ركزت الصحف الأوروبية، الصادرة اليوم الجمعة، اهتمامها على المآسي التي يخلفها التدفق المكثف للاجئين نحو أوروبا، مسلطة الضوء في هذا الإطار على صورة الطفل السوري الذي لفظته أمواج البحر على أحد الشواطئ التركية. ففي فرنسا، اهتمت الصحف بصورة هذا الطفل السوري، حيث كتبت صحيفة (لوموند) أن هذه الصورة تشكل دليلا على ما يحصل "إذ ينهار جزء من الشرق الأوسط على أبوابنا"، مشيرة إلى إن دولا كانت تشكل ركائز بالمنطقة، تشتت ومن ضمنها العراق وسورية. وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت هذه الصورة ضرورية لكي تفتح أوروبا أعينها، وتدرك بالتالي قليلا مما يحصل. ومن جهتها، قالت صحيفة (لاكروا) إن تدفق اللاجئين أصبح كبيرا إلى درجة أنه لا يمكن وقفه أو تجاهله، معتبرة أن وفاة أيلان أضحت رمزا لأزمة الهجرة. وتساءلت أيضا لماذا لم تكن التعبئة والجهود الاعلامية كافية من أجل تغيير مسار الأشياء، ملاحظة أن الكثيرين اعتقدوا أن الأمر يتعلق بأزمة عابرة. وبدورها طرحت صحيفة (ليبراسيون) سؤالا حول ما إذا كانت مثل هذه الصورة المفجعة لطفل سوري ميت على ضفاف البحر ستوقظ الضمائر أو ستنقذ اللاجئين من المآسي، أو ستنقذ روح أوروبا، مؤكدة أنه بالإمكان بناء سياسة أخرى للجوء تكون واقعية وأكثر إنسانية من أجل مواجهة مأساة مئات الالاف من الراغبين في ركوب المخاطر. وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة (أ بي سي) الاسبانية، تحت عنوان "ويستمر النزوح"، أن الآلاف من اللاجئين والمهاجرين حاولوا أمس الخميس، دخول المنطقة الأوروبية، خاصة من جهة المجر، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي أعرب عن تضامنه مع ضحايا هذه المأساة الإنسانية، لكن من دون اتخاذ أي تدابير فعالة. أما صحيفة (إلباييس) فكتبت أن إسبانيا تعبأت بعد مأساة وفاة الطفل السوري البالغ من العمر ثلاث سنوات غرقا قبالة السواحل التركية، موضحة أن عددا من المدن الاسبانية وضعت خططا لاستيعاب اللاجئين، فيما أبدت السلطة التنفيذية الإسبانية استعدادها لزيادة عدد الأشخاص الذين سيتم استقبالهم على أراضيها، بعد أن كانت حصتها تقتصر على 2739 شخصا. أما صحيفة (إلموندو)، فأشارت إلى أن أوروبا تخطط لاستضافة 120 ألف لاجئ، ملاحظة أن هذا القرار اتخذ "بكيفية متأخرة، وغير منسقة"، مضيفة أن فرنسا وألمانيا ستقدمان خططا أمام اللجنة الأوروبية لاستقبال وتوزيع اللاجئين بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ومن جانبها، أفادت صحيفة (لاراثون) أن "أوروبا محتارة أمام الأزمة الإنسانية الناجمة عن تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين"، مضيفة أن خطة توزيع اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي ستكون "دائمة وإلزامية ". وفي النرويج، أشارت صحيفة (في غي) إلى حالات أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة قاموا بالمستحيل من أجل الوصول إلى أوروبا هربا من الحرب في بلدانهم خاصة من سورية. وتطرقت إلى حالة شخص (25 عاما)، كنموذج لمعاناة هذه الفئة، يتحرك بواسطة كرسي متحرك بعدما فقد ساقيه في الحرب الأهلية السورية، والصعوبات التي لاقاها في رحلته المحفوفة بالمخاطر. واعتبرت أن حلمه للوصول إلى أوروبا جعله يقطع مسافات كثيرة ويصل إلى مقدونيا بعد أن قطع آلاف الكيلومترات رغم وضعه الصحي، مضيفة أنه يتطلع إلى الحصول على أطراف اصطناعية ليتغلب على صعوبة المشي بالكرسي المتحرك. ومن جهتها، أشارت صحيفة (داغبلاديت) إلى الصدمة التي ما يزال العالم يشهدها بخصوص الطفل السوري الذي عثر على جثته في شاطئ بتركيا، معيدة سيناريو قصة عائلته التي كشف عنها والده إذ كانت تود السفر إلى اليونان. وأبرزت الصحيفة أن العائلة من مدينة كوباني السورية التي دمرت بنيتها التحتية ولم تعد مكانا مناسبا لكسب لقمة العيش، مشيرة إلى أن المدينة كانت مستهدفة بشكل كبير من قبل تنظيم (داعش) الإرهابي ما أدى إلى فرار العديد من الأكراد من المنطقة. وأكدت صحيفة (افتنبوستن) أن أغلب اللاجئين والمهاجرين الذين يأتون إلى أوروبا هم من السوريين، مضيفة أنهم شقوا طريقهم عبر اليونان والبلقان والمجر. ونقلت عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 82 في المائة من اللاجئين الذين حلوا بأوروبا في الأسبوع الماضي عن طريق البحر الأبيض المتوسط هم من السوريين، و14 في المائة من الأفغان و3 في المائة من العراقيين. وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة (لاليبر بيلجيك) أنه يتعين وقف "مجزرة" اللاجئين الذين يموتون بالآلاف لدى محاولتهم الوصول إلى أوروبا، مشيرة إلى أنه يتوجب على الغربيين الضغط على مسؤوليهم السياسيين من أجل التحرك، "ليس فقط من خلال الخطب والإجراءات الصغيرة، بل بالطموح". وأضافت أنه يتعين التسريع بوضع خطة أوروبية للاستقبال كما تدعو الى ذلك أنجيلا ميركل المستشارة الالمانية "التي تعطي للقادة الأوروبيين كل مرة درسا في الشجاعة والانسانية". ومن جانبها، اعتبرت صحيفة (لوسوار) أن عدم قدرة الدول الأوروبية منذ أشهر على تقديم حل جماعي للأزمة الحالية للاجئين، ستوقع في حال تكريسها من جديد خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء حول الهجرة في 14 شتنبر، على فشل المشروع الأوروبي. أما صحيفة (لافونير) فتوقفت من جهتها عند الاسباب العميقة للأزمة الحالية، ومنها بقاء المجموعة الدولية مكتوفة الايدي تجاه النزاع السوري منذ أربعة أعوام، مما أدى الى تفاقمه، وغياب مبادرات دبلوماسية لتسوية أزمة الشرق الأوسط، منذ أكثر من ثلاثين سنة، وعدم قدرة أوروبا والديمقراطيات الغربية على التحرك بشكل فعال على الصعيد العسكري عندما استنفذت الحلول. وفي نفس المنحى، كتبت صحيفة (بوبليكو) البرتغالية أن اللجنة الأوروبية ستطلب من البلدان الأعضاء التحلي بأكبر قدر من التضامن من أجل استقبال اللاجئين الذين يصلون إلى حدود الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن العدد المقترح في البداية (40 الف) سيترفع إلى 160 الف. وبدورها أكدت صحيفة (بوليتيك) الدنماركية على استعجالية التوصل إلى حل متوافق بشأنه لأزمة الهجرة، معتبرة أن أي تأخر إضافي سيؤدي إلى إقامة المزيد من الحواجز وبالتالي وضع حرية التنقل التي أرستها معاهدة شينغن موضع شك.