على الرّغم من الإشراف السياسي لرئيس الحكومة على العمليّة الانتخابيّة، لأوّل مرّة في تاريخ المغرب، بعْدَ أنْ كانتِ وزارة الداخليّة تحتكرُ الإشراف على الانتخاباتِ بكلّ تفاصيلها، قالَ حزبُ "النّهج الديمقراطي" إنَّ الحملة الانتخابيّة المُمَهّدة للانتخابات الجماعية والجهوية التي ستُجرى بعْد غدٍ الجمعة "تُذكّر بالحَملات الانتخابيّة التي كانَ يتحكّمُ فيها إدريس البصري إبّان سنوات الرصاص". وذهبَ مصطفى البراهمة، الكاتبُ الوطني لحزب "النهج الديمقراطي"، المنتمي إلى اليسار الراديكالي إلى القول في ندوة صحافية عقدها الحزب صباح اليوم بالرباط، وخصّصها للحديث عن حيثيّات مقاطعته للانتخابات والمنْع الذي جُوبه به من طرف السلطات في عدد من المُدن المغربي، (ذهبَ إلى القول) إنَّ الحملات الانتخابيّة التي عَرفها المغرب في السابق لم يسبق أن عرفتْ "هذا المستوى من الفساد والإفساد". وانتقدَ البراهمة النظامَ السياسي المغربيَّ بشدّة، مُتّهما إيّاه ب"إفساد العملية الانتخابيّة"، وقالَ إنّ النظام عمِلَ على تقزيم الأحزاب السياسية المُعارضة وأدْمجَ أغلبها في "لُعبة سياسيّة مغشوشة ومُتحَكّمٍ فيها"، بيْنما قالَ بيانٌ صادر عن حزب "النهج الديمقراطي" إنَّ الهدفَ الوحيد من الانتخاباتِ هوَ "تلميعُ صورة المخزن وتزيينُ وجْه الاستبداد والحُكْم الفردي وإعطاء الشرعيّة لسياسات الاستغلال والقهر والتهميش والتبعيّة". وكانَ حزب "النهج الديمقراطيّ" قدَ باشرَ حمْلةً مُوازية للحملة الانتخابيّة، يَدعو فيها إلى مقاطعة الانتخابات، أسفرتْ عن اعتقالِ 80 من مناضلي الحزب، أُفرجَ عنهم لاحقا، وقالَ الحزبُ إنَّ عددا من مُناضليه تعرّضوا للتعنيف على يَدِ السلطات، مُعلنا أنَّه سيعمل على تدويل قضية المنْع الذي طاله، من خلال مراسلة عدد من الهيئات الدوليّة لإطلاق حملة دوليّة للتضامن معه، كمَا أعلنَ عزْمه رفْع دعاوى قضائيّة ضدّ السلطات المغربيّة. وعَزا حزب "النهج" سببَ دعوته لمقاطعة الانتخابات إلى كوْنها ما زالتْ تجري في أجواء تتّسمُ بالقمع والاعتقالات، التي تمسُّ القوى الديمقراطيّة، وفُقدانها لشروط النزاهة، واستمرار استفادة "المخزن وكبار البورجوازيين والأعيان منها"، ولكوْنها ما زالتْ تتمّ تحت الإشراف الفعليّ لوزارة الداخليّة... وقالَ البراهمة إنّ الانتخابات القادمة لا تحملُ أيّ رهانٍ ديمقراطية، واصفا إيّاها ب"المهزلة". واستطرد الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي أنَّ الدّولة المغربيّة لمْ تعُد تكترث بِمَنء سيتصدّر الانتخابات، "لأنّ كلّ الأحزاب السياسية تخْدمُ أجندتها (الدولة) وتتنافسُ لخدمة النظام وليسَ الشعب"، وتابع: "كُلّ ما يهُمّ الدولة وتبْذُل في سبيله جهودا هو أنْ تكون نسبة المشاركة في التصويت مرتفعة، حتَّى يُقالَ أنّ في البلاد ديمقراطيّة". وفي الوقْت الذي ترتفعُ وتيرة التنافُس بيْن الأحزاب على أصوات الناخبين معَ اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهويّة، وضعَ البراهمة جميع الأحزاب المغربية الممثلة في البرلمان، سواء المنتمية إلى اليسار أو اليمين أو الوسط في سُلّة واحدة، وقالَ "إنَّ بَرامجها كلَّها متشابهة ولا قيمَة لها، سوى بيْع الوْهم للمغاربة". ويسُودُ تفاؤل كبير وسطَ مناضلي حزب النهج الديمقراطي بخصوص تسجيل نسبةٍ مرتفعةٍ لمقاطعة الانتخابات، إذ ْ قالَ البراهمة إنَّ نصفَ المغاربة البالغينَ سنّ التصويت لمْ يسجّلوا أنفسهم في اللوائح الانتخابية، وزادَ "المغاربة أدْركوا بخْس العملية الانتخابيّة، وقرارُ ارتفاع نسبة المقاطعة قائم"، ووصف المتحدّث الانتخابات المغربيّة بأنها "لا تتمتّع بأي مصداقيّة، وفاقدة للشرعية والمشروعية". إلى ذلك أعَلن حزب النْهج الديمقراطي أنّه سيُراسلُ كُلّا من وزير الداخلية، ووزير العدل والحرّيات، ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، بشأنِ "التتضيق والتعنيف" الذي طالَ عددا من مناضليه الدّاعين إلى مقاطعة الانتخابات، كمَا أعلنَ الحزبُ أنّه سيخوض وقفتيْن احتجاجيتين أمامَ مبنى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بالرباط، وكذا أمام مقرّ القناة الثانية في الدارالبيضاء غدا الخميس، احتجاجا على حِرمان الحزب من التعبير عن رأيه في القنوات التلفزيونية العمومية.