مع اشتعال حرارة الحملة الانتخابية، الخاصة بالاستحقاقات الجماعية والجهوية للرابع من شتنبر الجاري، يلجأ عدد من قادة الأحزاب السياسة المتبارية إلى بعض الوجوه الفنية والإعلامية الشهيرة التي تؤثث المشهد المغربي، في محالة لاستثمار قرب الجمهور من تلك الشخصيات وتحقيق عائد معنوي، للتّأثير على اختيارات المُواطن لصالح تلك الأحزاب. حضور تلك الوجوه الشهيرة سجل في عدد من المهرجانات الخطابية الأخيرة لبعض الأحزاب، حيث قام أحد الوجوه الإعلامية الشهيرة بالقناة الثانية بتسيير تجمع خطابي لحزب في المعارضة بالدار البيضاء، فيما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي زلة لسان الفنانة بشرى أهريش، وهي تتحدث في حملة انتخابية لحزب آخر داخل تجمع خطابي بمدينة سلا، حين قالت: "لا لمحاربة الفساد في سلا". الفنانة المغربية ذاتها، التي ترشحت ضمن لائحة حزب الحركة الشعبية، شوهدت قبل أيام وسط إحدى شوارع سلا، وهي ترفع شعارات حزب "السنبلة" في الصف الأول من مسيرة تعبوية، بمعية وكيل لائحة الهيئة التي تنتمي لأحزاب الحكومة، في حين ما زالت الفنانة الأمازيغية والبرلمانية فاطمة تابعمرانت، حاضرة بقوة في الحملة الانتخابية لحزب التجمع الوطني للأحرار، إذ شاركت في آخر تجمع للحزب الذي نظم بكلميم. إلا أن مشاركة الوجوه الفنية والإعلامية في الاستحقاقات الانتخابية، التي تنطلق يوم غد الجمعة، وضمن حملاتها الجماهيرية، قد تتم في بعض الأحيان بطريقة غير مشروعة، حين يلجأ بعض السياسيين إلى استعمال صور بعض الوجوه المعروفة في حملاتهم الانتخابية دون علمهم، أو دون اقتناع المعنيين باللون الحزبي. إحدى الحالات، ما أورده الإعلامي والأستاذ الجامعي، حسن حبيبي، الذي انتقد نشر صور له على عدد من الجرائد الورقيّة تجمعه مع مرشحين لأحد الأحزاب السياسية، منتقدا استغلال صورته في "حملة انتخابية لا شأن لي بها"، معتبرا أن "الأساليب التي يتم من خلالها بث الرسائل الدعائية أثناء كل حملة انتخابية، يجب أن تكون واضحة ومسؤولة، احتراما لمضمونها وللأسماء والصور التي تحملها والوسائل المستخدمة في نشرها". وأوضح حبيبي، في تصريح أدلى به ل"هسبرس"، أنه فوجئ بنشر صورة تجمعه بمرشح أحد الأحزاب المغربية بمقاطعة سيدي مومن، "وعنصر المفاجأة آت من حشر الصورة تلك في غير سياقها، ذلك أنها، بالرغم من كونها تتعلق بسياق آخر جمع زمرة من الرياضيين والفنانين والصحفيين، فقد استعملت وكأن الأمر يتعلق بالحملة الانتخابية الجارية.. مما خلف التباسا وحرجا". ويزيد حبيبي أن الصّورة التي جمعته مع الحكم المغربي الدولي العرجون ومرشح انتخابي آخر "أخذت في سياق تكريم لأحد لاعبي فريق نجم سيدي مومن لكرة القدم خلال السنة الفارطة.. وحضرها (المرشح) إضافة إلى شخصيات وفعاليات مدنية وسياسية من كل الأطياف.. ما يعني أنها بعيدة كل البعد عن الحملة الانتخابية الحالية". رئيس منظمة حرية الإعلام التعبير، محمد العوني، يرى أن قضية استخدام صورة الإعلاميين أو الفنانين من لدن السياسيين في حملاتهم الانتخابية "غير مُرتبط باستغلال.. بل هناك في العالم ما يُعرف بسياسة استثمار قادة الرأي"، معتبرا أن تلك الفئة قد تضم علماء ومخترعين وفنانين وإعلاميين، "هنا في المغرب نجد هذا الاستخدام قليل لأن أولئك القادة قلة"، يضيف المتحدث. ونبه العوني، في تصريح أدلى به ل"هسبريس"، إلى أن الاستغلال الحقيقي يكمن في حالة عدم موافقة المعني بالأمر، إعلاميا كان أو فنانا، باستعمال صورته "أو حشره في لون حزبي لا يتفق معه"، مؤكدا في مقابل ذلك أن دعم تلك الفئات لتوجهات سياسية محددة "يدخل في ممارسة حقوقها المواطنة.. لكن أصل المشكلة عندنا هو غياب الاعتراف بقادة الرأي". ولا يرى العوني عيبا في مشاركة رجال ونساء الإعلام في العمل السياسي بما فيه الانتخابات، مشيرا إلى أنّ الوضع السياسي والإعلامي في المغرب يفرض على الإعلامي "أن يكون مواطنا فاعلا"، على أن الأمر ينبغي أن يحصل "بكافة الوسائل المشروعة والقانونية". وأشار العوني إلى أن من يمانع من تسييس الصحافيين ودخولهم غمار السياسة "يدعون لذلك إما لسوء فهم منه على الأقل أو لأغراض غير معلنة"، محيلا إلى تجارب في العالم "نجد الصحافيين يخوضون في السياسة ويعتلون المراكز الاجتماعية والسياسة في مجتمعاتهم من أجل قيادة بلدانهم"، مضيفا أنه "يمكن استثناء هذا الوضع في بلدان لها تقاليد تفصل فيها المؤسسة الإعلامية عن باقي المؤسسات في فصل تام بين السلط".