ثورة تونس المباركة عرت أكثر من طاغية عربي، تزلزلت العروش و انتكست الرؤوس وأفلست بورصة الطغيان. اختلف طواغيت العرب حول كل شيء، واتفقوا حول الحلول الأمنية واستعباد الشعوب والتمسك بالكراسي حتى آخر لحظة.وكان أمل الجماهير العربية معلقا بموتهم البيولوجي ، بقي هذا وحده الأمل عساهم يتخلصون من الزعماء الفاسدين، لكن الطواغيت قرروا مواجهة الموت أيضا بطرقهم الخاصة. فإذا كان من المسلمات موت الجميع ، فإن حكام العرب ، ولأنهم يعشقون كراسيهم حتى الموت ،وغير مستعدين للتنازل عنها مهما يكن الأمر، ابتدعوا بدعة سيئة في ظل الجمهوريات العجيبة، وطبعا لا حديث عن الملكيات ، فقرروا بالإجماع ،إلا من كان داؤه العقم ، أن يورثوا الكراسي – ومن ثمة-الشعوب لأبنائهم. وهكذا ، ظهرت البدعة في الشام، ومصر على نفس الخط ، وليبيا لن تتراجع عن الإجماع العربي، واليمن السعيد لن تكتمل سعادته إلا إذا ورث الابن أباه. وهي ديمقراطية على كل حال، ولكن بتوابل عربية ، وسيناريوهات معدة سلفا. ما نراه من برلمانات وأحزاب في ظل هذه الأنظمة هو مجرد مسرحية والسيناريو ، على رداءته، معد سلفا والقوم عليه مجمعون .حتى الثورات في بلادنا، لتكون مقبولة عند هؤلاء الطواغيت، يجب أن تكون ثورة ناعمة فقط من أجل تنبيه الحاكم و التربيت على كتفيه،ولا بأس أن يهدي الثوار حاكمهم وردة ، وينظموا في حقه قصيدة مديح، وإن تفضل ، سارعوا إلى تقبيل رأسه ولم لا يديه أيضا. و لتعش العروبة وليسمع العالم عن ثوراتنا الهادئة . بالمقابل ، لا بأس أن يسب الحاكم العربي الثوار، فهم إرهابيون ومخربون وأوباش ومأجورون . ولا بأس أن يضربهم بالرصاص الحي. ولا بأس أن ينفي من شاء ويسجن من شاء و يسمل عيني من شاء وينفي في أرض الله الواسعة من ضاقت به سجون الوطن. هذا المنطق الغريب منشؤه تصور الحاكم العربي لنفسه،ولوظيفة الحكم وللشعب الذي يمارس عليه دكتاتوريته البشعة.فالحاكم،سليل الدولة السلطانية، يتصور نفسه مبعوث العناية الإلهية، وهو الحاكم الضرورة. هو الآمر والناهي والذي يحشر نفسه في كل صغيرة وكبيرة. وهو الأب الذي إن مات صار الشعب بعده مجموعة من الأيتام، لا بديل عنه، وفي أسوإ الأحوال، يجب أن يحل إبنه مكانه ويواصل رسالته، ويحرق ما تبقى من مناظر الخضرة بعده. لا يحق لأي مواطن، مهما كانت كفاءته وشهاداته ومستوياته، أن يحل محل الزعيم العربي الأوحد، العبقري في السلم، والألمعي في الحرب، والعارف بكل الأمور. حتى تناقضاته في الموقف الواحد هي عين الحكمة ، ولا صواب إلا ما يرى. أذكر الشيخ عبد الحميد كشك- رحمه الله - والذي كانت له جولات وصولات في مواجهة حكام العرب المستبدين ، في أحد أشرطته ، يتحدث عن موقف الجماهير الغريب من خطاب للرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، فبعد فشل الوحدة بين مصر وسوريا خطب الزعيم في جموع المستعبدين قهرا وظلما وتعسفا ، وكان مما قال في خطبته بداية : -( كنت قد أمرت ، أن تتحول