ركزت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الثلاثاء، اهتماماتها على عدة مواضيع ذات راهنية في المنطقة، منها الجدل حول ملف تعيين الولاة في تونس، وتداعيات تقلبات أسعار النفط على السياسة العامة بالجزائر، فضلا عن الحوار المتعثر بين الأغلبية والمعارضة بموريتانيا. ففي تونس، تناولت الصحف ملف تعيين الولاة الجدد، الذي أثار القيل والقال حول وجود أزمة بشأنها بين (نداء تونس) الحاكم (وحركة النهضة) بل وحتى داخل الحزب الحاكم، مشيرة إلى أن التسميات الجديدة سيعلن عنها في غضون ال48 ساعة المقبلة. وكشفت صحيفة (الصريح)، نقلا عن مصادر وصفتها ب"الخاصة"، عن أن الحركة الجديدة للولاة ستشمل 14 واليا "وفق تقييم شامل للعمل الميداني وبعد ماراطون وسلسلة من الزيارات" قام بها رئيس الحكومة الحبيب الصيد وكل أعضاء فريقه الحكومي إلى مختلف الجهات، مضيفة أنه من أصل 14 واليا هناك سبعة أسماء تقدم بها حزب (نداء تونس) واسمين اثنين من اقتراح (حركة النهضة). وترى صحيفة (الصباح)، من جهتها، أن كل المعطيات تشير إلى أن ملف الولاة "يثير حربا طاحنة في الكواليس بين أحزاب الائتلاف"، متسائلة عن كيفية حسم الأمور في هذا الملف، وعن سبب إصرار هذه الأحزاب على "تسييس" منصب الوالي، رغم أن النهوض التنموي بالجهات يستدعي وجود الأكفاء وليس الموالين. واعتبرت أن الصراع على الولاة "منطقي ومبرر" من الأحزاب لأهمية هذا المنصب، الذي يجمع بين البعد السياسي والإداري في المرحلة القادمة التي تسير إليها البلاد، والتي ستشهد ترسيخ مفهوم ومبادئ اللامركزية التي نص عليها الدستور. وبدورها، لاحظت صحيفة (الشروق) أن الجدل حول تعيينات الولاة امتزج بلغط السياسيين وتهافت جزء واسع من النخبة والقيادات الحزبية في اتجاه تحويل المسألة إلى "معركة لتصفية الحسابات السياسوية والفئوية الضيقة بعيدا عن مصلحة الإدارة والمرفق العمومي وانتظارات المواطنين في الداخل والخارج". وكتبت الصحيفة أن القائمين على شؤون الحكم في تونس،اليوم، في مهمة وطنية تاريخية ونبيلة من أجل قطع خطوات هامة في طريق تخليص ملف التعيينات "من أدران الحسابات الضيقة والمحاصصات واقتسام الغنائم، لكون الأوضاع لم تعد تحتمل"، داعية إلى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإلى إعادة الاعتبار للكفاءات الوطنية والأطر العليا وإطلاق أيديها لخدمة الوطن والمواطنين لا الأحزاب والانتماءات الضيقة والفئوية. وفي الجزائر، لا تزال الصحف تواكب الوضع العام بالبلاد، في ظل أزمة تولدت عن تراجع أسعار النفط الذي يشكل موردها الأساسي، حيث أوردت صحيفة (الخبر) أن أسعار البترول ظلت، أمس، تحت عتبة 50 دولارا للبرميل، رغم تسجيل مؤشر برنت بحر الشمال تحسنا طفيفا، إذ ارتفع في بورصة لندن إلى حدود 49.8 دولارا للبرميل، متخطيا أدنى مستوى سجله سعر النفط منذ يومين، حينما قدر بÜ48.2 دولارا للبرميل. وقيمت الصحيفة السنة الحالية على أنها من بين أسوأ الأعوام بالنسبة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حيث انهارت الأسعار مند بداية السنة بصورة متسارعة، ما أثر سلبا على مواقف الدول الأعضاء، ومنها الجزائر، التي أبانت عن عجز في تسيير تبعات الانهيار في الأسعار، واحترام سقف الإنتاج الذي فاق حاليا 31 مليون برميل يوميا، بينما السقف المتفق عليه، لا يتجاوز 30 مليون برميل يوميا. