في الزمن الذي لم تكن فيه حدود بين الدول، سافر الانسان دون نسيان مخاطر قطاع الطرق و حكايات العفاريت و التماسيح التي أصبحنا نسمع عنها فقط في قبة البرلمان . تعرف الانسان على أخيه في أماكن بعيدة، اكتشف بلدان ، موارد طبيعية في بلدان اخرى و فتح طرق تجارية عبر القارات. لكن مع الحدود الوهمية التي تفرق بين الناس، المصالح، اصبحت المجتمعات شبه منغلقة على نفسها، لا ترى و لا تسمع الا ما يراد ان يقال لها عبر وسائل الاعلام السمعي البصري. لذلك بدأت تنمو التيارات اليمينية المتشددة حتى في الدول التي تسمي نفسها بالمتحضرة و الديموقراطية. كنّا نسمع ونحن صغارا( و ان ضاق الرزق ببلدة # فارض الله واسعة الفضاء) لم نكن نعلم ان ارض الله ستصبح مغلوقة بأمر التأشيرات ، الارجل مغلوبة على حالها لا تقدر ان تسافر في ارض الله الواسعة و ان العقل مغلوب على نفسه تائه في التفكير في جلب قوت اليوم لسد الرمق. هذا زمن التأشيرات و من ليس لديه عمل، المال الكثير، الوقت و إرادة فعل شيء لا يمكن ان يخرج من قوقعته و من يحاول الخروج منها عبر الإنترنيت فهو خاطئ لان سراديب الاتصال اللاسلكي لا يمكنها ان تكسبك المعرفة والتجربة الانسانية. تماما كمثل ان يكون لديك الف صديق في الفيسبوك و ليس لديك ولو صديقا واحدا يحتسي معك القهوة. فالعلاقات الانسانية المباشرة هي من تكسب الشخص التجربة الحياتية. احاول ان اعرف من يغلق علينا دائرة حريتنا في التنقل، لماذا وضعت الحدود الوهمية ، التأشيرات. ففي بعض البلدان ندخل و كاننا داخلون الى الجنة من كثرة الأوراق المطلوبة و الإجراءات الأمنية المشددة. عندما نرجع الى التاريخ، نرى ان التأشيرات كانت موجودة مع وجود الانسان لكن طرق فرضها تختلف عن الآن .فقد كانت تنحصر في دفع الضريبة على السلع لا على البشر. فكان هدفها الاول و الأخير حماية اقتصاد القبيلة و ليس منع الولوج او الاستقرار بها. كنت ذاهبة الى لبنان للاشتراك في عمل ثقافي علمت عند وصولي ان التاشيرة للمغاربة تاخد في مطار لبنان و ان السلطات المغربية هي التي لا تترك مواطنيها الخروج من المغرب من دون طلب تأشيرة مسبقة . اضطررت الى طلب التاشيرة مرفقة بدعوة من السفارة الاسبانية ، لكن في مطار طنجة و عند الحاحي على معرفة ماهية التشبت بالتأشيرة و هي تاخد بشكل عادي في مطار بيروت ، اخبروني انها طريقة لمنع الدعارة الدولية المنظمة في بعض البلدان. و الحقيقة اننا خارج الوطن نرى في بعض الأحيان تصرفات للبعض تجعلك تخجل . فأصبحنا كفتيات او نساء نحتاج الى بذلة محامات كي ندافع عن شرف النساء المغربيات في كل لحظة و نصحح النظرة المسبقة الخاطئة التي سوقها اما الاعلام الخارجي المغرض او الأفلام المغربية المسيئة للمرأة المغربية. و مع ذلك نسجل تمييز بين الرجال و النساء عند طلب التاشيرة للذهاب لاي بلد ، خاصة الدول العربية الاسلامية و التي في بعض الأحيان تجبر المراة المثقفة او العالمة على مرافقة "محرم" و كأنها عاجزة عن حماية نفسها من الذئاب البشرية. في كل الأحوال، لو كان قانون التأشيرات ساريا من قبل لما سافر كريسطوف كلومب و لا ابن بطوطة. و لا امتزجت الثقافات و لا اكمل العلماء مسار سابقيهم و طوروا اختراعاتهم، و لا ا نصهرت الشعوب و لا صار النسيج العرقي الحالي للعالم كما هو عليه الحال الان. و مهما كانت لديك من احلام إنسانية مفيدة للعالم باكمله سوف تبقى مكبل اليدين اذا لم تحصل على تأشيرة مرور. فبأمر التاشيرة ، من له القدرة على السفر للراحة يبحث عن العيش و لو لايام معدودة في هناء دون ان يخاف من يسرق هاتفه النقال او يعنفه احمق يتجول في ازقة المدينة طليقا و كاننا في -مدينة -مستشفى مجانين مفتوحة . من يدفع الغالي و الرخيص كي يستطيع السفر للعمل ، يجد نفسه في مجتمع ليس منه و لا يربطه به شيء سوى لقمة العيش. من يسافر للبحث عن حرية إفتقدها يجد طريقا لامتناهيا من الخيارات الصعبة. و في كل الأحوال كذلك و اعتبارا للحدود الوهمية التي قسمت العالم ، من يريد ان يزورك في دارك لا بد ان يدق الجرس، فتسأله من هو و تعرفه كي تتركه يدخل، ذلك هو حال الامر بتأشيرة الدخول الان.