السفن التجارية إلى سفن حربية وتتوجه إلى ميناء اللاديقية...) يريد أن يشعل الحرب ضد سوريا. فهتفت الجماهير : عاش ناصر ... عاش ناصر ... عاش ناصر ... عاش ناصر ... واصل الزعيم خطابه، والأصوات المتعالية تسكر الطواغيت : - ( ولكن ، لا أريد أن تتوجه أسلحة عربية إلى صدور عربية .... ) هنا يصبح الزعيم ، وفي نفس اللحظة، داعية ود وسلام... فهتفت الجماهير مرة أخرى: عاش ناصر ... عاش ناصر ... عاش ناصر ... عاش ناصر ... هو منطق الزعيم العربي وحده، يحارب أو يسالم ، في القضية نفسها، ولا بأس عليه. كل الزعماء أرادوا في بداية حكمهم ،أن يقذفوا باليهود إلى البحر ! ! ! لأن فلسطين بلاد عربية وهي ملك لكل العرب. ولكن مع مرور الوقت،أصبح هؤلاء العرب ، دعاة سلام. وليس سلاما فقط ، بل هو سلام الشجعان. كل العالم وكل الزعماء وكل الناس من كل الملل والنحل، فإما أنهم يبحثون عن السلام عاجزين ومقهورين أمام قوة العدو وجبروته. وفي أحسن الأحوال، يبحثون عن السلام من موقع الندية والتكافؤ، لأن الحرب في مثل هذه الحال لن تكون لها نهاية أبدا. إلا حكام العرب، وهم المهزومون المغلوبون على أمرهم المهرولون إلى طلب القبول عند الكيان الصهيوني، ينشدون السلام من موقع الشجاعة. سلام الشجعان ! إن الشجاعة تقتضي الاعتراف لا دس الرؤوس في الرمال، ولا القفز كالبهلوان على الحبال. ويتصور الحاكم العربي ، سليل العسكرتارية الفارغة والأناشيد الحماسية، الحكم غنيمة . فما إن تسقط بين يديه، حتى يبذل كل ما يسعفه به خياله، وما يرسمه من حوله حواريوه، لكي يكنز الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث.فيفتح الحسابات السرية، ويسرق أقوات الناس وحليب الأطفال وعرق الجماهير ورزقها، ويضخ كل ذلك في حساباته بلا رقيب ولا حسيب. عار والله عار أن يستمر هذا الحال في القرن الواحد والعشرين ، حيث الانفتاح والتواصل والشفافية.ما كل هذه القصور العامرة؟ وما كل هذه الحسابات البنكية ؟ وما كل هذه الممتلكات ؟ الأخبار تتحدث من تونس ، أن زوجة الرئيس هربت لوحدها طنا ونصف طن من الذهب. هل بعد هذا النهب نهب ؟ وهل بعد هذا الطغيان طغيان؟ الشعب يعيش أزمة خانقة، وزوجة الزعيم – وبالمناسبة هذه هي كل مؤهلاتها – تهرب كل هذه الكمية من الذهب.ولكن في أرضنا تستنسر البغاة . أما الشعب ، في تصور الزعيم ، فهو مجموعة من الأيتام. لا أصْل لهم ولا حسب. لا وجود لهم من قبل أن يولد الزعيم ، ويستحيل وجودهم عدما إذا مات الزعيم. فهو الأب الحنون الراعي ، وهم – يا ويحهم – الرعايا. وهو المسؤول عن الكلأ ورعي الرعية( أنبه ، أتحدث عن تصور الحاكم ، لشخصه ووظيفة الحكم ولأفراد الشعب ، أما شعوبنا العربية-وكل شعوب العالم مهما كان مستواها الثقافي والتنموي - فهي أشرف وأنبل وفوق هذه التصورات البشعة، الشعوب العربية واعية عارفة بواقعها مقدرة لمسؤوليتها، ومن يشك ها هو شعب تونس يلقنه الدرس وبالعربي الفصيح ). هو القائد الملهم الذي يحول