قال الداعية الإسلامي السوري، محمد راتب النابلسي، إن مجتمع بلاده سينبذ من أسماهم "المتطرفين"، ولن يقبل أية أفكار دخيلة عليه، داعياً في ذات الوقت العلماء إلى التصدي ل"ظلم الحكام الطغاة". جاء ذلك في حوار أجرته معه الأناضول، خلال زيارته الحالية للعاصمة اللبنانية بيروت، حيث يلقي عدة محاضرات بدعوة من "جمعية الإتحاد الإسلامي". وقال النابلسي إن "لعلماء الدين دور كبير في المحافظة على الشباب، وأبناء الأمة الإسلامية من التطرف". وأضاف "كما للعلماء دور يتمثل في تبليغ رسالات الله دون أن يخشوا غير الله، ودون أن يسكتوا عن الحق خوفاً، والتكلم بالباطل تملقاً، وإن وقعوا بهذه المحظورات سقطوا وانتهوا، وانتهى دورهم". وتابع "المجتمع السوري لن يقبل بوجود أفكار متطرفة غير معتاد عليها"، معتبراً أن سوريا "بلد الاعتدال، وما يمر بها من تطرف وطغيان سينتهي". ويعد النابلسي، من أشهر الدعاة المسلمين في العالم العربي، اضطر لمغادرة دمشق، بعد فترة من اندلاع الثورة التي بدأت مارس2011. ويقول "المرصد السوري لحقوق الإنسان" (غير حكومي)، إن تنظيم "داعش" يسيطر حالياً على أكثر من نصف الأراضي السورية بعد أكثر من أربع سنوات على بدء الثورة. ويحاول التنظيم فرض فهمه الخاص للدين في تلك المناطق (قليلة السكان، بحسب متابعين)، حيث يدّعي أنه يطبق الشريعة الإسلامية. وهناك الكثير من علماء المسلمين يتهمون "داعش" بتشويه الدين الإسلامي، ويصفون أعضاءه ب"الخوارج"، وهي تسمية أُطلقت على متشددين ظهروا في عهد الخليفة علي بن أبي طالب. ويفسر النابلسي، سبب ظهور الأفكار المتطرفة بقوله "لقد غلّبنا شؤون الفقه، وجعلناها كل شيء، وغفلنا عن تطهير النفس وتزكيتها"، واصفاً الدين الإسلامي بأنه دين متوازن يحقق الحاجات والقيم معاً. ورأى أن الشباب المسلم، "بحاجة إلى تأمين حياة كريمة، كي لا يتمكن الفكر المتطرف منهم"، مضيفاً "عندها سيندمجون بالمجتمع، أما إن لم يتم تأمين هذه الأمور له فإن التطرف سيحصل لا محالة". ووفق الداعية السوري، فإن للتطرف نوعان، الأول "تطرف تفلتي في نواحي الحياة"، أما الثاني فهو "تطرف تشددي، يتمثل بالتكفير والتفجير، ولا يمكن أن يحدث واحد منهما إلا إذا حُرم الشباب من حاجياتهم الأساسية في الحياة". وتطرق النابلسي في حواره، إلى دور العلماء في مواجهة من أسماهم "الحكام الظالمين والطغاة"، قائلاً بهذا الصدد "أي عالم أو رجل دين في الأمة الإسلامية يدعم الظالم أو الطاغية فقد انتهى". ومضى مبيناً "تقع على العلماء مسؤولية عدم السكوت عن الحق خوفاً، وعدم التكلم بالباطل تملقا، فحين يخيب أمل المسلمين بعلمائهم، ستعاني الأمة من آثار سلبية خطيرة". واستطرد " أن يدعم شيخٌ عالمٌ كبيرٌ، الظالمَ أو الطاغيةَ فقط انتهى بكل ما للكلمة من معنى (..) حين يخيب ظن الأمة وأبنائها بالعلماء فسيكون لذلك آثار خطيرة جداً، لأننا قد نحتمل أن نرى خطأ من أي كان إلا من العلماء". واعتبر النابلسي أن صلاح المجتمعات المسلمة في هذه المرحلة، لا يكون إلا ب"إعلاء مفهوم المواطنة، التي هي كانت أساساً عند النبي محمد عليه الصلاة والسلام"، مشيراً أنه "في المواطنة لا إقصاء، ولا قلة قليلة تحكم فئة كثيرة، ولا ظلم، وبالتالي استمرار للحياة". وحول أفق إنهاء الصراع الدموي الذي تعيشه بلاده منذ العام 2011، قال النابلسي إن "هذا البلاء بسبب الذنوب، ولن يُرفع إلا بتوبة". وتابع "ما من طاغية على وجه الأرض، من آدم إلى يوم القيامة، إلا ويوظف اللهُ طغيانَه لخدمة دينه والمؤمنين من دون أن يشعرواً، وسنشهد بعدها مرحلة جديدة". وعند سؤاله عن موعد عودته إلى دمشق مجدداً، أجاب "إنا عائدون". وتكمن المشكلة التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم، من صراعات، وقتل، وحروب، بحسب النابلسي، في "الشرود عن منهج الله تعالى"، قائلاً "ديننا دين توقيفي، إن أضفنا عليه أو حذفنا منه تقاتلنا كما يحصل اليوم". ولفت أن سلامة الأمة لا تكون إلا باتباع "منهج نبيها عليه الصلاة والسلام، كي تنجو من عذاب الله... وعذاب الله أنواع منها ما نعيشه في زماننا". وختم النابلسي حديثه بالإشارة إلى أن الأمة الإسلامية تعيش 3 مبشرات "الأولى تركيا ونهضتها الكبيرة ماديا فكريا"، والثانية "تضعضع وانهيار النظام الربوي العالمي"، والثالثة "وجود مقاومة فلسطينية قوية استطاعت أن تقصف تل أبيب بالصواريخ للمرة الأولى في التاريخ خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في يوليو 2014. * وكالة أنباء الأناضول