في خضم هذه الأيام التي ارتفعت فيها الحرارة بشكل مفرط، وبسبب الزيادة في الساعة القانونية، دعا مغاربةٌ إلى الاحتماء بفقه الإمام مالك، المذهب الرسمي في المغرب، لكونه اشتهر بكراهيته صيام ستة أيام من شهر شوال، الذي يلي شهر رمضان، والتي جاء فيها حديث نبوي بعظم أجر صائمها. وانقسم متابعون في فضاء الانترنت إزاء دعوة البعض إلى الاقتداء بفهم الإمام مالك لموضوع صيام ستة أيام من شوال، بين من اعتبرها فكرة مناسبة بسبب صعوبة الصوم في هذا الطقس الحار، وبين من انتقد لَي أعناق النصوص واجتهادات الأئمة والفقهاء الكبار، من أجل التهرب من صيام أيام حث عليها الرسول الكريم. ووجد البعض في موقف الإمام مالك من صيام 6 أيام من شوال، فرصة مواتية تعفيه من مشقة الإمشاك عن الطعام والشراب خلال ساعات طويلة، خاصة بعد إضافة ساعة على التوقيت القانوني للمملكة، ودرجات الحرارة المرتفعة، فيما أكد آخرون أن صيام هذه الأيام في مثل هذه الظروف له ثواب جزيل". وأورد المعتمدون على كراهية صيام 6 أيام من شوال ما جاء في موطأ الإمام مالك "صوم ستة أيام من شوال لم أر أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغه ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصةً عند أهل العلم، ورأوهم يعملون ذلك". ولفهم سياق كراهية الإمام مالك لصيام ستة أيام من شوال، بغض النظر عن أية سياقات خارجية، مناخية أو زمنية، اتصلت هسبريس بالدكتور رضوان بنشقرون، الباحث في العلوم الشرعية، والذي أشار في البدء إلى حديث نبوي معروف يُرغب الناس في صيام ستة أيام من شوال. وذكر بنشقرون في هذا السياق الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم، وغيره من أصحاب السنن، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر"، وفي رواية: "فكأنما صام الدهر". وأوضح بنشقرون أن الإمام مالكا ذكر في "الموطأ" أنه يكره صيام هذه الأيام، وعلل فقهاء المذهب ذلك بأن حديث أبي أيوب الأنصاري الذي هو المرجع في سنية هذا الصيام واستحبابه إما أنه لم يبلغ مالكا، وإما لأن الحديث نفسه فيه مقال حيث إن في سلسلة رواته رجلا لا يصح منه التحمل". واستطرد الباحث أن علماء المذهب المالكي قيدوا كراهية صيام 6 أيام من شوال بأربعة قيود، هي: أن يصومها متصلة، وأن يصلها الصائم بالعيد، وأن يعتقد أنها سنة ملحقة برمضان كالرواتب البعدية، وأن يظهرها من يقتدى به"، مبرزا أنه "إذا انتفت القيود كان صيام الست من شوال عند المالكية أيضا سنيا مشروعا مندوبا إليه". وبالنسبة للشيخ سعيد كميلي، فقد أوضح في أحد دروسه الفقهية، أن كراهية مالك لصيام أيام شوال قول قديم، وليس هو قول المالكية في المشهور، باعتبار أن منهم من يجعلون من الأيام المستحبة صومها ستة أيام من شوال، مشيرا إلى أن سبب كراهية مالك لذلك خشيته أن يظن الناس أن ذلك فرض عليهم". ويكمل الفقيه ذاته بأن هذه العلة التي خشيها الإمام مالك رحمه الله انتفت في الوقت الراهن، لأن لا أحد يخلط بين فريضة الصيام في رمضان وسنة الصيام في شوال"، مضيفا أن "الحكم يدور مع علته"، قبل أن يؤكد كميلي أن الإمام مالك كان يصوم هذه الأيام من شهر شوال في نفسه".