تقرير المهمة الاستطلاعية التي قامت بها لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب إلى مديرية الأدوية بوزارة الصحة، باعتبار هذه الإدارة مسؤولة عن سياسة توفير الدواء المطبقة بالمغرب على مستويات الترخيص والتسعير وتوزيع والجودة، عمد إلى تعرية اختلالات يعرفها هذا القطاع الحساس للغاية. ورصد أعضاء المهمة، حسب التقرير الذي توصلت به هسبريس، وجود عيوب ضمن المراقبة والتفتيش والترخيص، إضافة بضعف الهياكل الإدارية والتقنية، وعدم الالتزام بالقانون المرتبط بآجال الإذن بالطرح في السوق، إلى جوار ضعف الشفافية وما هو معمول به من طرق لتحديد أسعار الأدوية. وفي رصده لأهم الاختلالات بقسم الصيدلة المتعلقة بمنح الإذن بالعرض في السوق، أكد التقرير أن تأخير منح الإذن بالعرض في السوق لسنوات، بدل 90 يوما المنصوص عليها قانونيا، يترتب عنه تأخير في منح السعر، وبالتالي يكرس الاحتكار للأدوية المسوقة، ومعها يسجل ارتفاع تكلفة العلاج على المريض والتأمين الصحي والدولة.. كما لاحظت اللجنة أن الخبرات التحليلية النظامية لكل دفعات اللقاحات التي دخلت إلى التراب الوطني أنها تمنح شهادات الإفراج على أساس أنها أنجزت بالكامل، بينما التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات يناقض ذلك. وحول الأسباب التي أدت إلى الارتفاع القياسي لأسعار الدواء بالمغرب، اعتبر تقرير اللجنة النيابية أن ذلك مرتبط بالتطابق الكلي، أو شبه الكلي، بين الأثمنة المطلوبة من طرف بعض المختبرات مع الأسعار التي أقرتها المديرية المعنية بالأدوية داخل وزارة الحسين الوردي، كما أشار المستند إلى عدم الارتكاز على أي معيار لتحديد دقيق لسعر الدواء.. ما دفع التقرير إلى دعوة الحكومة لإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة فيما يتعلق بغلاء الأدوية وانعكاسها على المواطن وصناديق التغطيات الصحية، وعلى ميزانية الدولة، مطالبا وزارة الصحة بفتح تحقيقات في هذا الشأن. المكلفون بالمهمة الاستطلاعية طالبوا الحكومة بوضع استراتيجية تفاوضية ذكية مع المختبرات الدولية والشركات المصنعة للدواء من أجل وضع حد للاحتكار، والسماح بتصنيع وتسويق الأدوية الجنيسة في المغرب، حيث أشار التقرير إلى أن هذه الأدوية لا يتعدى ولوجها إلى الأسواق الوطنية نسبة 30 في المائة ،وهي نسبة تقل بكثير عن نسبة التسويق في عدد من البلدان الغنية وتلك توجد في نفس مستوى التنمية للمملكة. كما أورد التقرير أن الهدف يتعلق بمقاربة لمحاربة الاحتكار الذي لا ينجم عنه تحكم شركات صناعة الأدوية في الأسعار، محذرا من كون ذات الاحتكار يكبح كل دينامية جديدة قد يشهدها القطاع، من حيث الاستثمار والبحث العلمي والتشغيل، والقدرة التصديرية للقطاع الدوائي المغربي. كما يرى القائمون على المهمة البرلمانية ذاتها أن الإنفاق العمومي الموجه لقطاع الصحة يظل دون مستوى الأثر الاجتماعي المطلوب، وقد طالب الحكومة باعتماد سياسة جريئة معززة بإجراءات قانونية، وأعمال تحسيسية من أجل توسيع دائرة استهلاك الأدوية الجنيسة، لما لذلك من مردودية مالية ولما يتيحه من إمكانيات ولوج شرائح واسعة من المجتمع إلى الأدوية، خاصة تلك ذات الأسعار الباهضة. وبعدما أكد التقرير على ضرورة تشديد الرقابة على الجودة لجعل مستهلكي واصفي الدواء يثقون بالدواء الجنيس، أوصى المكلفون بالمهمة بإعادة النظر في طريقة عرض نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، التابعة لوزارة الصحة، بمناسبة مناقشة الميزانية السنوية لوزارة الصحة، وذلك على النحو الذي يجعل البرلمان مطلعا على الموارد والإنفاقات الخاصة بهذه المؤسسات ويمكن المشرعين من تقييم إنجاز الإمكانيات المالية المتوفرة لهذه المؤسسات. "ينبغي تطبيق مبدأ الأفضلية الوطنية عند معالجة طلبات العرض في السوق الوطنية، خاصة عندما يتعلق الأمر بأدوية يصنع دواء جنيس لها بالمغرب" يورد واضعو التقرير الذين أكدوا أنه "ينبغي تعزيز آليات التفتيش وتمكينها من متخصصين في مختلف مجالات تدخلها، واعتماد آليات الرصد في ما يرجع إلى الجودة والسعر والتصدي للإشهار الكاذب"، كما طالبوا بمراجعة ملف تفتيش الصيدليات ليشمل مراقبة الأسعار، وتوقيف التسويق والإشهار والأمر بالسحب من السوق.