يبدو أن اعتراض النقابات على خطة الحكومة الحاملة لتصورها في إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس لن يثني المسؤول عن السلطة الحكومية التنفيذية، عبد الإله بنكيران، عن "تنزيل إصلاحه" في محاولة لوقف نزيف هذه الصناديق. واعتبر بنكيران في رسالته التأطيرية، التي بعث بها لقطاعاته الحكومية بمناسبة الإعداد لمشروع قانون المالية لسنة 2016، أن "إصلاح التقاعد يعد ورشا مستعجلا، ومصيريا لإنقاذ هذا النظام من الإفلاس، وضمان حقوق المنخرطين فيه". ودعا بنكيران أعضاء الحكومة إلى التعبئة، واتخاذ القرارات الضرورية والمستعجلة لضمان التوازن المالي لأنظمة التقاعد، مشددا على ضرورة أن يكون ذلك في إطار الحوار مع كافة الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، ورأي المؤسسات الدستورية ذات الصلة، وذلك رغم وصوله للباب المسدود مع أكثر النقابات تأثيرا في الشارع. وسيتم هذا الإصلاح، حسب رئيس الحكومة، عل مرحلتين أولاهما آنية وتعنى بالإصلاح المعياري لنظام المعاشات المدنية، مع مراعاة التدرج في التنزيل والحفاظ على حقوق المكتسبة للموظفين، ثم مرحلة ثانية تمتد المدى المتوسط كي تعنى بالإصلاح الهيكلي نحو نظام القطبين. وفي هذا الاتجاه أكدت "رسالة بنكيران" أنه سيتم إعداد قانون إطار يسطر المبادئ العامة للإصلاح الشامل لقطاع التقاعد بالمملكة.. مبرزا أن ذلك سيتم وفق نظام القطبين، مع إرساء نظام تكميلي إجباري للقطب العمومي. وترى الخطة الحكومية وجود أهمية للتوسيع التدريجي للتغطية الاجتماعية نحو غير الأجراء، من عمال مستقلين ومهنيين وأصحاب المهن الحرة، مشددة على تقوية الجوانب المتعلقة بحكامة وشفافية تدبير صناديق التقاعد، لاسيما في مجال تدبير الاحتياطات المالية والقواعد والاحترازية. إلى ذلك ترى الرسالة التأطيرية أنه ينبغي أن يشكل مشروع قانون المالية لسنة 2016 مناسبة جديدة لتكثيف الجهود من أجل تثبيت النتائج التي حققها الاقتصاد الوطني، مذكرة ب"توطيد أسس التحول النوعي التدريجي لنموذجنا التنموي بما يضمن تحقيق نمو مبني على تنويع العرض الإنتاجي وتنويع المنافذ" وفق صياغتها. ودعا بنكيران إلى استحضار الإكراهات المرتبطة بعدم استقرار النمو لدى أهم شركاء المملكة، وتفاقم حدة التوترات الإقليمية من جهة، مضيفا إلى ذلك تحمل ميزانية الدولة أعباء مالية إضافية مرتبطة أساسا بالشروع في تفعيل الجهوية، وإصلاح القضاء وإصلاح التقاعد وتنظيم الانتخابات، ومواصلة إرجاع دين الضريبة على القيمة المضافة ومتأخرات الأداء لفائدة المقاولات. وستعمل الحكومة، حسب توجيهات الوثيقة الموقعه من لدن رئيسها، على تفعيل القوانين التنظيمية للجهة وباقي الجماعات الترابية، بما يضمن ممارستها لاختصاصاتها وأدائها للدور المنوط بها على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، جهويا وإقليميا ومحليا، مبرزة أهمية إصلاح القضاء وفقا لخارطة الطريق التي حددها الميثاق الوطني، وخاصة تفعيل المجلس الأعلى للسلطة القضائية. مشروع القانون المالي للسنة المقبلة يراد له أن يعمل على توطيد أسس نمو اقتصادي متوازن يواصل دعم الطلب، وتشجيع العرض عبر تحفيز التصنيع وإنعاش الاستثمار الخاص ودعم المقاولة، بالإضافة إلى توطيد أسس نمو اقتصادي مدمج يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية ويوفر الشغل الكريم.. ومن جهة أخرى يسعى ذات المشروع إلى تفعيل الجهوية وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، مؤكدا على تفعيل إصلاح القانون التنظيمي لقانون الملاية ومواصلة مجهود الاستعانة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية.