من يتصفح الموقع المحدث خصيصا للانتخابات من لدن وزارة الداخلية سيجد خانات خاصة ب : صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء؛ اللجنة المكلفة بتفعيل صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء وآليات اشتغالها؛ النصوص المنظمة ( المراسيم والقرارات الوزارية)؛ طلبات المشاريع: المشاريع الممولة وتلك التي قيد الدرس.... ومن يعود إلى المرجعيات المعتمدة من لدن الموقع في الموضوع سيجد الخطاب الملكي لشهر أكتوبر2008، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان للسنة التشريعية الثانية 2008 – 2009، وكلمة السيد وزير الداخلية بمناسبة تنصيب اللجنة المكلفة بتفعيل صندوق الدعم (11 نونبر 2014)، دون أن ننسى في موضوع التمكين السياسي للنساء أدبيات بعض الأحزاب ومذكرات ودراسات وأبحاث ومرافعات المجتمع المدني، لا سيما المنظمات النسائية خاصة والجمعيات الحقوقية بصفة عامة، ودون حاجة للتذكير بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان حول المساواة وعدم التمييز، وبما ورد في دستور 2011 حول عدم التمييز والمناصفة والمساواة بين الرجال والنساء.... فإن للموضوع وزنه وتداعياته. كما يمكن التذكير بالمناسبة ب: ما تم إدخاله من تعديلات على الإطار التنظيمي المتعلق بصندوق الدعم بعد تقييم حصيلة التجربة الأولية للصندوق خلال الخمس سنوات الماضية، وتوصيات اليوم الدراسي المنظم بالرباط في 12 أبريل 2012 لفائدة الخلايا الإقليمية وممثلي الأحزاب السياسية والجمعيات المحلية والوطنية، المستفيدة من المشاريع ذات الصلة بتشجيع تمثيلية النساء. الإجراءات القانونية والمؤسساتية من أجل الرقي بوضعية المرأة داخل المجتمع في أفق تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات، حيث أولى دستور 2011 مكانة متميزة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية، من خلال إقرار مبادئ وآليات وهيئات من شأنها تحقيق مبدأ المناصفة، والدعوة إلى تكريس مبدأ تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وأيضا من خلال التنصيص على تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية....؛ آليات ضمان حضور المرأة المغربية على مستوى المجالس الجماعية، حيث حافظت المنظومة الانتخابية لسنة 2011 على الآلية التشريعية المتعلقة بإحداث دائرة انتخابية إضافية خاصة بالنساء على مستوى كل جماعة أو مقاطعة جماعية والتي مكنت سنة 2009 من انتخاب 3465 امرأة بمناسبة الانتخابات الجماعية ( 12.17 %، في حين لم يكن العدد يتجاوز في انتخابات 2003، نسبة 0.56 %؛ التنصيص كذلك على تخصيص ثلث المقاعد على الأقل للنساء في كل دائرة انتخابية شرط ألا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المخصصة للجزء الأول من لائحة الترشيح (المادة 76 من القانون التنظيمي 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية والذي تم تتميمه بالقانون التنظيمي رقم 34.15)، كما نصت على أن “تشتمل كل لائحة ترشيح على جزأين يتضمن الأول عددا من الأسماء يطابق عدد المقاعد المخصصة لهذا الجزء مع بيان ترتيبهن فيه” (المادة 85 من نفس القانون).. وقد رافع مختلف الفاعلين والفاعلات على المستوى المدني والسياسي حول القوانين المؤطرة لانتخابات الجماعة الترابية، مما أسفر عن تغييرات وتعديلات مهمة في الترسانة القانونية خاصة منها المرتبطة بالتمثيلية السياسية للنساء باعتماد آليات تمكن من رفع النسبة إلى 27%. لكن ذلك يبقى خطوة أولى فقط تحتاج للتعزيز من أجل تحقيق المناصفة التي نص عليها الدستور، خاصة وأن مسار بناء دولة ديمقراطية حقيقية يحتاج إلى تظافر الجهود بين كافة الفاعلين والفاعلات المدنيين والسياسيين والمواطنات والمواطنين، ناهيك عما يقع على كاهل السلطات العمومية من مسؤولية في هذا المضمار. إلا أن المفارقة، رغم هذا التراكم في المقتضيات والتحفيزات، أو بالأحرى المفاجأة الكبرى تمثلت في صدور دورية لوزير الداخلية، يسمح فيها للقيادات الحزبية داخل الجماعات الترابية بإمكانية "الاستغناء عن اللائحة النسائية كاملة وتعويضها بالرجال"، حسب ما صرحت به فعاليات نسائية لبعض المواقع الإلكترونية. لكن يبقى التحدي المطروح ملحا فيما يتعلق بمدى نجاعة الأثر المهيكل لآليات التمييز الإيجابي على ولوج النساء إلى الترشيحات والمحطات التي تلتها والمتعلقة أساسا بتشكيل مكاتب الجماعات الترابية المحلية والجهوية. وقد جاء الجواب سلبيا في محطة تشكيل مجالس الجهات عامة وعلى مستوى ترشيح النساء لمنصب رئاسة الجهات التي جرت استحقاقاتها يوم