الذهب ترابا. والشعبُ حفنة من المتسولين واللصوص وقطاع الطرق. فلا سبيل إلى ترويضهم ، ولا طريقة لتدجينهم، إلا العصا. ويكفيهم فخرا أن يقبل بأن يسوسهم ويحكم البلاد لصالحهم. لا يستطيع الزعيم العربي أن يُدخل حقيقة ساطعة إلى رأسه ، فحواها أن الحكم هو مجرد وظيفة إدارية، تحكمها القواعد والمساطر القانونية، وفق دستور تضعه جمعية منتخبة من طرف الشعب. الدستور ليس منة من أحد، وليس وثيقة على مقاس زعيم مريض بمرض الطغيان، يُخضعها لمقصه متى شاء.ولا يستطيع هذا الزعيم، أن يتصور أنه خادم عند الشعب، قد يقولها بلسانه نفاقا ، ويخرقها بسلوكه جهارا نهارا.إن عصرنا هو عصر العلم والثقافة وتقنيات التواصل، والحاكم العربي يعيش زمانه المحنط، زمان المماليك وخلفاء السوء ، الذين يعطون غانية ألف دينار إذا حركت شهوتهم، ويقطعون أكثر من رأس إذا شط غضبهم. إن أفصح خطاب ، يحق للشعوب أن تتوجه به إلى هؤلاء الزعماء من قش ، هو قول الشاعر العربي الكبير، نزار قباني، رحمه الله : متى سترحلون ؟.. متى سترحلون ؟ .. المسرح انهار على رؤوسكم .. متى سترحلون ؟ و الناس في القاعة يشتمون .. يصرخون كانت فلسطين لكم دجاجةً .. من بيضها الثمين تأكلون كانت فلسطين لكم قميص عثمان الذي به تتاجرون طوبى لكم .. على يديكم أصبحت حدودنا من ورقٍ .. فألف تشكرون على يديكم أصبحت بلادنا امرأةً مباحةً .. فألف تشكرون بعد هذه الجولة مع تصورات الحكام العرب الغريبة،لنقف عند مواقفهم الشاذة إثر سقوط طاغية تونس من على كرسيه المهزوز.فكرسي الطاغية أبدا لن يستقر.لأن ما بني على باطل فهو باطل.ولا يصح إلا الصحيح. أولا : موقف الطاغية بن علي وقد جد الجد عند اندلاع شرارة الثورة بتونس ، خرج الرئيس على الناس مهددا متوعدا ، واختار أقدح الأوصاف وأبشعها لأبناء وطنه، هذا إن كان يستحق أن ينسب إلى الوطن أو ينسب الوطن إليه ، وأراد أن يعزف على تلك الأسطوانة المشروخة، حين وصف الثائرين وجموع الغاضبين، بالإرهاب. وهو بذلك يتسول المواقف المساندة من سادته، وخاصة في باريس وواشنطن.لكنه أخطأ الحساب، فللدكتاتورية أجل ، وللطاغية موعد لن يُخلَفه. وحكام الغرب، المنافقون والمداهنون، والذين تهمهم- على الأقل- مصالح شعوبهم، يؤمنون بقانون المصالح الدائمة. وهم غير مستعدين أن يدرفوا دمعة واحدة،ولو دمعة تمساح ،على طاغية انتهت صلاحيته وولى زمنه،وآن أن يكنس إلى مزبلة التاريخ. فعلوا هذا من قبل مع طواغيت إيران والفلبين وباكستان، ولن يكون رئيس تونس، ولا كل زعيم عربي، استثناء. فمن يريد العزة، ففي كنف شعبه، ومن يريد الحماية، ففي ظل أمته. ولكن الاستبداد يصيب صاحبه بعمى الألوان، فلا يكاد يبصر ما حوله. مهما تكن الألوان فاقعة. حين أيقن الدكتاتور المفلس أن مصيره أصبح بين يدي شعب تونس الحر، خرج عليه في خطابه الأخير، ووقف كتلميذ كسول ، بالكاد يتهجى خطابه. ودفعة واحدة ، قال لهم : لكم الحرية السياسية وحرية الإعلام، لكم أن تؤسسوا الأحزاب، لكم