عجالة مختصرة ومفيدة بسم الله سؤال يتكرر علي كثيرا عند اقتراب عيد الفطر المبارك سواء عندما كنت ألقي دروس الفقه في المساجد قديما أما يرسله البعض في رسائل الكترونية ...... وهو :هل يجوز إخراج زكاة الفطر بقيمة الطعام نقودا كما أفتى المجلس العلمي الأعلى ؟ لأن هناك من يحرمها بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ...وخاصة وأن هناك من أفتى بعدم جواز ذلك من القدماء كالإمام مالك والشافعي وابن حنبل ومن المعاصرين :ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم وغيرهم .؟ وجوابي بفضل الله هو بحسم واختصار لمن له عقل وقلب رشيد . لن أرد بالقول بأن الأمة ليس فيها من المعاصرين فقط من ذكرهم الأخ السائل ...ولكن هكذا تسير الأمور في زمننا لأسباب كثيرة لا داعي لذكرها اختصارا.وإلا فهناك الكثير ممن أجازها ...منهم في القديم :الحسن البصري وعمر ابن عبد العزيز وأبي إسحاق السبعي الذي روى عنه ابن ابي شيبة بسند صحيح انه قال :أدركتهم -أي الصحابة -وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام ..وهناك من زعم انه لم يدرك الصحابة والأصح انه من الطبقة الوسطى من التابعين أدرك عليا وجماعة من الصحابة ...إضافة الى الإمام الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وهو مذهب الزيدية كما بينه الشوكاني في السيل الجرار...وإسحاق بن راهويه والإمام ابو ثور وقول جماعة من المالكية كابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن دينار وابن وهب ...وأجازها ابن تيمية للمصلحة والتيسير (أنظر كتابه في الفتاوى في الجزء الخاص بالزكاة ) .ومن المعاصرين علماء كثر منهم القرضاوي والشيخ أحمد بن الصديق الغماري إضافة إلى فتوى المجلس الأعلى بالمغرب وهي صحيحة لا غبار عليها ... اعتراض : يحتج المانعون كلهم خاصة ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله ومن على مذهبهم بحديث :(فرض رسول الله صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط )....وما دام فرض فلا يجوز غير مافرض . وللحسم في هذه القضية دون إيراد شواهد كثيرة أقول وبالله التوفيق : صدقتم ما فرضه الرسول عليه السلام هو ماينبغي العمل به دون تردد او اعتراض ....ولكن ...ولكن ينبغي أن نتبع الرسول عليه السلام كذلك في طريقة عمله وتطبيقه كذلك ..الى منتهاه.....فإذا تأكد لنا أن أمره وفعله وتقريره..ينبغي إتباعه ...فلا يجوز حينئذ أخذ بعضه وترك بعضه الآخر إما جهلا أو عن سبق إصرار ...فتعالوا لننظر إلى أمر آخر وجهه الرسول عليه السلام لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن فأمره أن يأخذ الصدقة من الحنطة والشعير ...فهذا أمر مباشر من الرسول عليه السلام لمعاذ وهو من ثمة فرض عليه تطبيقه وتنفيذه ...فماذا حدث ؟..في رواية البخاري :قال معاذ رضي الله عنه :لأهل اليمن :إئتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة .وفي رواية أخرى عند ابن ابي شيبة : فأخذ العروض والثياب بدل الحنطة والشعير ... فهل خالف سيدنا معاذ ما فرضه عليه الرسول عليه السلام وأمره به ...؟...كلا ..لأن الرسول عليه السلام أقره على ذلك ورضيه ولم يعترض عليه ...فما هو التبرير الذي جعل سيدنا معاذ يقوم بذلك تأملوا إذن حكمته كما روى البخاري : :قال لأهل اليمن هو أهون عليكم وخير لأصحاب رسول الله ....فنظر رضي الله عنه الى الأمر من زاويتين : التيسير على من يعطي الصدقة ...والنظر لمصلحة من ستصلهم الصدقة . والخلاصة :إن الذي فرض في الزكاة الطعام...صلى الله عليه وسلم هو نفسه الذي قبل ورضي بقيمتها ثيابا وملابس من اجتهاد وحكمة معاذ رضي الله عنه ...فلا داعي للتشغيب والتطاول والتنطع ...ومن أراد تطبيق أحد الأمرين فلا تثريب عليه . مسألة حول وقت خروج الزكاة بما أننا قد اتضح انه يجوز إخراج الزكاة طعاما او نقودا بلا اختلاف وتخاصم وتضارب فإن وقت إخراجها سيختلف كذلك إلى حالين 1-إذا كان معطيها سيخرجها طعاما فإن السنة المأثورة عن الصحابة هي إخراجها قبل يومين فقط ...وذلك لتحقيق ما ورد عن رسول الله من حكمة إغنائهم عن السؤال في ذلك اليوم ....وأما من أخرجها طعاما قبل ذلك ..فستنتفي معه تلك الحكمة وذلك القصد . 2- - وأما من أخرجها نقودا فعليه مراعاة ما قد يحتاج إليه المعطى من وقت لتدبر أموره واحتياجاته ...فهناك من يصيبه هم كسوة الأبناء بغم وهم ..فيُفضل إعطاؤها له قبل ذلك ليتمكن من شراء ما يحتاجه هو أو أبناؤه ...خاصة أن الغلاء يصيب ثمن الثياب كلما إقترب يوم العيد . هذه عجالة مختصرة في الموضوع . والحمد لله رب العالمين