الإثنين 14 شتنبر 2015، حيث كانت هذه المحطة ذكورية مائة بالمائة في الجهات الإثنى عشر المعتمدة قانونا. وهنا لابد أن نسجل أن جل الأحزاب المشاركة في الانتخابات لم تكن في مستوى رفع تحدي تقوية المشاركة السياسية للنساء في مسلسل الاستحقاقات المنظمة برسم سنة 2015. وقد لوحظ بالفعل أن أغلبها لا يرشح النساء بصفتهن وكيلات في اللوائح المفتوحة، كما واجه عدد من الأحزاب صعوبات في ملء المقاعد المخصصة للنساء المعتمدة بمقتضى قانوني بناء على أحكام الدستور.... كما يجدر التذكير بالتقصير الحزبي في تشجيع الحضور النسائي داخل الهيئات الحزبية، وهذه مسؤولية الجميع أحزابا وفاعلين سياسيين. صحيح أن النساء شكلن فعليا، حسب التقرير الأولي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول ملاحظة الانتخابات، نسبة 21.94% من مجموع الترشيحات للانتخابات الجماعية( 28.725 ترشيح ) و38.64 % من مجموع الترشيحات للانتخابات الجهوية (2928 )، لكن عملية تشكيل المكاتب المسيرة لم تكن في مستوى رفع تحدي التمكين السياسي للنساء وتوسيع مشاركتهن في تدبير الشأن المحلي والجهوي، وكانت الطامة الكبرى هي التغييب المرتكب مع سبق الإصرار والترصد للنساء من رئاسة المجالس الجهوية التي جاءت رئاساتها ذكورية خالصة، حيث إن مختلف الأحزاب بالمعارضة والأغلبية لم تسع إلى انتخاب امرأة على رأس جهة من الجهات الاثنى عشر، ولم يقدم إلا ترشيح واحد لامرأة واحدة للتباري على رئاسة جهة الداخلة وهي المرشحة اعزوها الشكاف عن حزب الأصالة والمعاصرة، والتي تعد المرأة الوحيدة التي ترشحت لرئاسة الجهات بالمغرب، لولا أنها لم تتمكن من المرور إلى كرسي الرئاسة. والحق أن هذا الترشيح اليتيم يبدو مجرد عملية مدروسة لرفع العتب. وعلى العموم حصلت النساء في الانتخابات الجماعية لرابع شتنبر على 6673 مقعدا أي ما يعادل تقريبا ضعف العدد المسجل خلال الاقتراع الجماعي لسنة 2009. لكن على مستوى آخر تم تسجيل ضعف كبير في إشراك الأحزاب والإدارة الترابية للنساء في تدبير عملية الاقتراع والإشراف على مختلف مراحل استحقاق يوم 4 شتنبر 2015 من التصويت إلى الفرز، محليا ومركزيا، كما كان الحضور النسائي في تأطير التجمعات الانتخابية محدودا جدا ولم يكن حضور قضايا النساء في مستوى القضية النسائية...وقد لاحظت منظمة Gender Concerns International مثلا هذا التقصير من عدة زوايا: داخل مكاتب التصويت لوحظ أن: عدد النساء من بين منسقي المكاتب المركزية كان ضعيفا؛ عدد النساء من بين رؤساء مكاتب التصويت كان ضعيفا؛ أغلب أعضاء مكاتب التصويت كانوا من الذكور. مندوبو الأحزاب السياسية و البعثات وملاحظات أخرى كان معظم ممثلي الأحزاب السياسية المكلفين بالمراقبة داخل مكاتب التصويت من الرجال؛ لوحظ في حالات جد قليلة وجود ممثلين لجمعيات ملاحِظة داخل مكاتب التصويت، وكان تمثيل النساء ضعيفا في صفوف الملاحظين. ومن توصيات هذه المنظمة من حيث النوع الاجتماعي: تعيين نسبة أكبر من النساء كمنسقات للمكاتب المركزية و رئيسات وأعضاء لمكاتب التصويت، بشكل يعكس نسبة النساء من بين الناخبين على الصعيد الوطني؛ الرفع من نسبة النساء الممثلات للأحزاب السياسية داخل مكاتب التصويت، وتقوية قدراتهن في مجال القواعد القانونية للسلوك داخل مكاتب التصويت؛ الرفع من عدد النساء في صفوف عناصر الأمن المنتشرة في المكاتب المركزية، خاصة في الوسط القروي، بغية تعزيز الثقة لدى الناخبات و نسبة مشاركتهن؛ إحداث خلية مكلفة بجوانب النوع في الانتخابات تكون تابعة للجهاز الوطني لإدارة الانتخابات، يعهد إليها بالإشراف على إدماج المرأة في كل النواحي المتعلقة بالعمليات الانتخابية؛ العمل على جمع المعطيات، موزعة حسب النوع، في جميع مكاتب التصويت بواسطة استمارات موحدة، مع توزيع النسب حسب المناطق الجغرافية، لتقييم اتجاهات مشاركة النساء في الانتخابات والعوامل المؤثرة فيها؛ عمل المجالس الجماعية والجهوية، التي تم انتخابها، على تخويل المرأة المغربية المكانة اللائقة بها في الحكامة وعلى مستوى الأدوار القيادية. وقد تابعت تنظيمات نسائية من زوايا مقاربة النوع مدى التزام الانتخابات الجماعية بهذه المقاربة ... ولم تتردد إحدى الناشطات في مجال حقوق النساء من تحميل جانب من المسؤولية عن هذه الوضعية للنساء الموجودات داخل الأحزاب، وخصوصا اللواتي يتواجدن في الأجهزة التقريرية بنسبة 30 %، واللواتي يظهر أنهن غائبات عن معركة مأسسة هذا الحق على مستوى "أحزابهن"، فالواقع أنه لا ينبغي الاكتفاء بمعركة القوانين فقط، بل لابد من التفكير في الوضع الحزبي أيضا.