بمناسبة الذكرى السادسة عشر لتوليه العرش . وشح الملك محمد السادس ، أحد عمداء اليسار المغربي وقطب من أقطابه البارزين وهو المناضل السيد محمد بن سعيد أيت يدر .العديد من المتتبعين اعتبروا التوشيح مفاجأة غير متوقعة على اعتبار أن الرجل العتيد عرف بقوة مراسه ،وهو من بين رجالات اليسار القلائل الذين اختاروا عن قناعة راسخة معسكر المعارضة منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني . محمد أيت ايدر المعارض والمناضل المغربي المعروف ، ولد سنة 1925. بدأ حياته كمقاوم للاستعمار وبعد الاستقلال انخرط في ما سماه الملك محمد الخامس الجهاد الاكبر ، أي النضال من أجل تحقيق الديمقراطية ، والعيش الكريم لكافة المغاربة . بيد أن ظهور أيت يدر اللافت برز خلال عهد الملك الحسن الثاني ، حيث إن محمد بن سعيد أعلن وفي عدة مناسبات معارضته لنظام حكم الملك الراحل ،مما كلفه حكما بالإعدام شمله مع العديد من رموز اليسار المغربي . ابن شتوكة أيت بها ، كان من المساهمين في تأسيس منظمة 23مارس ، اثر الاحداث الدامية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء في بداية الستينات من القرن الماضي .كما أسس عند عودته من المهجر حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي سنة 1983 حيث تولى منصب أمين عام هذا الحزب .تولى أيت يدر مسؤولية ممثل منطقة شتوكة أيت بها في البرلمان حيث ترشح باسم حزب المنظمة .سنة 1992 ساهم في تأسيس الكتلة الديمقراطية التي ضمت كل الاحزاب المحسوبة على اليسار بإضافة حزب الاستقلال للكتلة .سنة 2002ساهم في جمع شتات اليسار وذلك بتأسيس حزب اليسار الاشتراكي الموحد ، هذا الحزب الذي ذوب جميع أحزاب اليسار بما فيها المنظمة في بوتقته ليصبح اليسار الاشتراكي الموحد هو الاطار التنظيمي الجديد الذي يوحد اليسار . محمد بن سعيد أيت ايدر عرف أيضا بمعارضته لبعض طقوس الملكية ، كتقبيل اليد وطقوس حفل الولاء سواء في عهد الملك الحسن الثاني أو الملك محمد السادس .كما اشتهر هذا المناضل أيضا بمعارضته للدساتير التي عرضت للتصويت على الشعب خاصة في مرحلة العهد السابق حلة العهد الجديد فقد قاطع التصويت على دستور 2011. بهذه الالتفاتة يكون الملك محمد السادس قد أثبت أن أبناء المغاربة سواسية أماه وأنه ملك الجميع . لقد كرم أحد مناضلي النضال من أجل الديمقراطية في البلاد ، وأحد أبناء المغرب البررة ، وهي لحظة قوية تليق برجل كبير مثل أيت يدر ، وتكسر التقليد والمصير الذي يواجهه كل من أعطى لهذا البلد من روحه ودمه ،بحيث لا يذكر ولا تكتب في حقه المقالات البليغة والقصائد العصماء إلا بعد ر حيله إلى مثواه الاخير . وقد تفاعلت كل المنابر الاعلامية الورقية والالكترونية بشكل ايجابي مع هذا الحدث المتميز الذي اعتبره أغلب المتتبعين مفاجئا بامتياز.طبعا وكالعادة هناك بعض المنتقدين الذين رأوا أن توشيح المناضل بن سعيد ما هو ألا مقدمة لدخول اليسار الراديكالي تحت لواء السلطة .وهناك من رأى أن توشيح المناضل بن سعيد هي رسالة أخرى قوية إلى المعارضة الحالية بجميع أطيافها والتي خمدت همة أحزابها في مسايرة اقاع انتقادات الملك ومكاشفته بكل صراحة وجرأة لمكامن الخلل في العديد من المؤسسات والمرافق العمومية . المعارضة كانت ولا تزال في كل البلدان التي تحترم الديمقراطية ، الداعم الاساس لعمل الحكومة بالنقد البناء من أجل تحقيق ما فيه خير الامة .وبما أن المرحلة الحالية تشهد تواجد أهم أحزاب اليسار في المعارضة .فإن لحظة تتويج محمد بن سعيد ، تؤكد أن الوطن ملكا وشعبا لا ينسون أبناءها الابرار ،مهما فرقت الممارسة السياسية والقناعة الايديلوجية بينهما ، فاختلاف الرأي على حد قول المثل لا يفسد للود قضية .والدفاع عن دولة الحق والقانون سيبقى مطلبا لكل المغاربة الذين يريدون أن يعيشوا في حضن مغرب قوي بمؤسساته التي تحترم القانون وتطبقه على الجميع.