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة (المحور اليومي) عن وزير الطاقة الجزائري، صالح خبري، قوله، أمس، إن المشاورات بشأن احتمال عقد اجتماع طارئ لا تزال جارية مع الدول المصدرة للنفط. إلا أن صحفا أخرى فندت تصريحات خبري، بعد تأكيد مندوبين بالمنظمة أن هذه الأخيرة "لا تنوي عقد اجتماع طارئ لمناقشة هبوط الأسعار قبل الاجتماع الدوري المقرر في دجنبر المقبل"، مضيفة أن ذلك "سيجبر الحكومة على إعادة النظر في سياستها الإرشادية والاقتصادية، مجددا". وأكد خبير جزائري في مجال النفط، في تصريحات أوردتها عدة صحف، أن الانخفاض الذي تعرفه أسعار البترول "يشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد الوطني"، وأن الوضع الحالي الذي تمر به الجزائر "سيؤدي إلى تأخر المشاريع التنموية، باعتبار أن أغلبية المشاريع التي ينتظر تجسيدها تحتاج إلى نفقات ومبالغ مالية كبيرة". في خضم ذلك، خرج وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، في تصريحات نشرتها الصحف، اليوم، مؤكدا أن الدولة "لن تتراجع عن المكاسب الاجتماعية، وإنجاز البرامج التنموية المسطرة رغم المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وعلى صعيد آخر، اختارت صحيفة (الشروق) الخوض في موضوع الفساد المستشري بالبلاد، حيث أفادت بأن قاضي التحقيق بمحكمة بئر مراد رايس (الجزائر العاصمة) أمر بإيداع 4 أشخاص الحبس المؤقت، فيما يجري البحث عن اثنين آخرين في حالة فرار، وذلك في قضية تهريب للعملة الصعبة وتبييض أموال وتهديد الاقتصاد الوطني، تورطت فيها أطر بنكية وتجار حولوا وهربوا، عبر شركات وهمية عملت على توطين عملياتها الافتراضية ببنوك عمومية وخاصة على حسابات بنكية بدبي وأليكانتي، مبالغ ضخمة من العملة الصعبة. ومن أبرز المواضيع التي استأثرت باهتمامات الصحف الموريتانية، الحوار المتعثر بين الأغلبية والمعارضة. وتطرقت في هذا السياق للمؤتمر الصحفي الذي عقده، أمس الاثنين بنواكشوط، ائتلاف أحزاب الأغلبية، والذي جدد خلاله تمسكه بالحوار مع كافة الأطياف السياسية في البلاد. ونقلت عن رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحزب الحاكم) سيدي محمد ولد محمد قوله إن أحزاب الأغلبية أبدت على الدوام استعدادها للحوار وقدمت الكثير من التنازلات، لكن المعارضة طرحت "شروطا تعجيزية" ضمن ما أسمته "ممهدات" الحوار، مشيرة إلى اتهام زعيم الحزب الحاكم أطرافا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يضم غالبية أحزاب المعارضة "الراديكالية"، بعرقلة الحوار. وفي موضوع آخر، توقفت الصحف عند تخرج الفوج الثامن من المدرسة الوطنية للأركان، والذي يضم 39 ضابطا من مختلف الوحدات. ونقلت عن وزير الدفاع، جالو ممادو باتيا، قوله إن الهدف المنشود يتمثل في خلق "جيش مهني قادر على رفع كل التحديات الأمنية الناجمة عن الوضع الإقليمي"، وكذا إطار تعليمي عسكري عال في البلاد، التي اعتمدت خلال عقود على التعاون مع دول صديقة لتكوين ضباطها. وتطرقت الصحف الموريتانية أيضا إلى أشغال ورشة وطنية "لمبادرة النمو الأزرق" التي أطلقتها منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة سنة 2012، ومشاركة موريتانيا بدكار في حفل إطلاق تقرير سنوي حول دراسة وتحليل أداء الأحواض النهرية. وتناولت صحيفة (الشعب) موضوع الصناعة في موريتانيا، فلاحظت أنه رغم توفر البلاد على موارد طبيعية هائلة، كان يفترض أن ترقى بها إلى مصاف الدول الصاعدة اقتصاديا، إلا أن استغلال هذه الموارد ما يزال يقتصر على عمليات لتصدير الخام (لصناعات الاستخراجية). وسجلت أيضا أن العديد من الموارد الطبيعية ما تزال توجد خارج دورة الإنتاج الصناعي، رغم بعض المحاولات المحدودة، مما يحرم البلاد من فرص استغلال أمثل لخيراتها الطبيعية.