أن تحاسبوا المسؤولين ، لكم ألا أترشح لانتخابات 2014، لكم حق المعارضة والنقد ومحاسبة المفسدين... ولكن تبقى عبارته الأولى في هذا الخطاب : ( فهمتكم... نعم فهمتكم ) العبارة الأقوى في خطابه المهزوز. ليس من قوة خطابه، لقد ظهر الرجل كما ظهر من قبل صدام المقبور في الغار، ترتعد فرائصه وتكاد تختنق أنفاسه. وعجيب أن يحكم على مدى 23 سنة شعبا متعلما ومثقفا، يعرفه أكثر من غيره، لكن لا يحاول فهمه إلا في الوقت الميت. لماذا إضاعة عقدين ونصف ؟ ولماذا كل هذه الآلام؟ ولماذا كل هذه السجون والمنافي؟ ولماذا لعلعة الرصاص الحي. إن الفهم يقتضي تشغيل المادة الرمادية، يقتضي الإيمان بكرامة الشعوب،يقتضي الحرص على المال العام. أما الفهم خوفا من زحف الثائرين وغضبة الناقمين، فهو عذر أقبح من زلة. ومع ذلك فهو لم يفهم، ولن يفهم الطواغيت أبدا ما داموا يرون أنفسهم من طينة أخرى غير طينة البشر. ويراودني شعور، أن حكام العرب سوف يحذفون كلمة : فهم ومشتقاتها من قواميسهم إلى الأبد . هل فهمتم لماذا ؟ إلى مواقف بعض أهل الجوار. ثانيا : موقف القدافي الثائر من غير ثورة ربما يكون خطاب القدافي المرتجل بدعوة من سميه بن علي بعدما وافاه الأجل ، أبلغ تعبير عن الخبل والدجل! ولا يشرف الشعب الليبي ، ولا أي شعب عربي أن يصدر مثل هذا الخطاب عن زعيم يزعم أنه ثائر . لا أريد أن أتحدث عن ملامح الرجل ، فلله في خلقه شؤون . ولكن كلام الرجل يهمنا ، وفيه من الفجاجة ما يستفز كل مواطن غيور. فخطابه ، إن راعينا قواعد الدبلوماسية وحسن الجوار، هو تدخل سافر في شؤون بلد له حرمة الجوار وله قداسة الاستقلال الداخلي. لكن يبدو أن حكامنا ، في هذا الزمن الرديء، لا يفرقون بين الدبلوماسية وحكم القانون وبين قصص الحكواتي وخرافاته . فحسب هذا الزعيم- يا لبؤس الزعامة – لا يوجد في تونس كلها رجل في مستوى زين العابدين بن علي. أنظر كيف يقزمون دور هذه الأمة الكبيرة ، أحقا ،ليس بين الشعب كله ، من يخلف الرئيس ؟ وهب أنه مات على حين غرة،ما العمل وفق الفقيه الدستوري القدافي ؟ هل في الكتاب الأخضر حل لهذه النازلة ؟ ومادام الشعب التونسي قد عزم على تغيير الرئيس بن علي ،حسب خطاب القدافي دائما ، فلماذا لا يصبر إلى حدود سنة 2014 ؟ يعني ثلاث سنوات من عمر شعب بكامله ، وهو ما يعادل ملايين السنوات إذا ضربت ثلاثة في مجموع سكان تونس، لا تساوي شيئا برأي الزعيم الليبي ، من أجل سواد عين سميه بن علي ؟ ومتى كانت الثورات تضبط على عقارب ساعات المهرجين والمخبولين. الثورة إرادة شعب لا يريد أن يفرط في حقوقه لحظة واحدة. وثار الثائر الحائر ضد مواقع الفيس بوك والتويتر واليوتيوب، ووصف موقع ويكيليكس بأنه كلينيكس، لأن وسائل التواصل الحديثة أصبحت تفضح الممارسات الطغيانية وتنشر غسيل الظالمين على العالم كله. فهو يريد أن تنشر الأخبار على ظهور الجمال من خيمة إلى خيمة وسط الصحراء العربية القاحلة. لقد تغير الزمان وتبدلت الأحوال .