اهتمت الصحف الأوروبية، الصادرة اليوم السبت، على الخصوص بالتطورات المتسارعة للأزمة الاقتصادية والمالية في اليونان، إلى جانب جملة من القضايا المحلية والدولية. ففي فرنسا، عادت الصحف للتعليق على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين اليونان ودائنيها من أجل إخراج هذا البلد من الأزمة التي يعيشها. وكتبت صحيفة (لوموند) في هذا الصدد أن الاتحاد الأوروبي سجل نقطة في آخر المطاف : اليونان ستظل في منطقة الأورو ، موضحة أن لا أحد من الدول الثمانية عشر أراد تحمل مسؤولية إخراج هذا البلد من هذا الفضاء. وأضافت الصحيفة أن هذا الأمر كان يمكن أن يكون خطيرا وغير مسؤول للغاية، وأن تزيبراس نفسه اقتنع أنه من الأفضل لبلده البقاء في منطقة الأورو ، ذلك أنه في حالة حدوث العكس، لن يكون بإمكانه تجنيب بلاده الكارثة بالنظر إلى فراغ الخزائن وثقل الديون ، فضلا عن اقتصاد في وضع كارثي. وقالت الصحيفة إن الواقع فرض نفسه بشكل مؤلم عقب اختبار قوة سياسي، مني فيه الزعيم الشعبوي بالهزيمة. وتحت عنوان "المخرج الحقيقي للمأساة اليونانية"، كشفت الصحيفة أن أثينا اعتقدت أنها أحسنت فعلا بتنظيم استفتاء ضد سياسة التقشف ، معتبرة أنها حصدت نتائج عكسية ،وشروطا أكثر تشددا. من جهتها، أكدت صحيفة (لوفيغارو) أن المساعدة الاستعجالية الأوروبية أنقذت اليونان، مؤكدة أن شبحي الافلاس والخروج من منطقة الأورو قد ابتعدا . وأضافت أن اليكسي تزيبراس وقع العقد الذي يتيح لبلاده الحصول على شطر ثالث من المساعدات ويبقيها بالتالي ضمن فضاء العملة الموحدة على حساب تضحيات كبيرة. وفي ألمانيا، ركزت الصحف الصادرة اليوم اهتمامها على النقاش الذي شهده أمس الجمعة البرلمان الألماني "البوندستاغ " ومنحه تفويضا للحكومة من أجل إجراء مفاوضات ضمن دول منطقة الأورو بشأن مساعدات جديدة لليونان. وكتبت صحيفة (برلينغ تسايتونغ)، في تعليقها، أن البرلمان وافق على بدء مفاوضات مع اليونان على حزمة مساعدات ثالثة تصل في مجموعها إلى 86 مليار أورو ب 439 صوتا، مشيرة إلى أن هذا التصويت كان بالأغلبية إلا أنه سجل معارضة عدد من النواب من التحالف المسيحي الذي تتزعمه ميركل. من جهتها، أبرزت صحيفة (زود دويتشه تسايتونغ) أن مخطط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، حظي بتصويت الأغلبية خاصة من قبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الحكومة ، الذي صوت تقريبا بإجماع نوابه باستثناء أربعة نواب . أما صحيفة (مونشنر ميركور ) فكتبت أن أنجيلا ميركل ستتذكر ولفترة طويلة الهدية التي تلقتها في عيد ميلادها ال61 ، والتي " ليست عبارة عن زهور جميلة "، ولكنها تمرد 65 نائبا عضوا بالاتحاد المسيحي ، لأول مرة عليها ، مشيرة إلى أن هذا العدد كان أكثر بكثير مما كان متوقعا. واعتبرت الصحيفة أن امتناع هؤلاء النواب المنتمين لحزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي ، يعني وبوضوح رفضهم تمكين اليونان من حزمة إنقاذ ثالثة ، مضيفة أن مخطط المستشارة ، على هذا الأساس ، كان مهددا بالرفض. ووفق صحيفة (ساربروكر تسايتونغ) فإن اثنين من البرلمانات بدول منطقة الأورو ، وهما أثينا وبرلين ، قررا ضدا على القناعة الداخلية للعديد من الأعضاء ، الدخول في مفاوضات جديدة بشأن