بدنو إجراء الانتخابات سواء الجماعية أو البرلمانية في المغرب، يُطرح دائما بحدة موضوع ضمان نزاهة الانتخابات، حيث يصبح ضامن شفافية الاستحقاقات الانتخابية محور الرحى قبلها وأثناءها وبعدها أيضا، فيما تتجاذب الأحزاب مناقشة التدابير الداعمة لنزاهة هذه العملية، أو الاختلالات التي شابتها. وبتصريح رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، قبل أيام قليلة، بأن ضامن نزاهة الانتخابات المقبلة في المغرب هو الله، استحضر مراقبون تصريحات سابقة لخلفه، الوزير الأول، عباس الفاسي، أياما قبل إجراء الانتخابات السابقة لأوانها، عندما شدد على أن ضامن نزاهة الانتخابات ليس سوى ملك البلاد. وسبق لعباس الفاسي أن أكد في شهر نونبر من سنة 2011 أن شروط نزاهة الانتخابات تكمن في حياد السلطة، وعدم استعمال المال الحرام، مبرزا أن الضامن الأول لنزاهة الانتخابات هو جلالة الملك، لأنه قالها في عدة مناسبات، وفي مجالس وزراية، ولأن الدستور يحد ذلك". وبعد ذلك بأقل من أربع سنوات، جاء رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، في سياق دستور اعتبره الكثرون متقدما لما منحه من صلاحيات لمؤسسة رئاسة الحكومة، ليؤكد في تصريحات له بأن ضامن نزاهة الانتخابات هو الله، ونحن كدولة ديمقراطية نستحضر الله لأنه لا حركة ولا سكون إلا بإذنه". واستدرك بنكيران بأن "الانتخابات ستكون نزيهة، كما كانت الانتخابات السابقة سنة 2009، والتي لم يطعن فيها أحد"، موضحا "أن الضامن بعد الله هو جلالة الملك، والإدارة ستقوم بعملها، وسأقوم شخصيا بما يقتضي مني الواجب حتى تمر هذه الانتخابات بدون أدنى خرق". العلام: الانتخابات في مهب الريح ويعلق الباحث في الشأن السياسي، الدكتور عبد الرحيم العلام، على موضوع نزاهة الانتخابات المغرب، مبرزا أن أهم الإكراهات التي تواجه الانتخابات هي ما يتصل بقضية النزاهة، والظروف التي تجري فيها الانتخابات"، مبرزا أن "النزاهة لا تقتصر على يوم الانتخاب، بل لها ما قبلها". وقال العلام، في تصريحات لهسبريس، إن "القوانين الانتخابية، والتقطيع الانتخابي، والهيئات المشرفة، تساهم بشكل كبير في حماية الانتخابات من عبث المفسدين"، مردفا أن "القوانين تعدّ من أهم ضمانات الانتخابات، إذا لا يمكن أن تجري استشارات انتخابية نزيهة في ظل قوانين لا تضمن مشاركة جميع الفئات، أو تقصي فئة دون أخرى". ولفت المحلل إلى أن "عدم تجديد اللوائح الانتخابية والاكتفاء بتعديلها، وإلزام المواطنين بالتسجيل بدل اعتماد قاعدة بيانات البطاقة الوطنية، سيساهم في حرمان أكثر من 7 ملايين مغربي من المشاركة في الانتخابات، باعتبار أن عدد الذين يحق لهم التصويت يفوق 22 مليون مواطن، وعدد المسجلين في اللوائح يقل عن 15 مليون. وذهب المتحدث إلى أن التقطيع الانتخابي يساهم في اختلالات كبرى، فمثلا يتم "ترييف" المدن عن طريق دمج المجال القروي بالمجال الحضري، واعتماد تقطيع انتخابي مغاير للتقطيع الإداري، مما يساهم في توسيع العديد من الدوائر، وتضييق أخرى، كما أن المزج بين نمط التصويت باللائحة والتصويت بالفردي لن يساعد على تربية المواطنين على التصويت على البرامج الحزبية بدل الأشخاص". أما المسألة الأهم في سياق نزاهة الانتخابات، يضيف العلام، فهي التي تتعلق بالجهة التي تشرف عليها، فمن دون جهة مستقلة لا يمكن ضمان نزاهة الانتخابات، لذلك نصت العديد من الدساتير على لجنة عليا مستقلة للإشراف على الانتخابات، وهذا حال الدستور التونسي مثلا، فاستقلالية الجهة المشرفة مسألة حاسمة لحماية العلمية الانتخابية من الاصطفافات". واستطرد الباحث عينه بأن بخلاف الحالة التونسية على سبيل المثال، وغيرها من حالات بلدان أخرى، فإن المغرب لا يتوفر على لجنة مستقلة، وإنما تشرف وزارة الداخلية تقنيا وإداريا على الانتخابات، وتتكفل الحكومة بالأشراف السياسي، وهذا ما يجعل الانتخابات في مهب الريح" يؤكد العلام. وسجل المحلل ذاته بأنه "عندما قال عباس الفاسي بأن الملك محمد السادس هو الضامن، فربما كان يعني أنه سيأمر وزارة الداخلية بتوفير أجواء النزاهة، وعندما تحدث بنكيران عن "ضمانة الله" فإنه ربما يعرف أن كل الشروط الضرورية لنزاهة الانتخابات غير متوفرة".