نتساءل قبل كل كلام حول موضوع الرحلة الحزبية الجماعية إلى السويد وكيف يمكن وضع منهجية تقترب من دراسة الظاهرة بكيفية تعتمد منهجية علمية ولو نسبيا في هذه السياسية؟ وبهذا الصدد نسجل أربع نقط: 1- إن المخزن تبنى طريقة التعبئة المفاجئة Mobilisation subite للباحثين ومثقفي الشعب المغربي والجمهور ووسائل الإعلام ليمارس الخضوع والاستجابة غير الواعية للتعليمات الفوقية، ويظن الذين قرروا هذه المنهجية بالمغرب أن أحزاب ونقابات السويد وحكومته سوف يستجيبون تلقائيا بنفس الأسلوب لأعضاء الرحلة الجماعية، ولكنهم فوجئوا بكون السويديين سلكوا منهجية معاكسة وهي تحضير الرحلة بتأن ودراسة، وهو أول رد تتلقاه الرحلة الجماعية المتسرعة. 2-إن الموضوع أوسع من السويد، ويتطلب تعميم الرحلة إن كانت لها فائدة إلى الدول الاسكندينافية كلها.(فنلندا، السويد ،الدنمرك ، النرويج) لأنها تشكل مجموعة متكاملة لها مواقف مشتركة، وهي مدرسة سياسية لها نموذج معروف في العالم ، وخاصة في ميدان الحريات العامة والمساواة بين الرجل والمرأة والحريات الجنسية والاقتصاد التضامني. 3- إن استعمال المخزن المغربي لليسار المحلي كأداة للتخاطب مع اليسار السويدي هوخطة مغلوطة من جهتين: أولا لأن أداة اليسار استعملتها الجزائر منذ زمن طويل واستنفذتها بتبني "الديمقراطية الشعبية " المنتمية إلى النظم الاشتراكية في اسمها ولو للتمويه، وثانيا لأن اليسار المغربي لا يشبه اليسار السويدي في مغرب منع فيه الحزب الشيوعي المغربي PCM منذ سنة 1959 ووقع فيه مخزنة MAKHZANISATION اليسار الجذري بشكل معروف دوليا، ولا يمكن أن تعترف به الأحزاب الاشتراكية في تلك الدول الأربعة لأنه يسار غير مستقل ومرسول لم يبعث نفسه، وإنما بعثته الحكومة تحت وصاية المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري. 4- إن الأحزاب المنتدبة للرحلة لا تتوفر على مناضلين بالسويد يمينا ويسارا وإسلاميا، وإلا فإنهم كانوا سيستعملون وجودهم في صفوف المهاجرين المغاربة، ولا يحتاجون إلى بعث الوفود من الداخل، كما أن الأحزاب المرسلة يتولى منها التجمع الوطني للأحرار وزارة الخارجية بحقيبتين (مزوار ومباركة بوعيده)، ولم يفد بمهمته الوزارية فكيف يفيد بقناعه الحزبي؟ وبالتالي يطرح سؤال عن دور المغاربة المقيمين بالدول لاسكندنافية، وهم مشهورون في المواقع الإعلامية الالكترونية بالاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات والشكايات ضد القناصل والسفيرات والسفراء ولهم شخصيات معروفة (حميد الموستي، والطيب بن بوعزة أحد مؤسسي الاتحاد المغربي للشغل،وأورثي مصطفى رئيس الجمعية المغربية بالسويد مثلا) ولهم إذاعات وتلفازات ناطقة بالأمازيغية والعربية والدارجة واللغة السويدية.. ومذاهب إسلامية من شيعة وسنة وسلفيين وثوريين ولم تتجرأ أية دولة في العالم على محاولة شن الصراع مع الدول الاسكندينافية التي تتضرر من إيوائها للمعارضين والانفصاليين وغير ذلك من الصين وروسيا واكرانيا وتركيا وإيران...وإسرائيل التي تطارد الفلسطينيين . بعد انتخابات 4 شتنبر 2015 احتاجت الدبلوماسية المخزنية إلى رد الاعتبار لأحزابها ونقاباتها التي لطخت بعضها أثناء الحملة الانتخابية بتبادل تهم الرشوة وتجارة المخدرات واستغلال النفوذ وشراء الأصوات والمناصب... وكانت طعمة السياسة Hameçon de la politique هي ملف العلاقات الدبلوماسية مع مملكة السويد، وهو ملف معروف منذ سنة 2012 وهو يروج في دهاليز الدبلوماسية والمخابرات الخارجية في غيبة عن الأحزاب والنقابات والشعب، أي منذ عزل السفير بوشعيب احضيه(والي العيون حاليا) بتهمة ازدواج الجنسية ،وكيف لايجوز ازدواج الجنسية في السفارة ويجوز في وظيفة الولاة؟ ووقع تأجيل فتحه إلى ما بعد انتخابات 4 شتنبر2015،(فضحت موقع TELQUEL.MA أن بنكيران عقد اجتماعا سابقا مع قادة الأحزاب حول نفس الموضوع منذ28/9/2015 كي تذهب فيه قيادات بعض الأحزاب والنقابات إلى جولة جماعية ممولة (لم ينشر مصدر تمويل الرحلة وكم ستكلف؟) ليستريحوا من حرارة صيف الانتخابات إلى الجو البارد في السويد لكي تبرد أعصابهم من تعب وصخب الانتخابات، وليقلبوا بجولتهم العجيبة وطريقتهم في تدبير فضائح الحملة الانتخابية أدمغة برلمان السويد وأحزابه وحكومته وأسرته الملكية ليتراجعوا بالخاتم السحري للأحزاب والنقابات عن "الاعتراف بالجمهورية العربية في الصحراء". وبعد هذه التوضيحات نسجل بعض الملاحظات السياسية المتعلقة بمنهجية تناول الموضوع وبملابساته الاقتصادية والمالية التي منها: 1-أن الأحزاب المعنية تسعة فقط أريد لها أن تتمتع قياداتها بامتياز سياسي وبتمثيل متعسف والباقي غلقت أبواب الرحلة ضده، وكأنها عملية سياسية تنطلق من ملف الصحراء بالخارج لدفن الصراعات الانتخابية بين أحزاب ونقابات (ما فوق العتبة وما تحتها) ومنها من تدعي المعارضة وأخرى تدعى الانتماء إلى الحكومة ،ولكنها تنهج الإجماع حول تبني سياسة نشر الفضائح، وكلها خائفة من استمرار الفضح الإعلامي بعد الانتخابات...ولكن الشعب المغربي بملف السويد سيدخل الرأي العام إلى باب كبير لفضائح المال والنفوذ والشبكات العائلية المخزنية في الدول اسكندنافية المليئة بالملفات التي لايستطيع مندوبو الأحزاب والنقابات التي تغتصب تمثيل الشعب المغربي مواجهتها (ملفات السفيرات والسفراء والقناصل ،عائشة القباج ،ورجا غنام ، وبوشعيب احضيه ، وعلي صالح التامك، وللا زهور العلوي ، وللا السعدية العلوي ، والقنصل الرداد ا لعقباني وملف اللا جئ السياسي أحمد الرامي من بقايا اللفيف الانقلابي لسنوات 1972وملف الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد ، ملف الأطفال المغاربة المشردين بالسويد التي تطالب المغرب بحل مشكلتهم) ومن الناحية المنهجية هكذا يظهر أن الإشكالية ليست مسألة حزبية، ولا نقابية ولا حتى مسألة الصحراء، بل هي ذات طبيعة مالية وتجارية وتبعية لمصالح السعودية التي قطعت معها السويد العلاقات الدبلوماسية بسبب خروق حقوق الإنسان، وتتعلق بالنخب المخزنية الحاكمة والمنافسة بين الدول الأوربية حول الاستيلاء على أسواق المغرب، وكذلك اللوبي اليهودي الغاضب بعد اعتراف السويد بالدولة الفلسطينية. 2-وكان من العادة المخزنية أن لايكون اختيار الأحزاب والاجتماع معهم وإعطائهم "التعليمات"من طرف رئيس الحكومة، وهي عملية سياسية يصبح بها بنكيران يتمتع بسلطة جديدة على الأحزاب، ولا نحتاج إلى التذكير كيف كانت من قبل يجتمع معها مستشارو الملك كما وقع عند وضع دستور سنة2011 أو عندما عين الحسن الثاني رؤساء الأحزاب السياسية في مهام خارجية تتعلق بملف الصحراء؟ 3-ولا أحد من الشعب المغربي يقبل اعتراف أية دولة في العالم بقيام "جمهورية عربية في الصحراء" ولكن مع ذلك يجب أن يفهم الناس مشكل الميز الحزبي والجنسي في المهام الدبلوماسية المخزنية ، والأصول المالية والعائلية للأزمة الدبلوماسية (لاحظوا مثلا وجود نساء من النخب المخزنية العائلية كسفيرات للمغرب في دول شمال أوروبا بما في ذلك لندن لماذا؟) وما موقع الطيب الفاسي الفهري ويوسف العمراني في الأزمة؟ وذلك بالنسبة للذين يطالبون بمحاسبة وزارة الشؤون الخارجية.والسفراء الذين لاسلطة لهم...ولابد من التساؤل عن وجود مجلس الجالية الذي يتغنى به بوصوف، ووزارة مكلفة بالمهاجرين هل نحن في مرحلة انقلاب حزبي على الدبلوماسية بعد طغيان حزبين مطبوخين كبيرين على المؤسسات الكثيرة التي تصرف عليها الأموال؟ -4وإذا أشرنا إلى الميز الحزبي والعائلي فانه لاينسينا الميز الاقتصادي في الصراع بين شركة Kitea التي يملكها مستثمر مغربي يحمل الاسم العائلي لرئيس الحكومة عبد الاله بنكران وهو الشاب أمين بنكران (انظر مقال مجلةLAVIE écoيوم15-5-2012) وشركةEKIA يرجع أصلها إلى جذور من إمارة الكويت ( التي لم يعين بها سفير مثل حالة السويد وقد تكون هي أيضا تستعد لمفاجأة دبلوماسية) ومملكة السويد وقيام المخزن بمنع شركة ايكيا من إقامة متاجرها فوق التراب المغربي وسوف لايستغرب المغاربة إذا سمعوا غدا أن شركة اكيا نقلت رأسمالها إلى دولة مجاورة ليخلو سوق بيع الأثاث المنزلي واستيراده لأمين بنكران... وشركةMobilia التي يملكها محمد سليماني ادريسي... وهو ملف يعرفه جيدا الباكوري رئيس PAM عندما كان مديرا لصندوق الإيداع والتدبيرCDG (انظر تفاصيل علاقات منع مشروع اكيا مع الهولدنك الملكي SNI في موقع النايرعلى الانترنيت) 5-نتذكر أيضا أن سفارة المغرب بمملكة السويد كانت منحت لصحراوي من العائدين ضمن سياسة إدماج الصحراويين في السلك الدبلوماسي ليظهروا للدول الأجنبية تناقض مواقفهم تجاه "الجمهورية العربية في الصحراء" ووحدة المملكة المغربية، وأن دول شمال أوروبا هي ميدان لاختبار الدبلوماسية الصحراوية(التامك مدير إدارة السجون المغربية سفير سابق في النرويج) لكن ما دور المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء(كوركاس) الذي لم يعد يذكر رغم أن ميزانيته لم تتوقف على مانظن؟ وما دور سفراء المغرب في أوروبا ومنهم من يعوض بعض قدماء سفراء الأحزاب السياسية الذين عزلوا من الدبلوماسية مثل بنعبدالله في ايطاليا وعباس الفاسي بفرنسا..؟ 6- كانت السويد تنتظر بعث سفير إليها ليحل المشاكل العالقة للمغاربة المقيمين بالسويد فإذا بالمخزن يبعث لهم سفراء أحزاب سياسية تسعة لتقوم بحملة داخل بلد اسكندنافي لايعرف أحدا من سفراء الأحزاب لغته ، ومن معرفة المشاكل العالقة مثل الأطفال المغاربة المشردين (أكثر من الف) وقضية طرد المواطن المغربي المتجنس بتهمة الجاسوسية وتهريب أطفال البطل الرياضي المغربي خالد السكاح...ومنع وفود هذه الدول من الدخول إلى مدينة العيون، وتغلغل البوليساريو في البلد وهو يتكون من قلة قليلة من المهاجرين الصحراويين مقابل الآلاف من المهاجرين الآخرين من مختلف جهات المغرب.. 7- لابد من الإشارة إلى أن أحد أسباب ألأزمة الدبلوماسية المعنية هنا هو أن النخب المالية والعائلية المخزنية لا تستطيع ممارسة أساليبها في الحياة وسلوكيات التهريب والرشوة في الدول الاسسكندنافية كما تفعل في فرنسا خاصة بسبب نموذج الديمقراطية المضمنة في القوانين والأعراف الشمالية في أوروبا، وهي ملكيات تعلن دساتيرها مثلا المساواة في تولي إرث مناصب الملوك والملكات بالتساوي وهي متشددة في مراقبة الأموال المهربة من حكام أفريقيا.. ودخول شركاتها بقوة إلى السوق الداخلي المغربي سوف يزيد من فضح نظام الرشوة في الصفقات التجارية والحياة العامة.