المساعدات، مشيرة إلى أن حكومتي البلدين تمكنتا من انتزاع الموافقة التي كانت ربما المحاولة الأخيرة لإنقاذ اليونان وعدم خروجها من المنطقة . ولاحظت صحيفة (ميتلدويتشه تسايتونغ) أن التصويت عن منح التفويض للحكومة كان بأغلبية الثلثين تقريبا في البرلمان إلا أن ذلك ، وفق الصحيفة ، يتعارض مع الرأي العام للألمان ، إذ أن استطلاعا للرأي أجري مؤخرا كشف أن الأغلبية ترفض تقديم المزيد من المساعدات لهذا البلد الأوروبي. وأضافت الصحيفة أن المعارضة في البرلمان الألماني انتقدت مخطط ميركل ووزير ماليتها فولغانغ شويبله بسبب تدابير التقشف الصارمة. وفي إسبانيا، شكل اللقاء الرسمي الأول أمس الجمعة بقصر سارسويلا في مدريد بين العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس ورئيس حكومة جهة كتالونيا (شمال شرق إسبانيا) القومي أرتور ماس، أبرز اهتمامات الصحف الصادرة اليوم. وهكذا كتبت صحيفة (إل باييس) على صدر صفحتها الأولى أن "فيليبي السادس رد بلفتة دستورية عادية" على ماس، مزينة مقالها بصورة لهذا الاستقبال الأول منذ إعلان العاهل الإسباني ملكا للبلاد في يونيو 2014. وأشارت اليومية إلى أنه بهذا اللقاء "عبر العاهل الإسباني بوضوح عن نيته الحفاظ على العلاقات المؤسساتية مع جميع رؤساء الجهات، وضمنهم رئيس حكومة كتالونيا، الذي يسعى لجعل الانتخابات العامة ليوم 27 شتنبر المقبل منطلقا لمخططه السيادي". ونقلت الصحيفة عن رئيس حكومة جهة كتالونيا قوله لدى وصوله إلى قصر سارسويلا في العاصمة الإسبانية "لقد جئت في سلام". من جهتها أوردت (لاراثون)، تحت عنوان "الملك يكبح هذيان أرتور ماس: وحدة إسبانيا لا يجادل فيها"، أن فيليبي السادس استقبل "في لفتة جادة وصارمة" رئيس حكومة جهة كتالونيا الذي "يحاول التخفيف من حدة التوتر" بتأكيده أنه جاء إلى سارسويلا "في سلام". وتابعت اليومية أن اللقاء استمر نحو ساعة ونصف، وأن الرئيس ماس غادر المكان دون الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، عكس زعماء الجهات الأخرى الذين استقبلهم الملك فيليبي السادس هذا الأسبوع. وفي سياق متصل، أشارت صحيفة (إل موندو) إلى أن الملك "الضامن لوحدة الدولة" استقبل في لفتة "جادة جدا" رئيس جهة كاتالونيا، في وقت "خطى فيه هذا الأخير خطوة أخرى في تحديه السيادي". المنحى ذاته سارت عليه صحيفة (أ بي سي)، التي كتبت تحت عنوان "توتر بين الملك وماس حول الخطة السيادية"، أن الملك فيليبي السادس استقبل في "لفتة جادة" رئيس جهة كاتالونيا، الذي قال إنه جاء في سلام، بينما يقوم "بتسريع خطته السيادية". وفي النرويج، تطرقت الصحف إلى العديد من المواضيع المحلية والدولية، من ضمنها الوضع في اليونان، إذ أشارت صحيفة (داغبلاديت) إلى المظاهرات التي عرفتها البلاد احتجاجا على الاتفاق بين أثينا ومجموعة الأورو. وأضافت أنه على الرغم من أن البرلمان اليوناني صوت بالإيجاب على هذا الاتفاق فإن المتظاهرين عبروا عن غضبهم، مشيرة إلى إلقاء الشرطة القبض على 26 شخصا على الأقل على خلفية هذه الاحتجاجات. واعتبرت أنه كان من المتوقع أن يمر مخطط الإنقاذ وهو ما يعني الزيادة في سن التقاعد وتطبيق إجراءات تتعلق بالرفع من الضرائب وتخفيض الأجور. من جهتها، أشارت صحيفة (افتنبوستن) إلى أن الاتفاق الجديد