلاد، قبل أن يبدأ مسلسل تصفية المعارضين ورموز اليسار الاشتراكي بواسطة العنف الدموي. عائلة نيرودا تؤكد للصحافة الشيلية أن عنصرا ثالثا مسخرا قام بتلقيح الشاعر بالبكتيريا المكتشفة. وهذا النوع من البكتيريا لم يكن معروفا أصلا في الشيلي عام 1973، إذ إلى حدود 1980 لم يتم تسجيلها في السجلات الطبية، حسب ما قاله رئيس قطاع القانون في برنامج حقوق الإنسان لوزارة الداخلية رودريغوييدو. كما أن هناك إقرارا بأن الشيلي لم تكن تنتج أي نوع من البكتيريا المذكورة، غير أن ما تؤكده الصحافة الشيلية هو أن القوات المسلحة في عهد بينوشي كانت تستورد عددا هائلا منها لاستخدامها في الأنشطة القمعية الموجهة ضد المعارضين اليساريين. فيما أكد محامي الحزب الشيوعي إدواردو كونتريراس، الذي رفع دعوة قضائية سنة 2011 إلى القضاء الشيلي لمعرفة حقيقة موت الشاعر العالمي، والذي كان عضوا بارزا في صفوفه، بأن البكتيريا ذاتها كان يستخدمها الكيميائي السابق للبوليس السري لنظام بينوشي في تصفية المعارضين اليساريين والتقدميين.