ولكن أكثر الحكام لا يفهمون. ثالثا : موقف أبوالغيط الدبلوماسي الذي تعوزه الدبلوماسية لست أدري هل سبق لوزير خارجية أن غرف من نفس قاموس وزير خارجية مصر السيد أبو الغيط. إذا واصل هذا الرجل مسؤوليته على رأس وزارة الخارجية المصرية، سيدخل موسوعة جينز بتصريحاته المنافية لكل أعراف الدبلوماسية . لقد سبق للرجل أن استفز إيران والسودان وفلسطين ولبنان أكثر من مرة . فالمجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني المجرم في حق أبناء الشعب الفسلطيني البطل ب غزة، هي مجرد رد فعل على صواريخ المقاومة.هكذا بكل وضوح. ولتجرف مياه الأمطار دماء الشهداء إلى البحر الأبيض المتوسط !! وجرح أهل السودان الذين يدعمون الوحدة حين صرح أن مصر ستحافظ على نفس العلاقة المتينة مع الجنوب والشمال على حد سواء. ومن قال له أن الجنوب ، بعد انفصاله،سيدور في دائرة الفلك العربي ؟ وهل كل الجهود المناوئة للوحدة هدفها أن يخدم الجنوب السوداني الوحدة العربية وينعش الآمال القومية؟ هل نظن صناع القرار في البيت الأبيض يعملون لسواد أعيننا. وسبق للرجل أن قال أن حزب الله أشعل الحرب للاحتفاظ بسلاحه وأن العملية التي قام بها الأمين العام للحزب حسن نصر الله كبّدت لبنان خسائر فادحة . ولست أدري ماذا أضافت مصر للعرب ولقضيتهم الأولى فلسطين منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة. أما تصريحاته تجاه إيران فلا تخرج عن الخط العام الذي عرف به منذ تعيينه وزيرا لخارجية مصر. وكانت آخر إبداعاته الدبلوماسية،تعليقه حول احتمال تأثر المحيط العربي بما حدث في تونس، بما في ذلك مصر ، بأنه كلام فارغ. إن الدبلوماسي الحقيقي يحرص أن يجنب مخاطبيه تأويل تصريحاته بشكل خاطيء، أما حين تكون تصريحاته فجة ، فلا يمكن أن تدخل في إطار الدبلوماسية بأي حال من الأحوال. ومرة أخرى، إن مثل هؤلاء المسؤولين، يتصرفون خارج الزمان والمكان. إن الدبلوماسي، يعبر عن وجهة نظر أمة بكاملها حين أدائه لمهامه، وليس عن رأيه الشخصي. وهو مطالب أن يحرك لسانه في فمه ألف مرة قبل الإدلاء بأي تصريح، بل إن مهمته الدبلوماسية – يا حسرة- تفرض عليه أن يتوقع كل الأسئلة، فكيف والحال أن ثورة تونس في أوجها ؟ .إذا كانت السياسة تتطلب المراس والحكمة واختيار فن الممكن، فإن الدبلوماسية- المعبر الرئيسي عن السياسة- يجب أن تكون فنا وذوقا وإلهاما. أعذروني أتحدث عن الدبلوماسية وليس عن الشعر. مشاعر الناس وأحاسيس الشعوب، لا يُحسن التعامل معها إلا من كان حظه من الذوق السليم واحترام المشاعر وتقدير ذكاء الآخرين وفيرا. الدبلوماسي يزن كلماته بميزان الذهب،ويصبغ تصريحاته بصبغة الهدوء والرزانة وبلاغة الكلمات. ولكن يأبى هؤلاء المسؤولون والزعماء إلا أن يفشلوا في كل شيء حتى في لغة الكلام. فاللهم ألهمنا مراشد أمورنا وعلمنا ماينفعنا وانفعنا بالحكمة والصواب في أقوالنا وأفعالنا وثوراتنا. هذا والله أعلم لحسن عدنان [email protected]