بين أثينا ومجموعة الأورو الذي صادق عليه البرلمان اليوناني، يتضمن شروطا عديدة من ضمنها تخفيضات كبيرة في الخدمات العامة وإجراءات تتعلق بالخوصصة. واعتبرت الصحيفة أن الاتفاق من المتوقع أن تتم المصادقة عليه في عدد من بلدان منطقة الأورو. وفي السويد، اهتمت الصحف المحلية بالعديد من المواضيع، ضمنها خطة إنقاذ اليونان، إذ أشارت صحيفة (افتونبلاديت) إلى أن البرلمان الألماني وافق على الخطة، مضيفة أن المستشارة الألمانية حذرت من أن رفض هذا الاتفاق قد يؤدي إلى الفوضى. وأكدت أن البرلمان النمساوي صوت بدوره لفائدة هذه الخطة، في الوقت الذي وافقت فيه السويد على الاستفادة من آلية الاستقرار الأوروبي لتمويل قرض طارئ لليونان، معتبرة أن أغلب الأحزاب السياسية في السويد تؤيد خطة الإنقاذ. وعلى صعيد آخر، كتبت صحيفة (سفنسكا داغبلاديت) أن ما مجموعه 37 مليون شخص مصاب بفيروس فقدان المناعة المكتسبة في العالم، مشيرة إلى أن حوالي 15 مليون منهم يلجون إلى العلاج من هذا المرض، وذلك حسب تقرير صدر مؤخرا عن برنامج الأممالمتحدة لمكافحة السيدا. واعتبرت أنه تم بلوغ واحدة من الأهداف الإنمائية للألفية قبل تسعة أشهر من الموعد المقرر لتحقيقها، ما يدل على أنه منذ سنة 2000، انخفض عدد الإصابات الجديدة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة بنسبة 35 في المائة، في حين أن عدد الوفيات المرتبطة بهذا المرض انخفض بنسبة 41 في المائة. وفي فنلندا، اعتبرت صحيفة (هلسنكى سانومات) أن أزمة الديون اليونانية قد خلقت فجوة بين أثينا ودول أخرى في منطقة الأورو. وقالت الصحيفة إن الأزمة خلقت انقسامات قوية داخل الطبقة السياسية في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وعبرت الصحيفة عن الأسف لكون بعض الأعضاء من دول أوروبا الشرقية لم تعد لديهم الثقة في المشروع الأوروبي المشترك. وأشارت إلى احتمال أن يخرج الشعبيون في أوروبا، الذين يريدون استعادة الحدود والتخلي عن العملة الموحدة، منتصرين في الانتخابات المقبلة، معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى أن أي مساعدات لن تنقذ الاتحاد الأوروبي والأورو. وفي سويسرا، اهتمت الصحف أيضا بتطورات الأزمة اليونانية، إذ أشارت صحيفة (لوتون) إلى أن رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس لم يتهرب من التزامه بتمرير إصلاحات مؤلمة، ما يشكل إعلانا عن تغييرات في المشهد السياسي المحلي. وأضافت الصحيفة أن البلدان الأكثر ترددا ضمن منطقة الأورو، مثل فنلنداوألمانيا، قدمت بوادر مشجعة تبشر بإعادة بناء الثقة مع الشركاء الدوليين. من جهتها، أكدت صحيفة (لا تريبيون دو جنيف) أنه بعد ثلاثة أسابيع من الإغلاق، أصبحت البنوك اليونانية قادرة على إعادة فتح أبوابها الاثنين المقبل. واعتبرت الصحيفة أن الاتفاق يظهر كأنه أشبه بهدنة، مشيرة إلى أن مسألة الصرامة الاقتصادية لا تزال تشكل اهتماما لأعضاء الاتحاد الأوروبي. من جانبها، أكدت صحيفة (24 أور) أنه حان الوقت للمسؤولين الأوروبيين للعمل على التهدئة لأن الاتحاد الأوروبي مصمم أصلا على أن يبقى السلام داخله. واعتبرت الصحيفة أن الحكومة الألمانية دافعت عن خطة المساعدات الجديدة باعتبار أن الأمر يتعلق بآخر محاولة لتنفيذ مهمة صعبة للغاية.