ابطل المجلس الدستوري في قراره رقم: 15/968 الفقرة الأخيرة من المادة 51 التي نصت على أنه "يعتبر عضو مجلس الجماعة من منظور هذا القانون التنظيمي في وضعية تخلي عن الحزب الذي ترشح بتزكية منه، إذا قرر هذا الحزب وضع حد لانتماء العضو المنتسب إليه، بعد استنفاد مساطر الطعن الحزبية والقضائية"؛ وذالك لعدم مطابقتها للمادة 61 من الدستور، في حين أبقى على شرعية التصويت العلني على انتخاب الرئيس علما انه سيق لهذه المؤسسة اصدرت قرارا رقم 938.14 المتعلق بالنظام الداخلي لمجلس المستشارين المحال عليه بتاريخ 22 ماي 2014 بعدم دستورية بعض مقتضيات هذا النظام الداخلي التي أوردت أنه بإمكان اللجان الدائمة المطالبة بإجراء تصويت سري على كل مقترح أو مشروع قانون، مستدلا بأن الفصل 68 من الدستور لئن كان يسمح لكل من مجلسي البرلمان أن يعقد جلسات سرية إلى جانب الجلسات العمومية، وكذلك يسمح للجان الدائمة عقد اجتماعات عمومية إلى جانب الاجتماعات السرية ( وهي الأصل)، فإنه هذا لا يعني أن التصويت على مشاريع ومقترحات القوانين أن يكون سريا، باستثناء حالات الانتخاب أو الحالات التي تهم الأشخاص، مما يعني بمفهوم الموافقة أن التصويت على أشخاص يكون دائما سريا وليس علنيا. فمن خلال قراءة دقيقة لهذا القرار وفي محاولة لفهم تبعاته يطرح السؤال العريض التالي : كيف سقط واضعو هذا القانون التنظيمي (حكومة ومؤسسة تشريعية) في هذا الخطأ الدستوري البدائي ؟ وما هي تبعات حذف هذه الفقرة من القانون التنظيمي ؟ فإذا كانت مبررات المجلس بقبول التصويت العلني على انتخاب الرئيس قد استندت على مبدأ تخليق الحياة العامة فلماذا عاكست هذا التبرير في قضية الترحال السياسي؟ فبهكذا قرار فقد فسح المجال القانوني للترحال السياسي بالجماعات الترابية، مجال سيجعل الباب مشرعا للسادة الاعضاء المنتخبين لتغيير لونهم السياسي فور اعلان نتائج ألانتخابات، وبالتالي سنكون أمام مهزلة جديدة سيلعب فيها المال وشراء الذمم والمصالح الشخصية وتدخل الجهات النافذة دورا حسما في رآسة الجماعات الترابية، في غياب نص قانوني رادع والاكتفاء بالوازع الاخلاقي السياسي المنتفي. سنشهد المزيد من الإجهاض لإرادة الناخبين علما أن هذه الإرادة قد أجهضت بصدورالتعديلات المحتشمة القانون التنظيمي رقم 59-11 الذي كرس مصادرة حق الناخبين في انتخاب الرئيس انتخابا مباشرا، ورهن هذه الارادة بأيادي أعضاء جلهم يتميز بالدهاء السياسي في استمالة أصوات الناخبين، والتنكر فور اعلان الفوز بدوائره الانتخابية. فمن خلال رصد وتتبع تحركات المرشحين، يتضح بجلاء هرع السواد الأعظم منهم إلى التكثلات الحزبية التي يقودها أعيان وأشخاص ذوي الحظوظ الوافرة للفوز في الانتخابات الجماعية الترابية القادمة، واضعين نصب أعينهم الفوز أولا بالمقاعد و تأجيل الخوض في تحديد الجهة الكفيلة برآسة الجماعة الترابية جهة كانت أن مجلسا للعمالة أو الاقليم أو جماعة حضرية أو قروية أو مجلسا للمقاطعة أو للمدينة . سنشهد انتقالات هلامية بعيدة عن أي حس سياسي أو أخلاقي في إطار لعبة انتخابية مجترة ستزيد لا محالة من توسيع دائرة العزوف السياسي والخصومة الأبدية بين الاحزاب والقاعدة الناخبة، في مرحلة أصبحت فيها نسبة المشاركة معيارا تحت مجهر المؤسسات الدولية في ظل دستور روج له بما يكفي محليا ودوليا.