يصل اليوم السبت الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى المغرب في زيارة "عمل وصداقة" تستمر يومين، يُستقبل خلالها من طرف الملك محمد السادس ويلتقي برئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وستخصص لمناقشة الكثير من القضايا ذات العلاقة بالجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية، غير أن ملفات حقوق الإنسان قد تحضر هي الأخرى نظرًا للضغط الذي تقوم به جمعيات حقوقية فرنسية ومغربية في الآونة الأخيرة. ولعلّ أكبر تحدٍ حقوقي تواجه به المنظمات الفرنسية غير الحكومية الرئيس الفرنسي هو ما راج عن احتمال توشيحه مدير المخابرات الداخليّة المغربية، عبد اللطيف الحموشي، عرفانًا له على أدواره في محاربة الإرهاب، إذ ذكّرت جمعيات فرنسية بدعوى قضائية رُفعت خلال العام الماضي تتهم المسؤول المغربي بالتعذيب، وهو ما أدى إلى تجميد المغرب لتعاونه القضائي مع فرنسا، قبل أن يتم استئناف هذا التعاون بداية العام الجاري. وقد تناقلت عدد من المنابر أن فرانسوا هولاند سيوّشح الحموشي بوسام جوقة الشرف في زيارته الحالية للمغرب، بعدما لم تتحقق الأخبار التي أشارت سابقا إلى توشيح فرنسا للحموشي في عيدها الوطني يوم 14 يوليوز، غير أن وكالة الأنباء الفرنسية نفت، على لسان مصدر من محيط الرئيس، فكرة توشيح الحموشي في هذه الزيارة التي ستبدأ من مطار طنجة الدولي، مؤكدة في المقابل أن موضوع محاربة الإرهاب سيكون حاضرًا في المحادثات. كما لاحقت منظمة مراسلون بلا حدود الزيارة التي يقوم بها هولاند بما أسمته "استمرار الخطوط الحمراء" في المغرب، متحدثة عن وجود غرامات ثقيلة بحق عدد من الصحافيين بتهم متعددة، ومنع نشطاء إعلاميين وحقوقيين من المشاركة في لقاءات خارج المغرب، لاسيما أن المعطي منجب، رئيس جمعية "الحرية الآن" (Freedom Now)، خاض، خلال هذا الأسبوع، إضرابا عن الطعام بسبب منعه من السفر نحو اسبانيا للمشاركة في لقاء علمي. الحزب الشيوعي الفرنسي، من جانبه، ألقى باتهامات خطيرة تجاه المغرب بمناسبة هذه الزيارة، إذ قال إن هولاند سيزور بلدا حيث "التضييق البوليسي والاعتقال يواجه الديمقراطيين والنقابيين"، وإن "الرشوة والإفلات من العقاب" هما سيدا الموقف. إضافة إلى بيان نشرته منظمة "أمنستي" قبل أيام قليلة دعت من خلاله المغرب إلى التسريع بإنجاز التحقيق حول حالة المعتقل علي أعراس، بعدما سبق لها أن اتهمت سلطات سجن سلا 2 بتعذيبه. غير أن الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، يرى أن المغرب تقدم كثيرًا في مجال حقوق الإنسان، وأنه قطع خطوات إيجابية كثيرة وعزّز موقعه العالمي منذ مدة بعدد من الإجراءات، لاسيما مصادقته على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، رافضا إمكانية مقارنة المغرب بالكثير من دول الجوار، خاصة الدول الإفريقية والآسيوية، في مجال احترام حقوق الإنسان. وأقر الصبار، في تصريح لهسبريس، بأن تجاوزات قد تحدث من حين لآخر، وهو "أمر طبيعي"، مشيرا إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعمل على التصدي لها ووقفها، مطالبًا بضرورة أن يلجأ الحقوقيون الذين يتحدثون عن انتهاكات بحقهم إلى القضاء، لاسيما القضاء الإداري الذي "أنصف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحكم لصالحها في ملف منع عدد من أنشطتها على التراب الوطني". أما بخصوص قضية المعطي منجب، فيقول الصبار: "على حد علمي ليس هناك مانع من سفر منجب إلى خارج أرض الوطن. هناك فقط تأخير في الإجراءات التي تخصّ مغادرة التراب الوطني"، متحدثًا في سياق آخر، أن من يُذكّْر بقضية الدعوى القضائية بحق الحموشي لا يستحضر أن القضاء الفرنسي أغلق القضية منذ مدة.