لا يفصل المغرب عن استحقاقات انتخابية جديدة، تحمل صفة تشريعية هذه المرة، إلا سنة واحدة، حيث سيتوجه المغاربة من جديد نحو صناديق الاقتراع لتحديد ممثليهم البالغ عددهم 395 داخل قبة البرلمان، والذين سيضطلعون بجملة من المهام النيابية والسياسية في ارتباط بما هو دستوري. وأجمع محللون سياسيون على أن نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية التي جرت أطوارها يوم 4 شتنبر الجاري، سيكون لها تأثير على الانتخابات التشريعية، موضحين أن السنة الفاصلة بين الاستحقاقين ستكون حاسمة في ظل مشاركة نفس الجسم الانتخابي، وأمام امتحان تقديم الأحزاب السياسية مؤشرات إيجابية أو سلبية للناخب المغربي. تأثير مباشر ويرى الدكتور محمد زين الدين، أن تأثير الانتخابات الجماعية والجهوية التي نظمها المغرب يوم 4 شتنبر المنصرم، ستؤثر لا محالة في الانتخابات التشريعية المقبلة على جميع الأحزاب، معارضة وأغلبية، مشيرا إلى أن "الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية، خاصة على مستوى الجهات، ستكون له أبعاد سياسية في 2016" وفق تعبيره، عازيا الأمر إلى أن "طبيعة الاقتراع المعتمدة على مستوى الجهات هي نفسها المعمول بها خلال الانتخابات النشريعية". واعتبر أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، في تصريح لجريدة "هسبريس"، أن "حزب العدالة والتنمية استطاع تحقيق أرقام مهمة جدا خلال الانتخابات الجماعية والجهوية، الأمر الذي سيؤثر وينعكس على الانتخابات التشريعية"، بالمقابل استحضر المتحدث الزمن السياسي الفارق بين الاستحقاقين، مشيرا إلى أن سنة كاملة يمكن أن تقع خلالها متغيرات سترتبط بتعاطي أحزاب المعارضة مع النتائج الحالية. سنة حاسمة من جهته، قال الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الجسم الانتخابي الذي يصوت في الانتخابات الجماعية هو نفسه الذي سيصوت في التشريعية، متابعا "إذا استمرت الأحزاب السياسية في منح التزكيات بنفس الطريقة القديمة، التي تتسم بالعشوائية وتتحكم فيها عوامل غير ديمقراطية على اعتبار أن مجموعة من الأحزاب رشحت أشخاصا عرفوا بسوء التدبير والتسيير وعدم التواصل رغم هيمنتهم المالية أو كانت قد صدرت في حقهم أحكام بالإدانة من طرف محاكم المملكة بتهم تبديد المال العام واستغلال النفوذ، سيؤثر الأمر حتما ويقلل من حظوظها داخل الغرفة الأولى". وبخصوص حزب العدالة والتنمية، أشار الغالي في تصريح لجريدة "هسبريس"، إلى أن هذه السنة الفاصلة عن الاستحقاقات التشريعية ستكون حاسمة، مؤكدا أنه إذا ما عمل "المصباح" على تقديم مؤشرات أولى إيجابية في حسن التدبير وإثبات الثقة التي وضعها فيه ناخبوه، فسينعكس الوضع إيجابيا وسيحصل على أصوات أكثر مقارنة بانتخابات 2011، قد تعطي تقدما كبيرا للحزب بشكل يجعله يحتل الصدارة، والعكس صحيح. وعن تأثير نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية على نتائج مجلس المستشارين، يرى الأستاذ الجامعي أن لها تأثيرا على اعتبار أن المجلس الانتخابي يتشكل من ثلاثة أخماس من أعضاء المجالس الجماعية، موضحا أن الجسم الانتخابي سيتشكل من الأحزاب المنتخبة، "من المفروض أن تحصل الأحزاب ذات النتائج الجماعية المهمة على نتائج هامة داخل المستشارين"، يقول الغالي. وربط المتحدث نتائج مجلس المستشارين بدرجة الانضباط والالتزام عند الناخبين الممثلين لكل حزب سياسي في مجالس الجماعات الترابية وبطبيعة ودرجة وقوة التحالفات بين الأحزاب السياسية، مشددا على أن "من لا يملك قدرة تقديم التزام للناخبين على مستوى المجالس المنتخبة لا يمكنه ضمان نتائج مهمة داخل مجلس المستشارين".